زاد الاردن الاخباري -
فيما تظهر أرقام رسمية وجود ما بين 4000 إلى 6000 طفل في الأردن مصابون بأمراض وراثية، تؤكد وزارة الصحة من جهتها استمرار جهودها في مكافحة انتشار الأمراض الوراثية والخلقية، حيث تم إدراجها في إستراتيجية الوزارة بهدف تعزيز جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وفقا لمدير مديرية الأمراض غير السارية في الوزارة الدكتور أنس المحتسب.
وقال المحتسب إن ما يعكس مدى التزام الأردن بالقضية تبنيه عدة برامج صحية وقائية، كالبرنامج الوطني للمسح الطبي لحديثي الولادة؛ للكشف المبكر عن عدة أمراض وراثية، كمرض الفينيل كيتون يوريا، ومرض التفوّل، ومرض قصور الغدة الخلقي، ما جعله من الرواد في المنطقة في هذا المجال.
وزاد بأن الإحصائيات المسجلة في وزارة الصحة تشير إلى وجود 385 مريضا مصاباً بمرض التليف الكيسي، و330 بمرض الفينيل كيتونيوريا، و1500 بمرض الثلاسيميا في الأردن.
ويرجع انتشار الأمراض الوراثية في الأردن إلى عوامل عدة، منها التأثيرات البيئية والوراثية، فضلا عن انتشار الزواج بين الأقارب، ما يزيد احتمالية توريث تلك الأمراض من الآباء إلى الأبناء.
وتابع أن هذه الأمراض تتباين في أعراضها وتأثيرها من التأثير البسيط إلى الشديد الذي يمكن أن يتسبب بإعاقة عقلية.
تجدر الإشارة إلى أن تشخيص تلك الأمراض وعلاجها في مراحلها المبكرة يلعب دورا حاسما في تقليل مخاطرها وتحسين نوعية حياة المصابين بها، ومن هنا، فإن توعية المواطن وتقديم الرعاية الصحية المناسبة يعدان أساسيين في جهود مكافحة انتشار الأمراض الوراثية وتخفيف آثارها على المجتمع بشكل عام.
من جهته، دعا استشاري الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم الدكتور محمد حسن الطراونة إلى وضع بروتوكول واضح لمرض الربو وللأعراض المشابهة له، في أقسام الطوارئ والمراكز الصحية في الدول العربية.
وقال الطراونة إن مرض الربو يعد مشكلة عالمية، خاصة في ظل انتشار الفيروسات التنفسية، مشيرا إلى أن المرض يزيد الإنفاق في القطاعات الصحية العربية، نظرا لتكلفته الكبيرة، من حيث الأدوية والبخاخات والإدخالات للمستشفيات، لذلك فإن وضع البروتوكول المذكور من شأنه القدرة على التشخيص المبكر وتحويل المرضى للعيادات المختصة، وبالتالي تخفيف تكلفة العلاج والأدوية.
وأكد أن علاج الربو يجب أن يتم بناء على خطة يضعها الطبيب المختص، حسب الأعراض وحالة المرض، لكن للأسف توجد لدينا مشكلة تشخيص حالات الربو أو عدم اكتشافها مبكرا، فالمريض يأتي أحيانا في مراحل متقدمة من المرض.
وكشف أن هناك نحو 250 مليون حالة ربو في العالم، ما يجعل الرقم مخيفا؛ حيث يصيب الربو الصغار والكبار، وهو مرض تنفسي مزمن يؤدي إلى انسداد أو تضيق القصبات الهوائية نتيجة التعرض لمحفزات، كروائح معينة، أو مواد كيماوية، أو غبار وأتربة، أو الفيروسات التنفسية.
ونوه بأن من أعراض مرض الربو، ضيق وصعوبة التنفس، وآلام الصدر، والسعال، وعندما تضيق القصبات من الممكن أن ينخفض الأكسجين، وحدوث صوت صفير في الصدر.
ولفت إلى أن أعراض الربو قد لا تحدث لسنوات، إلا أن احتمالية رجوعها واردة كونه مرضا مزمناً، وهو في الوقت ذاته قابل للسيطرة عليه والوقاية منه، في حال تم تشخيصه مبكرا عن طريق طبيب مختص في المجال، بعد إجراء الفحوصات اللازمة للمريض، وفي بعض الأحيان تكون هناك أمراض مرافقة للربو تجعل المرض غير مسيطر عليه، مثل الارتداد المعوي المريئي، والتهاب الجيوب الأنفية المزمن.
