ليس سيئاً ما حدث. للمرة الاولى «أمريكا» لا تستعمل حق النقض « الفيتو» في مجلس الامن ضد قرار يتعلق في اسرائيل. 36 الف شهيد، وعشرات الاف الشهداء تحت الركام والانقاض، ومليونا غزاوي يواجهون الموت من الجوع والتشريد. و الحرب دخلت شهرها السادس، ولن تتوقف عند الشهر السابع.
و لأنها حرب بدأت قبل 75 عاما واكثر. و ما من سجلات وارقام وبيانات تاريخية دقيقة تقدم لنا اعداد شهداء فلسطين، وكم قتل جيش الاحتلال وشرد واباد من فلسطينيين ؟! تاريخ الدم والشهادة الفلسطيني ممنوع من النشر والطباعة.. كم مسلسل ورواية فلسطينية طبعت وحررت في مكاتب بلندن وباريس، وشوهت فصولا من حقيقة الصراع مع اسرائيل.
و سياسو ومثقفو «القضية الفلسطينية» تبنوا نهجا وخطا برغاماتيا.. وسياسة الهدوء والمراوغة والتأقلم والتكيف السياسي مع الابادة والقتل الاسرائيلي الذي بدأ بالتقسيط وينتهي بالجملة، وذلك باسم التعايش الانساني وفرص السلام والحل السلمي.
و أول امس نتنياهو خسر واحدة من اوراق الضمانة الامريكية، والموقف الامريكي المطلق الرافض لاصدار اي قرار في مجلس الامن والامم المتحدة يمس اسرائيل. و مجلس الامن وثق لاول مرة في تاريخه قرارا يدعو الى وقف العدوان السافر والمستمر على الابرياء والحرب في غزة. و في شهرين من حرب غزة، خسرت اسرائيل جولات في المجتمع الدولي وامام الرأي العام الدولي.
و هي نفسها واشنطن لم تستطع كبح جماح جنوب افريقا ومنعها من تقديم دعوى ضد اسرائيل امام محكمة العدل الدولية.
وفيما وقفت دول عربية متفرجة، فان جنوب أفريقيا نزعت وحملت لواء «القضية الفلسطينية» رسميا امام العالم. و انفردت امريكا بموقف مضاد للعدالة الاممية، وعندما رأت ان عدوان اسرائيل على غزة دفاع عن النفس وعمل عسكري مقبول ومشروع. من بداية اندلاع حرب غزة امريكا شحنت كل حمولتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية الى اسرائيل، واربع مرات اشهرت قرار الفيتو ضد قرارات تدعو لوقف اطلاق النار. و نتنياهو سخر من قرار مجلس الامن، ومنع وفدا اسرائيليا من زيارة واشنطن لاكمال المفاوضات حول ملف تبادل الاسرى.
و امريكا استخفت في قرار مجلس الامن الداعي الى وقف اطلاق النار.. ومندوبة امريكا في مجلس الامن قالت : ان القرار غير ملزم.
و امريكا في جولات وزير الخارجية في الشرق الاوسط منذ اندلاع حرب غزة فشلت في اقناع نتنياهو بوقف النار خلال شهر رمضان.
وفيما ننتظر من سؤال بعد قرار مجلس الامن. اين اسرائيل من دون امريكا ؟ وفيما يتوقع ان ثمة هدوءا وانقلابا بطيئا في علاقة واشنطن مع تل ابيب. و ان ثمة رأيا وموقفا يصعد في اروقة القرار الامريكي يحذر من سياسة نتنياهو وما تتعرض مصالح امريكا الاستراتيجة في الشرق الاوسط الى خطر. وحتما، سوف نسمع عن سقوط ملك من ملوك التوارة ويهودا « نتنياهو»، وليس سقوط وهزيمة اسرائيل !
وهل من احد يعلم من سوف يقتل نتنياهو ؟ واين سيقتل نتنياهو ؟ واين سوف ترمى جثة نتنياهو ؟ باي مستنفع ومقبرة افاع وكلاب ضالة؟! و ذات يوم سوف نسأل اين جثة نتنياهو ومن قتله؟ حرب غزة بلغت حدا في نصاب الدم والموت والابادة.
و لربما، ان نصاب الدم الغزاوي الفائض والطائف في بحر غزة ايقظ ضمائر العالم واوصل رسالة الى جنوب افريقا واستنهض مندوب موزنبيق للرد على الموقف القائل ان قرار مجلس الامن غير ملزم.