زاد الاردن الاخباري -
خلال العقد الثاني من القرن العشرين، عاشت المكسيك على وقع حرب أهلية أسفرت عن مقتل ما يزيد عن مليوني شخص. وفي خضم هذه الحرب الأهلية التي لقبها البعض بالثورة المكسيكية، تمكن الجنرال فكتوريانو هويرتا (Victoriano Huerta) من الحصول على منصب الرئيس خلال العام 1913. وفي خضم هذه الأحداث، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية للتدخل بشؤون جارتها الجنوبية حيث رفضت واشنطن نظام هويرتا مفضلة دعم أحد معارضيه بالسلاح والمؤونة.
دعم أميركي
مع حصول الجنرال هويرتا على مقاليد الحكم بالمكسيك، لم تتردد واشنطن في دعم معارضه فينوستيانو كارانزا (Venustiano Carranza). وبفضل الدعم الأميركي، تمكن كارانزا عام 1914 من إزاحة هويرتا ليستفرد بالحكم. وبشكل سريع، تدهورت العلاقة بين كارانزا والرئيس الأميركي وودرو ولسن حيث اتهم البيت الأبيض بتلك الفترة كارانزا باعتماد نظام قمعي ودكتاتوري. وبدلا من كارانزا، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية هذه المرة لدعم متمرد آخر يدعى بانشو فيا (Pancho Villa).
وأملا في مواصلة القتال ضد نظام كارانزا، لم يتردد بانشو فيا، المولود لعائلة مزارعة وفقيرة عام 1878، في التحالف مع الثائر المكسيكي إيميليانو زاباتا (Emiliano Zapata) لتغوص بذلك المكسيك بدوامة عنف أسفرت عن سقوط مزيد من الضحايا وتهجير عدد كبير من المدنيين.
بالأشهر التالية، تحدث الرئيس الأميركي وودرو ولسن عام 1915 عن اعتماد نظام كارانزا لإصلاحات سياسية ديمقراطية. ومع ظهور بوادر تغير بسياسة كارانزا الداخلية، تخلت الولايات المتحدة الأميركية عن دعم بانشو فيا الذي استشاط غضبا وتوعد بالانتقام من الأميركيين.
مهاجمة بلدة كولومبوس
خلال شهر يناير 1916، باشر بانشو فيا بمهاجمة الرعايا الأميركيين بالمكسيك. فبتلك الفترة، أقدمت قوات الأخير على خطف 18 أميركيا بإحدى محطات القطار المكسيكية قبل أن تعدمهم في وقت لاحق. وبعدها بأشهر، شن بانشو فيا أشهر هجماته على الولايات المتحدة الأميركية. في يوم 9 آذار/مارس 1916، عبر المئات من جنود بانشو فيا الحدود الأميركية المكسيكية واتجهوا صوب بلدة كولومبوس (Columbus) الحدودية التابعة لولاية نيو مكسيكو الأميركية.
وهنالك، أقدم رجال بانشو فيا على قتل 19 أميركيا، كما عمدوا في الآن ذاته لإضرام النيران بقسم كبير من كولومبوس قبل أن يتراجعوا عبر الحدود ليعودوا أدراجهم نحو المكسيك.
أثار هجوم بانشو فيا حيرة المسؤولين الأميركيين بتلك الفترة. فبينما وصفه البعض بالعملية الانتقامية ضد واشنطن لتخليها عنه بالحرب الأهلية المكسيكية، تحدث البعض عن قيام بانشو فيا بهذا الهجوم بغية السطو والاستيلاء على مخزن مؤن وذخائر فيلق الفرسان الأميركي الثالث عشر. فحسب تقارير تلك الفترة، تمكن رجال بانشو فيا من سرقة 100 حصان إضافة لكميات هامة من الذخائر.
أمام هذا الوضع، كلف الرئيس الأميركي ولسن الجنرال جون بيرشينغ (John Pershing) بملاحقة بانشو فيا داخل الأراضي المكسيكية. وعقب حصوله على إذن من حكومة كارانزا، باشر الجنرال بيرشينغ، رفقة 6 آلاف جندي أميركي، عملية مطاردة بانشو فيا. وأثناء هذه الحملة العسكرية، استخدمت الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة بتاريخها الطائرات وشاحنات نقل الجنود.
على مدار أشهر، بحث الأميركيون عن بانشو فيا وفشلوا في العثور عليه. وفي الأثناء، خاضت القوات الأميركية العديد من المعارك ضد المكسيكيين الموالين لبانشو. ومطلع العام 1917، اضطر الجنرال بيرشيغ للانسحاب من المكسيك، دون أن يقبض على بانشو فيا، عقب مطالبة الحكومة المكسيكية بخروج القوات الأميركية من البلاد.
عقب إزاحة كارانزا من سدة الحكم عام 1920، وافق بانشو فيا على مغادرة الحياة السياسية المكسيكية. ويوم 20 تموز/يوليو 1923، اغتيل بانشو فيا من قبل مجهولين عقب إطلاق النار على سيارته أثناء زيارته لمدينة بارال (Parral). لاحقا، وجه عدد من المحققين المكسيكيين أصابع الاتهام نحو الرئيس ألفارو أوبريغون (Álvaro Obregón) مؤكدين على وقوفه وراء عملية تصفية بانشو فيا.