وأكد أن الإهمال والتأخر في تشخيص حالات الربو، أو عدم علاجها، من الممكن أن تنشأ عنه مضاعفات، منها تعرض المريض إلى هجمة ربو شديدة، قد تؤدي إلى نقص الأكسجين وانسداد القصبات الهوائية، والإدخال للعناية الحثيثة، وأحيانا الوفاة، مؤكدا أن العلم تقدم بشكل كبير في علاج هذا المرض.
وقال الطراونة: "نحتاج في الأردن إلى تطوير الرعاية التنفسية للمرضى نظرا لانتشار آفة التدخين بشكل كبير، وهو ما يخلق أعدادا كبيرة من المرضى الذين يعانون من مشكلات تنفسية، بالإضافة الى ما خلفته جائحة كورونا من مضاعفات.
يذكر أن الأمراض غير السارية (المزمنة)، هي أمراض لا تنتقل بالعدوى، ويصاب بها الشخص على مدى زمني طويل، ومن يصب بأحدها يكن لزاما عليه تلقي العالج مدى الحياة، وهي عديدة ومتنوعة، وتسبب ما يقرب من ثلاثة أرباع الوفيات في جميع أنحاء العالم، والأردن أحد البلدان الذي تتجاوز فيه نسبة الوفيات، نتيجة الإصابة بهذه الأمراض، المعدل العالمي.
وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن 78 في المائة من الوفيات بين الأردنيين، أي بواقع ثمان وفيات من كل عشر، تنجم عن هذه الأمراض، وأن الأردنيين يتقدمون بنسب التدخين بينما يتراجع العالم؛ إذ إن 42 في المائة من الأردنيين مدخنون وبمعدل إنفاق على السجائر يصل إلى 60 دينارا شهريا للمدخن الواحد.
ومما يقلق أيضا، وفقا لدراسة وطنية صحية، أن خمس الأردنيين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، والنصف مصاب بالسكري والسكري الكامن، وثلثاهم يعانون من زيادة الوزن والسمنة، وخمس آخر يعاني من ارتفاع الدهنيات، وحوالي 76 في المائة لا يشاركون في أي نشاط بدني.
وقالت الدراسة إن ثلث الأردنيين ممن هم في الفئة العمرية المنتجة (18 - 44 سنة) لديهم ثلاثة عوامل خطورة وأكثر، وتصل النسبة إلى الثلثين في الفئة العمرية (45–69 سنة)، وثلث العائلات لديها فرد يعاني من أحد الأمراض غير السارية.
وكانت أثرت جائحة كورونا على أغلب برامج الرعاية الصحية الأولية، غير أن البرنامج الوطني للمسح الطبي لحديثي الولادة للكشف عن 3 أمراض وراثية، حصل على استثناء خاص من الحكومة ومنظمات أممية صحية تحسبا من مضاعفات تلك الأمراض التي قد تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة العقلية.
ونتيجة لهذا الاستثناء، أجرى البرنامج فحوصات غطت 92 % من المواليد خلال فترة الجائحة الذين قارب عددهم 190 ألفا لأردنيين وأجانب، في حين قدرت وزارة الصحة عدد الأطفال المكتشفة إصابتهم بالأمراض الوراثية الشائعة بين 4000 و6000.
يشار إلى أن وزارة الصحة أعلنت منذ بداية جائحة كورونا أن المراكز الصحية تستقبل الأطفال حديثي الولادة لإجراء المسحة الوراثية التي تشمل جميع المواطنين والمقيمين واللاجئين والبعثات الدبلوماسية مجانا.
وحول أعراض الأمراض الوراثية الشائعة في الأردن، فهي لا تظهر عند المواليد الجدد، لذلك يجب فحص جميع الأطفال بصرف النظر عن جنسيتهم لاكتشاف الإصابة مبكرا، والتدخل السريع لمنع وفاة الطفل حديث الولادة أو إصابته بإعاقات عقلية.
ويشمل البرنامج الوطني للمسح الطبي لحديثي الولادة، وفقا لوزارة الصحة، إجراء فحوصات طبية مجانية للمواليد الجدد من عمر 4 - 14 يوما عن طريق أخذ نقطة دم من كعب رجل الطفل للكشف عن الأمراض الوراثية الثلاثة، وهي التفول (انيميما الفول)، ونقص الغدة الدرقية الوراثي الخلقي، والفينيل كيتونوريا الذي يصيب واحدا من كل عشرة آلاف شخص.
وفي الوقت الذي يرصد المسح الذي تجريه وزارة الصحة سنويا بين 20 و30 إصابة جديدة بمرض الفينيل كيتونوريا، بلغ إجمالي الإصابات بهذا المرض على مدار السنوات الثلاث الماضية 290 إصابة، إضافة الى 8855 إصابة بالتفول.
