ما الذي يمكن ان يفعله الإسرائيليون اكثر في قطاع غزة من ابادة ودمار، وتجويع، وقتل جماعي؟ هل تتصورون حربا اخرى اضافية في غزة، ام حربا نووية؟ وهذا كل ما تملكه اسرائيل العظمى من مجال للحركة واثبات الوجود. و حتى الان، فان حرب غزة لم تعد مجدية لتغيير سياسي.
وماذا لدى اسرائيل « المخفر « المتقدم لامريكا في الشرق الاوسط؟ و حديث الرئيس الامريكي عن ميناء غزة سرعان من كشف عن السر الغامض في حرب غزة. و كما يبدو فان امريكا ودول الغرب عاجزة عن اقناع وثني اسرائيل عن قرار منع فتح معبر رفح لدخول المساعدات الانسانية. و ما لا يقبله العقل والمنطق، فكيف اذن سوف توافق اسرائيل على حل الدولتين والقبول بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وخالية من الاستيطان. لم تفكر امريكا صدفة في الرصيف البحري.. ويبدو ان بايدن اخرجه من غرف الخرائط، وغرف التخطيط الامريكي لمستقبل الشرق الاوسط.
و كلمة السر الامريكية في حرب غزة هي الغاز، وامريكا تتطلع لوضع يدها على الغاز ومصادر الطاقة.
و في الشرق الاوسط، وبعد 2010 وما يسمى الربيع العربي، وضعت امريكا يدها على مصادر الطاقة في البلاد العربية من سورية والعراق الى لبيبا والسودان، واليمن، واليوم تجر الحرب الى غزة، ولتضع يدها على غاز المتوسط «حديث الاستكشاف».
و الحلول السياسية في سورية والعراق وليبيا ممنوعة من الصرف، ولكي تبقى واشنطن تستنزف وتنهب ثروات بلاد العرب.
و في المقابل تغذي امريكا حروبا اهلية و صراعات داخلية، وفتنا طائفية. والرئيس ترامب قال بصراحة : ان امريكا باقية في الشرق الاوسط من اجل السيطرة على النفط والطاقة.
نعم، إن أمن إسرائيل جزء من أمن أمريكا.. وهذه فقرة رئيسية في الاستراتجية الامريكية في الشرق الاوسط. و لكن في غمرة حرب غزة وبعدها، فقد نشأ وضع جديد لمعادلة مختلفة لوجود اسرائيل وحماية امريكا لامنها. ومن بعد احتلال العراق عام 2003، وبدأ الأمريكيون يفكرون في توظيف اسرائيل كقوة لتحقيق اهداف امريكا السياسية على مستوى ادارة صراعات الاقليم مع ايران وسورية، وحزب الله.
و كان عدوان تموز، والعدوان الاسرائيلي المتوالي على المقاومة ما بين غزة اعوام 2004 و2008 و2014، والعدوان الجاري.
و من بعد عدوان تموز، والهزيمة التي لحقت بجيش الاحتلال. فقد راجع الامريكان استراتيجيتهم قليلا، ودفعوا اسرائيل الى الغرف الخلفية. و من بدايات ازمة سورية ايدي اسرائيل امتدت الى الساحة السورية، وصواريخ الجيش الاسرائيلي لم تنقطع عن استهداف منشآت مدنية وعسكرية. و اظهرت اسرائيل دورا تكتيكيا في التدخل في الشأن السوري. اسرائيل لعبت دورا خلفيا وخبيثا في حروب امريكا في الشرق الاوسط.. وتدخلت في اشكال غير مباشرة في حروب الارهاب على الداعش وجماعة التكفيرين، ورغم انه في حرب الارهاب لم توجه اي دولة اقليمية او دولية دعوة لاسرائيل بان تتدخل في الحرب.
و كشفت وثائق مسربة عن وكالات استخباراتية ان داعش وليدة لاجهزة استخبارات عالمية، وان الموساد واسرائيل لعبوا دورا في دعمها وتمويلها، ومازالت وثائق حرب الارهاب تتسرب، وتفضح سترا مغطيا من فصول داعش، وكيف تم صناعتها في الاقليم ؟ ومن ميناء غزة الى مفاوضات وقف اطلاق النار. قوى المقاومة، وما يعرض عليها في غرف المفاوضات ليس سعيا الى حل سياسي، بل انها عروض لاستسلام ونهاية الحرب على الطريقة الامريكية. و امريكا تلعب في الوقت لتكمل سيطرتها على الغاز ومصادره في بحر غزة. والمقاومة معنية اليوم في استمرار حربها و استمرار خوضها حتى اخر مقاتل.