مع اقتراب دخول المقتلة الصهيونية الدائرة على الفلسطينيين في قطاع غزة لم يتزحزح موقف الاردن قيادة ودبلوماسية تجاه ما يعانيه الاهل في الضفة والقطاع على حد سواء، ولم يتراجع لوهلة عن كلمة قالها في مجريات الأحداث هناك، كما لم يغير او تحيد بوصلته او تضعف همته في سبيل نصرة اشرف قضية على وجه الكرة الأرضية.
في الوقت الذي كان يقف الاردن وحيدا في مواجهة وانتقاد وتحذير من الممارسات الصهيونية الدينية المتطرفة في الضفة الغربية، وارتفاع حدة الصوت وجرأة الفعل في الاعتداءات المتكررة على المقدسات في الحرم القدسي، والاعلان الوقح من قبل وزراء في اكثر حكومات الدولة المزعومة تطرفا عن نيتها تقسيمه مكانيا وزمانيا للحرم القدسي، مع تهديدات تصريحا وتلميحا للوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية هناك، كان الملك عبد الله الثاني يحذر من العواقب التي لا تطيقها المنطقة وسيكون لها امتداد عالمي ـ عدا عن نية هذا العدو الغاشم لتهجير اهل الضفة والقطاع على اعتبار أن العالم على مقاس رغباتهم يسير.
وهذا ما حدث بالفعل، وخلال ما يقارب الستة أشهر كان الملك يجوب خلالها العواصم العربية والعالمية محذرا من مغبات وتبعات هذه الحرب الشعواء والابادة الإنسانية المقصودة في القطاع، عدا عن الاعتداءات المتواصلة لقطعان المستوطنين في الضفة على اراضي اهلها، وتؤازره دبلوماسية الاردن التي لم تتراخ يوما او تُظهر مللا من جوبها الدول وعواصمها اما للتحذير مما سيحدث او لتقديم مشاريع حل لمثل هذه الأزمة التي تحولت إلى الإنسانية بامتياز بعد مثلث القتل ( الاستهداف والمجاعة والاوبئة).
كسر الاردن الحواجز الدبلوماسية خاصة الغربية الموالية للعدو الصهيوني وقال بأعلى الصوت لا تهجير للفلسطينيين، ولا احد يمكن أن يحرمهم حقهم في ارضهم واقامة دولتهم المستقلة عليها، ليأتي دور تدمير البنى التحتية في القطاع خاصة الصحية فيقوم بكسر كل قيود هذا العدو الفاشي وينشأ بالاضافة إلى المستشفى الميداني في تل الهوى شمال القطاع، اخر في جنوبه في خان يونس، إلى أن جاءت حرب المجاعة التي فرضتها هيمنة آلة الحرب الصهيوامريكية ويحطمها من خلال قيام الاردن بانزالات جوية لمواد طبية واغذية على قدر المستطاع.
كل هذا وكان الاردن وحده في المشهد، مع محاولات ليس فقط لاخفاء هذا الدول مع العلم أن القيادة الاردنية لا تبحث عن هذا النوع من المجد الزائل، بل تجاوز الامر إلى تشويه آليات دعمه لاخوته في فلسطين، إلى أن جاء اليوم الذي تستعين به دول كبرى او على الاقل تخطو خطواته في عمليات انزال لكن للاسف ليست ناجحة في المطلق، ليس ذلك فحسب بل تبنت الخطاب الرسمي الاردني وتنادت به بعد أن ضعطت شعوبها ومواطنوها على حكوماتها.
وخلال هذه الفترة لم ينقطع تواصل القيادة مع شخصيات مقدسية اسلامية ومسيحية، وكان اخرها امس الاول مجددا العهد على عدم تخلى الاردن عن فلسطين بعدها التاريخي والاجتماعي والجغرافي والانساني، لتبادله هذه الشخصيات الهدف وتجدد معه العهد على الوصايا التي لا تقبل الا من الاردن.
كما يُقال دائما «شعب واحد لا شعبين»، وهذا ما يستند عليه الاردن قولا وفعلا مدفوعا بقيمه الدينية والانسانية والاجتماعية، هو لا ينتظر ردت فعل الدول الكبرى ليكون له رأي، فهو صاحب القول والفعل، وكل من اراد التشويش على هذا الامر لا يلقى سوى حائط سد من فولاذ لا يمكن حتى نقره.
لقاء أمس الأول موجه بالاساس لقادة نازية العدو الصهيوني تحديدا والعالم اجمع، لا يتخلى بعض عن بعض فنحن كل واحد غير قابل للتجزئة او التقسيم او بث بذور الفتة بين شعبينا، ولن تكون القيادة الاردنية يوما سائرة بعكس شعبها فهي جزء منه، ولن تكون المقدسات الا تحت الوصاية الهاشمية إن شاء الله.