وتنتقل الأمراض الوراثية تنتقل من كلا الوالدين الى أبنائهما عن طريق أي خلل في جينات (كروموسومات) الأم أو الأب، والتي تدخل في تكوين الجنين في رحم أمه، فيولد الطفل مصابا بنقص في الهرمونات الأساسية لنمو وتطور الخلايا أو نقص أحد الأنزيمات (الخمائر) الرئيسية لتفكيك الحليب (غذاء الطفل) الى مواد سريعة الامتصاص والهضم كي ينمو الطفل ويتطور بالشكل السليم.
وتجري مديرية الأمراض غير السارية إحصائيات شهرية لأعداد الأطفال حديثي الولادة الذين تم عمل المسح الطبي لهم وحصر المشتبهة أو المؤكدة إصابتهم، حيث يتم متابعتهم وعلاجهم في عيادة استشارة الأمراض الوراثية في مركز صحي عمان الشامل.
وحول مرض التفول (حساسية الفول) الأكثر انتشارا بين الأمراض الوراثية في الأردن، فقد أدرجته وزارة الصحة في برنامج الفحص الطبي لحديثي الولادة للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية منذ العام 2012، بعدما أظهرت إحدى الدراسات الرسمية إصابة ثلاثة مواليد بالمرض من بين كل 100 من المواليد الذكور في العاصمة عمان وشمال المملكة.
ويعد التفول أحد الأمراض الوراثية الشائعة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وينتج عن عيب في نشاط إنزيم الجلوكوز 6 ديهايدروجيناز الذي يعد أساسيا لضمان فترة حياة طبيعية لكريات الدم الحمراء وحمايتها من التلف عند تعرضها لأطعمة أو أدوية معينة.
ومن أبرز أعراضه (التفول)؛ فقر الدم والاصفرار، إضافة إلى ارتفاع في درجة الحرارة، والتعب المستمر وصعوبة في التنفس، وتزايد نبضات القلب، وتحول لون البول إلى بني قاتم.
ويقدم البرنامج الوطني بطاقة إرشادية تعد جواز سفر لكل مصاب بالتفول يحملها طيلة حياته تعرفه بالمرض والأطعمة والأدوية التي يجب عليه تجنبها كي لا يعرض حياته للخطر.
وبالنسبة لنقص الغدة الدرقية، فهو مرض خلقي ينتج عن نقص أو عدم إفراز هرمون "ثايروكسين" الذي له أهمية كبيرة في التطور والنمو العقلي للطفل.
ويكتشف نحو 180 طفلاً سنويا في الاردن يعانون مرض نقص هرمون الغدة الدرقية الخلقي، يتم علاجهم مجانا ومدى الحياة على نفقة الحكومة.
أما مرض الفينيل الوراثي الناتج عن عجز الجسم عن القيام بعملية التمثيل الغذائي (الأيض)، فيؤدي إلى تراكم "فينيل ألانين" في الدماغ، كما يؤدي عدم اكتشافه مبكرا إلى حدوث تلف في المخ والجهاز العصبي، وظهور مضاعفات تشتمل على صعوبات في التعلم ومشاكل سلوكية وتخلف عقلي.
ونظرا للتكلفة المرتفعة لأسعار الحليب والطحين الخاص لمرضى الفينيل كيتونوريا، يتم توفيره للمصابين مجانا في عيادة الاستشارات الوراثية في مركز عمان الشامل مدى الحياة.
وتقدم مديرية الأمراض غير السارية كذلك خدمات المتابعة والعلاج لمرض الغدة الدرقية الخلقي من خلال إعطاء هرمون "ثايروكسين"، كما تقدم لمرضى التفول المشورة الطبية والبطاقة الإرشادية لتجنب انحلال الدم الحاد لهؤلاء المرضى.
يشار إلى أن "الصحة" استحدثت في العام 2008 سجلا آخر للتبليغ عن الأمراض الخلقية والوراثية.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية تودي الأمراض غير السارية بحياة نحو 41 مليون شخص سنوياً، أي ما يعادل 74 % من إجمالي جميع الوفيات في العالم.
ووفقا لملخص التقرير الوطني الأول عن مرضى التليف الكيسي في الأردن لعام 2022، تبين أن أعداد المرضى الذين تم حصرهم بلغ 385 منهم 136 في عمان، و100 في محافظة إربد، بينما توزع المرضى الباقون على محافظات المملكة.