إن الملك عبدالله الثاني لا يكتفي بإتخاذ القرارات من العاصمة، بل يحرص بين الفينة والأخرى على تنظيم زيارات لمحافظات و أقاليم المملكة، حيث شكلت هذه الزيارات، خاصة في بداية حكمه، آلية من آليات تسيير الشؤون المحلية.
إن جلالة الملك هو صاحب السلطة الحقيقية، فهو الذي يعين كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، بمن فيهم المحافظين، في مختلف محافظات و أقاليم وجهات المملكة حسب المقتضيات الدستورية والعرفية.
ولعل هذا يميط اللثام عن الدور الحيوي والدافع للزيارات الملكية لمختلف محافظات و الأقاليم، التي كانت تخلق دينامية متواصلة نظرا للرابطة السياسية والإدارية التي تجمع بين الملك والمسؤولين في مختلف جهات المملكة. فهم قبل كل شيء ولاة وعمال جلالة الملك وممثلوه في ربوع المملكة.
وكانت إربد ،"عروس الشمال" حلقة جديدة من مسلسل الزيارات الملكية لمناطق المملكة حيث قام جلالة الملك عبدالله الثاني بعدة أنشطة يندرج أغلبها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
لذلك فإن الزيارة الملكية الحالية للأقاليم الثلاث تشكل حلقة أخرى في مسلسل لقاءات جلالة الملك برعاياه في هذه الربوع من الوطن الموحد، ودفعة جديدة لتنمية هذه الأقاليم وتأهيلها حتى تساهم في تكريس بناء أردن متراص وقوي بكافة أبنائه وجهاته”.
إن جلالة الملك، حسب المقتضيات الدستورية والعرفية، هو صاحب السلطة الحقيقية، فهو الذي يعين كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، بمن فيهم المحافظين ومدراء الألوية، في مختلف أقاليم وجهات المملكة. وبالتالي، فإن الزيارات الملكية لبعض الأقاليم غالبا ما تكون لتدشين بعض المشاريع، والإطلاع عن كثب على سير بعض المشاريع المنجزة فيها. فالملك لا يكتفي باتخاذ القرارات من العاصمة، بل يحرص بين الفينة والأخرى على تنظيم زيارات لبعض أقاليم المملكة. فقبل كل زيارة ملكية لمنطقة ما، عادة ما يتم إرسال قسم هام من الفرق الأمنية المختلفة إلى المنطقة أو الإقليم الذي سيزوره الملك لتدعيم الأجهزة الأمنية هناك، وتأمين كل الشروط الأمنية الخاصة بهذه الزيارة وهذا حق و واجب. كما يتم التهيىء لهذه الزيارة الملكية من خلال قيام بعض مستشاري جلالة الملك. بزيارة للإقليم للوقوف على حجم الإستعدادات والترتيبات المتعلقة بهذه الزيارة، وتحديد المشاريع التي سيدشنها جلالة الملك، والتنسيق مع ممثلي السلطة المحلية بهذا الشأن. وبالتالي، فقد أصبحت هذه الزيارات تشكل ضغطا على مختلف الأجهزة والسلطات المحلية للأقاليم، حيث تحرص هذه الأخيرة على أن تمر هذه الزيارة في أحسن الظروف، فتقوم بمضاعفة جهودها من إعادة تبليط الشوارع، وصباغة الممرات والطرق والأمكنة التي من المرجح أن يمر منها الموكب الملكي العامر.
فطبيعة النظام السياسي، التي تقوم على مركزية وشخصنة السلطة في شخص الملك، جعلت توقف زيارات الملك لمختلف المحافظات والأقاليم طيلة هذه الفترة يؤثر على تمثل ممثلي جلالة الملك لطبيعة أعمالهم وحركية وتيرتهم.
فالمحرك السياسي والإداري الذي كان يحفزهم، والمتمثل في إنتظار مقام الملك في إحدى المدن أو زيارة ملكية لتدشين مشاريع تنموية أو تفقد سير مشاريع في طور الإنجاز، كل ذلك كان يجعل ممثلي السلطة المحلية في ترقب دائم لمضاعفة الجهود تخوفا من غضبة ملكية محتملة. كما يبدو أن التأخر في تنزيل الحركية المرتقبة في صفوف المسؤولين أرخت بدورها على هذا الترقب، الذي ما زال ينعكس على عمل ممثلي جلالة الملك في مختلف أقاليم المملكة. وبالتالي، فإن الإسراع بتنزيل هذه الحركية، من خلال تعيين مسؤولين شباب مكونين ونزهاء وذوي تجربة في التسيير والإدارة المحلية والجهوية،
سيؤدي بلا شك إلى خلق دينامية جديدة داخل أوصال الوزارة الترابية بعدما أبانت هذه الأخيرة عن فعالية كبرى في مواجهة تداعيات الأحداث بربوع المملكة لا من الناحية الأمنية أو الضبطية أو الإدارية. لكن هذه الدينامية لا بد أن يواكبها تنظيم زيارات ملكية لبعض مدن وأقاليم المملكة لتفقد سير مشاريع تنموية والإطلاع على أحوال السكان، الذين تعودوا النظر إلى تنقلات جلالة الملك بين أقاليم المملكة كانعكاس لحيوية النظام، التي تذكر بأن قوة السلطان ليست فقط في تعدد حركاته، بل أيضا في كثرة محلاته. فالزيارات الملكية هي قبل كل شيء آلية من آليات التواصل السياسي المباشر بين الملك وشعبه، وتواصل إداري مباشر بينه وبين ممثليه المحليين.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي