في السياسة الاردنية، طوفان الاقصى وحرب غزة فرضت كلاما جديدا عن اتفاقية وادي عربة.
و لاتفاقية وادي عربة معارضون تقليديون، ولكن زخم الحرب ووحشية العدوان، وانعدام الافق السياسي، وفشل المحاولات الدولية لاحتواء الحرب، واستمرار المجزرة والابادة في غزة ولد رأيا عاما اردنيا شبه مجمع على رفض اتفاقية وادي عربة ومطالب التجميد والالغاء. حقا، اي اسرائيل الان؟ وعندما وقع الاردن اتفاقية وادي عربة. نتنياهو وحاخامات اورشليم يتوعدون بتطهير ارض المعياد من سكانها، ويلقون قنبلة نووية لتحقيق حلم بن غورين وغولد مئير، وتهويد الضفة الغربية وافراغها من سكانها الاصليين، وفرض هجرة ونزوح قسري نحو الاردن « الضفة الشرقية «.
اسحق رابين حاول ان ينظر الى المستقبل والصراع العربي / الاسرائيلي بواقعية وعقلانية، وفي رصاصة المتطرف بيغال عامير تم وأد مشروعه وافكاره.
و في المخيال الشعبي الاسرائيلي تحول بيغال عامير الى بطل اسطوري، وقبره تحول الى مزار ويشبه قبور انبياء يهودا والتوراة.
و اليهودية، لربما هي الديانة الوحيدة اليوم ما زالت تنتج انبياء.. وهرتزل وبن غورين وشارون ونتنياهو، بن غفير، انهم يوضعون في مصاف انبياء اليهودية التوراتية. اسرائيل اليوم، وفي علاقتها مع محيطها الاقليمي تعيش تحت هلع « النص التوراتي».
و تصدر اصوات توراتية صاخبة تستحضر رؤية لاقامة دولة يهودية على كامل اراضي اسرائيل على ضفتي الاردن.
و اول امس على منصة « x « نشر ايفي كوهين خريطة لدولة اسرائيل على كامل اراضي فلسطين المحتلة.
و لا احد في اورشليم يعترض على الحلم نفسه، ووزير المالية الاسرائيلي هميتريتش، قال ان تحقيق هذا الحلم اصبح اليوم اكثر واقعية من اي وقت مضى. وعرض في مؤتمر عقد في باريس لجمعية صهيونية، وذلك قبل اندلاع حرب غزة صورة لخريطة تظهر دولة اسرائيل على كامل الاراضي الفلسطينية و»دولة فلسطينية» بديلة شرقي النهر.
منذ اندلاع حرب غزة، اسرائيل عبرت عن ازمتها الوجودية في تزخيم الاستيطان في الضفة، وفتح جبهات لحرب ضد لبنان، والتحريض الاقليمي ضد اليمن وسورية، وايران..و حاخامات اورشليم يستعيدون شهوة التوسع نحو الاردن، او ما يسمى في الادبيات السياسية « الحل الاردني «.
وهي» شهوة توراتية» غير منقطعة منذ توقيع اتفاقية وادي عربة، وتزداد صورتها الشيطانية، وتتحول الى مواقف رسمية واعلامية، وسياسة اسرائيلية يومية تمضي على الارض والواقع.
الغرائز العدوانية الاسرائيلية منفلتة.. وحتى واشنطن غير قادرة على لجمها.. وان كانت في حقيقة الامر اسرائيل تطوف في فلك المصالح الاستراتيجية الامريكية في حرب غزة وصراعات وحروب امريكا في الشرق الاوسط. و اليوم، اسرائيل اكثر من اي وقت مضى لا احد يردعها ويردها عن المضي في مخططها ومشروعها واشعال حرب اقليمية كبرى وحروب محلية واسعة النطاق سوى قياسها وتقديرها لقدرة الاطراف على المقاومة والردع.
ولاحظوا..منذ اندلاع حرب غزة العدوانية الاسرائيلية تتصاعد وتيرتها اكثر نحو جبهة الضفة الغربية، وهي اقل حصانة ومناعة من بقية الجبهات.. واستراتيجيا، اردنيا يقف على مسافة صفر من الضفة الغربية، وكلاهما الاردن والضفة الغربية جبهة واحدة.. وذلك بما يتوافق مع حدود ايدولوجيا «ارض اسرائيل «، وحدود التصعيد العدواني الاسرائيلي المفتوح على جبهة غزة.
اسرائيل، وقبل حرب غزة، حاخامات اورشليم ماذا يريدون غير كل فلسطين وكل الاردن.
و امريكا راعي عملية السلام، رأينا من حرب غزة.. كم انزلقت واشنطن بوضوح وعري في تبني نظرة نتنياهو واليمين المتطرف الى الصراع واطرافه اردنيا وفلسطينيا وعربيا، وفي اطار ما يخدم امن ومصالح اسرائيل.