إنزالات جوية إنسانية على غزة خطفت أضواء العالم، نفذها سلاح الجو الملكي الأردني، بمشاركة العديد من الدول، مثل مصر والإمارات وفرنسا وهولندا وغيرها. هدف الإنزالات إغاثة الفلسطينيين في غزة بالغذاء والدواء بشكل مباشر ودون أي قيود أو معيقات. تتكامل هذه الإنزالات مع شاحنات الإغاثة التي تدخل غزة من الأردن عبر معبر كرم أبو سالم، والتي تواجه قيودا من إسرائيليين يحاولون إعاقة دخولها. الإنزالات إنسانية تأتي من عدة دول متبرعة، وهي للفلسطينيين بصرف النظر عن انتمائهم السياسي لا تفرق بينهم، فهي نصرة لهم ولإنسانيتهم جراء الظلم الكبير والجوع والألم الذي يتعرضون له بسبب الدمار الهائل الذي حل بغزة بعد الحرب. أخذت هذه الإنزالات بعدا دوليا كبيرا مضاعفا بعد أن شارك بها جلالة الملك بذاته، وهو الطيار وقائد لواء العمليات الخاصة سابقا، فكان لمشاركته بعد رمزي ومعنوي كبير، رفع رؤوسنا جميعا وأرسل رسالة للمظلومين في غزة أن هاهنا ملك وشعب ودولة تقف معكم بكل ما تستطيع، توظف اتصالاتها وعلاقاتها الدولية ومعاهداتها من أجل نصرة الفلسطينيين وإغاثتهم، تحلق فوق الأجواء لتقول للفلسطينيين والعالم إن ما يجري ظلم يجب أن يتوقف.
البعد الإنساني للإنزالات أساسي ومفصلي، لكن ثمة أبعاد سياسية وعسكرية لا يجب أن تخطئها العين. أن يقوم الأردن بهذه الإنزالات معناه أنه وظف وخاض اشتباكا سياسيا ودبلوماسيا كثيفا مع العالم المؤثر فيما يجري في غزة، ولولا كم المصداقية الكبير الذي يحظى به لما تمكن من أن ينفذ هذه الإنزالات في منطقة حرب فيها عدة جيوش لها عمليات بجانب الجيش الإسرائيلي. كما أن مشاركة عدة دول عربية وأوروبية تعني أيضا ثقتها العالية بقدرة ومصداقية واحترافية الأردن للقيام بهذه العمليات الإغاثية المعقدة والخطرة. وعسكريا كذلك، فالمصداقية والاحترافية لجيشنا، ممثلا بسلاح الجو الملكي، أدت إلى أن يتم تنفيذ هذه العمليات وباحترافية عالية رغم خطورة المشهد العسكري في منطقة الإنزالات. جيشنا يحظى بمهابة عالية والحمد لله، فما بالك إذا ما شارك بعملياته قائده الأعلى جلالة الملك؛ مهابة جعلت الكافة يقدمون شهادات صادقة باحترافيته ومناقبيته العالية، لذا هو ثاني أكبر مساهم بمهام عمليات حفظ السلام الأممية في كافة أصقاع العالم.
الإنزالات عمل إنساني وعسكري احترافي رفيع ونبيل، ذو أبعاد سياسية ودبلوماسية مهمة، وهو أيضا ذو أبعاد رمزية ومعنوية عظيمة قالت للفلسطينيين إننا معكم ننتصر للحق ولرفع الظلم عنكم، والحق يقول إنكم لا بد وأن تحصلوا على دولتكم وكرامتكم الوطنية وتتخلصوا من الاحتلال الظالم واللاقانوني. وتقول الإنزالات للأردنيين، إنكم تستحقون أن تفاخروا الدنيا بأسرها بملككم وجيشكم ونخوتكم وعقلانيتكم واتزانكم، وأن ترفعوا رؤوسكم عاليا لأنكم أردنيون أهل عز وكرامة، وأن تردوا على الموتورين والمشككين والقادحين المليئين بالحقد والسواد، أن تردوا عليهم بحناجر قوية يملؤها الفخر والاعتزاز ببلادكم ومليككم.