زاد الاردن الاخباري -
تقف صناعة النقل في طليعة التحول التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم، ومن المتوقع أن تعيد السيارات ذاتية القيادة كتابة التاريخ وتغيير مشهد النقل المعروف، لا سيما أنها تُساعد في تقليل الحوادث بشكل كبير، إضافة إلى تحسين نوعية الحياة للجميع.
واستحوذ على خيال المستهلكين الحلم المتمثل برؤية أساطيل من المركبات ذاتية القيادة تنقل الأشخاص بكفاءة إلى وجهاتهم من دون أي تدخل بشري، وأدى ذلك إلى استثمارات بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة.
وأحدثت المركبات ذاتية القيادة ثورة في وسائل النقل من خلال الاعتماد على التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار للتنقل على الطرق، إذ يُعد دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القيادة الذاتية أمرًا بالغ الأهمية لخلق مستقبل أكثر أمانًا واستدامة لصناعة النقل.
تقدم تكنولوجي
ومرت المركبات ذاتية القيادة بمراحل مختلفة من التطوير، بدءاً من مستوى الصفر، حيثُ لا توجد مشاركة لتقنية الذكاء الاصطناعي في السيارة، وصولاً إلى المستوى 5، حيث يمكن لنظام السيارة القيادة بشكل مستقل حتى في المناطق والظروف الأكثر صعوبة.
ومع التحرك نحو الأتمتة الكاملة، أصبحت فوائد السيارات ذاتية القيادة أكثر وضوحاً، فبعد انعدام الأتمتة، حيث كان السائق مسؤولاً عن التحكم في السيارة باستخدام مهاراته وحواسه في القيادة، انتقلت الصناعة إلى مرحلة أنظمة مساعدة السائق وتحديد سرعة السيارة وتوجيهها، لكن التحكم بقي في يد السائق البشري، وتشتمل هذه المرحلة عادةً على ميزات مثل نظام تثبيت السرعة النشط وأجهزة استشعار ركن السيارة.
واستمرت بعد ذلك عمليات التطور، ووصلت الصناعة إلى ما يعرف بالأتمتة الجزئية، حيث ازداد عدد الميزات المساعدة التي تقدمها السيارة، وأصبحت أنظمة مساعدة السائق المتقدمة تساعد على تجنب الاصطدامات المحتملة من خلال التحكم في نظام التوجيه والكبح.
وبقيت السيطرة البشرية، إلى أن طورت الصناعة مرحلة الأتمتة المشروطة حيث تتولى السيارات ذاتية القيادة السيطرة على نظام التحكم، لكن لا يزال بإمكان السائقين البشريين التدخل إذا لزم الأمر، أما في مرحلة الأتمتة العالية، ستظل السيارة قادرة إذا فشل البشر في التدخل، في الحفاظ على السلامة والتحكم في عجلة القيادة، والسرعة، وحتى مراقبة البيئة المحيطة..
أما الأتمتة الكاملة، فهي المرحلة التي ستصبح فيها السيارات بدون سائق، ويمكنها السير بشكل مستقل، وفحص البيئة المحيطة لضمان قيادة أكثر أماناً.
الذكاء الاصطناعي
ويهدف تطوير السيارات ذاتية القيادة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل احتمالية وقوع الحوادث، إذ تُشير الإحصاءات إلى أن 90% من حوادث الطرق تحدث بسبب أخطاء بشرية، كما أن السيارات ذاتية القيادة المزودة بالذكاء الاصطناعي ستكون قادرة أيضًا على الحفاظ على سلامة أجهزة السيارة لفترة أطول من خلال قيادة المركبات بشكل سلس وآمن، مما يمكن أن ينقذ أصحاب السيارات من المخالفات المرورية والغرامات وإصلاح الأعطال الناتجة عن القيادة العنيفة.
كما يمكن للركاب أن يستريحوا بينما يتولى نظام السيارة القيادة، وهو أمر مفيد أثناء رحلات العمل الطويلة، من هنا، يؤدي دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في السيارات إلى التقدم في مجال المركبات ذاتية القيادة؛ مما يجعلها أكثر أمانًا وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة وصديقة للبيئة.
تحديات وقيود
على الرغم من التقدم الكبير في تطوير المركبات ذاتية القيادة، لا تزال هناك تحديات وقيود مع تكامل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فلا بدّ من الإشارة إلى أن السلوك البشري غير المتوقع على الطرق يمثل تحديًا للمركبات ذاتية القيادة.
كما أن تكلفة دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المركبات مرتفعة؛ مما قد يجعل من الصعب على بعض شركات تصنيع السيارات الاستثمار في هذه التكنولوجيا، ويمكن أن تؤدي مخاطر الأمن السيبراني المرتبطة بدمج الذكاء الاصطناعي في القيادة الذاتية إلى مشكلات تتعلق بالسلامة إذا لم تتم معالجتها بشكل مناسب.
وهناك تحديات على صعيد التأمين، حيث إنه في عالم التحكم الذاتي لن يكون هناك شخص تسبب في الاصطدام، لذلك من سيكون المسؤول؟ هل السيارة ذاتية القيادة؟ وهل كان الراكب هو من شغل خدمة القيادة الذاتية؟ أم أنها الشركة المصنعة للسيارة؟.
ومن أجل إدارة مثل تلك المواقف، نحتاج إلى تغييرات تنظيمية على وثائق التأمين حتى تتمكن شركات التأمين من تغطية أنواع مختلفة من استخدام المركبات ذاتية القيادة.
وقد نحتاج أيضًا إلى إنشاء ممرات مخصصة للسيارات ذاتية القيادة خلال الفترة الانتقالية حيث ستكون السيارات التقليدية والسيارات ذاتية القيادة تسير جنباً إلى جنب على الطرق، وأيضًا تحديث خرائط الطرق بشكل آني ومد أنظمة السيارات ذاتية القيادة بهذه التحديثات.
ويمكن أن تكون السيارات ذاتية القيادة اختبارًا كبيرًا ليس فقط لشركات صناعة السيارات ولكن أيضًا للهيئات التنظيمية، بعد كل شيء، تحتاج الصناعة والجهات التنظيمية إلى العمل معًا وتحديث القوانين المعمول بها منذ عقود لتعكس التغييرات المرتبطة بالسيارات ذاتية القيادة، لكن تحقيق ذلك يتطلب عملاً مكثفًا ويتطلب وقتًا، ولكي نستفيد حقًا ونستعد للمستقبل، نحتاج إلى أن يتعاون الجميع لمتابعة الحلول.