انتهت اول امس الزيارة الـ6 لوزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن الى الشرق الاوسط. و قد زار بلينكن القاهرة، واجتمع في القاهرة بوزراء خارجية الاردن ومصر والسعودية وقطر والامارات.
وواجه بلينكن تعنتا اسرائيليا ازاء معركة رفح البرية. وموقف رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو بدا واضحا في الذهاب نحو عملية عسكرية واسعة في رفح. و في لقاء بلينكن بوزراء الخارجية العرب تركز البحث عن تصورات وافكار حول اليوم التالي لحرب غزة.
و بيد ان مناقشات بلينكن في تل ابيب لم تبلغ اي مستوى يذكر، وبقيت عالقة في مرحلة ما زال نتنياهو وقادة الحرب في تل ابيب مصرين على الاستمرار في الحرب، ومعركة رفح البرية.
لا اجابة لدى اسرائيل حول اليوم التالي، وسوى الايغال في القتل والابادة الجماعية. في واشنطن يدركون ان اليوم التالي لا يقرره العرب، ومهما بلغت الاتصالات والمشاورات الامريكية / العربية، ولكن كيف سيكون اليوم التالي؟ وفلسطينيا، دماؤهم كادت ان تذهب مع الرياح. ولولا اعتراض روسيا والصين في مجلس الامن على قرار امريكي لوقف اطلاق النار.
المندوب الصيني في مجلس الامن قال : ان مشروع القرار الامريكي يهدف الى شراء الوقت لصالح اسرائيل لارتكاب مزيد من جرائم القتل، وربط وقف اطلاق النار بشروط يعلم صاحب المشروع درجة صعوبة تحقيقها. فيصير التملص بداعي توافر الشروط صك براءة للقاتل، وذلك ما جاء على لسان المندوب الجزائري.
وزير الخارجية بلنكين سوق مشروع القرار الامريكي على اعتبار ان واشنطن قلقه على المدنيين الفلسطينيين الذين تجمعوا بمئات الاف كنازحين في رفح. و طلب بليكين من نتنياهو صرف النظر عن عملية رفح، ولكن رد نتنياهو كان فاصلا، وقال لبنكين : نحن نريد ان نقوم بالعملية بدعم امريكي، ولكننا مستعدون لفعل ذلك وحدنا اذ لم نحصل على دعمكم. و في مجلس الامن المندوب الروسي وصف المشروع الامريكي بانه منافق، ويهدف الى التلاعب بالرأي العام دون وقف اطلاق للنار. وطرح سؤالا للمرة المليار يتردد على مسامع امريكا والعالم.. لماذا لا تشعر واشنطن بان هناك مدنيين يقتلون ؟ هل سيعود بلينكين الى الشرق الاوسط ؟ زيارة وزير الخارجية الى الشرق الاوسط والقرار الامريكي في مجلس الامن محكوم بقلق انتخابي بحت، وخوف يتدحرج من خسارة بايدن لمعركة الرئاسة في مواجهة ترامب.
و ذلك امام شارع امريكي غاضب، وتشقق في الحزب الديمقراطي، وعلو اصوات حردانة وتدعو الى المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات.
و يبحث بلينكن عن «صك غفران» من جرائم حرب غزة.. وبراءة انتخابية امام الشارع الامريكي من فظاعة جرائم جيش الاحتلال في غزة، وبراءة من مشاركة امريكا ودعمها للجريمة.
و ما يخشاه بايدن وادارته ينهار امام خشبة نتنياهو.. عملية رفح البرية ليست جاهزة في مطبخ القرار العسكري الاسرائيلي، ونتنياهو يؤجل القرار كعربون ود في العلاقة الامريكية / الاسرائيلية.
و ان كان نتنياهو يصر اعلاميا على تنفيذ العملية البرية في رفح، ولكي يقدمها ورقة خلاص وحياة امام اليمين الاسرائيلي المتطرف.
من مصلحة نتنياهو اطالة عمر الحرب. ومعركة رفح الكفة الراجحة والورقة البيضاء في حرب غزة.
و تكرار التأكيد على خوضها، واستمرار الحديث عنها، وامساك عصا الحرب الى الخلف ما بين التردد والتراجع، فهل سوف يخوض نتنياهو معركة رفح أم لا ؟! بايدن يعلم ان علاقته مع نتنياهو صراع بقاء او موت.. فأيهما سوف يطيح بالاخر، ومن سوف يدفن الاخر نتنياهو ام بادين ؟!
ونتنياهو لا يمانع من فشل بايدن في الانتخابات وترجيح كفة ترامب، وذلك مع حرب لم تضع اوزارها، وحرب مفتوحة حتى اخر لحظة مناسبة لوقفها واغلاق ملفها.
حرب مفتوحة على الكذب والنفاق الامريكي.. وامريكا مشغولة في مأزق اسرائيل الاستراتيجي والعسكري، وكيف تكون النهاية والخلاص، وتوزع خسائر الحرب بعدالة، ويحفظ ماء وجه وكرامة تل ابيب؟
و تبحث واشنطن عن تصريف خسائر الحرب وتوزيعها على دول اقليمية حليفة وصديقة، وفتح خطوط و ابواب ومسارات التطبيع.. وهناك حديث عن صفقات اقليمية كبرى. دبلوماسية واشنطن تتوزع ما بين مستويات.. احدهما على الارض، واخرى فوق القبور الشاسعة، ودبلوماسية تحت الارض. امريكا تغرق في متاهتين : دبلوماسية وعسكرية. ويبدو ان الحل مفقود، ولا افق للحل، ومن مصلحة تل ابيب وواشنطن استمرار الحرب، وهي حرب من اجل الحرب، وحرب للخراب والدمار والابادة.