بقلم: الدكتور أحمد الحايك - لا شك بأن الشارع الأردني يغلي مما يشاهد ويسمع من اخبار عن المذابح والمجازر التي ترتكب بحق أهلنا في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل الصهاينة المتوحشين المتعجرفين الذين يستخدمون أعتى أنواع الأسلحة والمتفجرات بحق الأطفال والنساء والشيوخ والشباب واستشهاد وجرح أكثر من مائة ألف فلسطيني،ومائة الف مفقود والدمار الهائل الذي لحق بالقطاع حتى الأشجار والحجارة لم يتركوها وحالها. فقطعوا الأشجار ودمروا البيوت على رؤوس ساكنيها وجرفوا الشوارع وهدموا المدارس والجامعات والمستشفيات. ونكلوا بالمرضى وهم على أسرة الشفاء ناهيك عن سلوكهم الإجرامي الذي تجلى ضد الأطباء، والأطقم الطبية مع دخول المستشفيات، وانتهكوا اعراض النساء. ونكلوا بالمعتقلين وأذاقوهم اشد العذاب. وجوعوا الأطفال وحرموهم من حنان ابائهم وامهاتهم ورملوا النساء وحرموا الأمهات من ابنائهن. وقتلوا الفرحة في نفوس الغزيين جميعا.ونهبوا وسرقوا بيوتهم وأموالهم.واغتالوا طواقم الإغاثة الإنسانية،واستهدفوا المؤسسات الأممية،وغير ذلك من جرائم الحرب الموصوفة.ولكن وبعد اكثر من مائة وثمانون يوما على بدء العدوان، ورغم كل التدمير والمذابح فشل هذا العدو فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهدافه، وفي كسر المقاومة وإرادتها،والتي ما زالت تقوم بأداء بطولي فعَّال.
نحن في الأردن لا ينفصل موقف الحكومة عن موقف الشعب. فالحكومة متفقة تماما مع الشعب بأن ما يحصل من مجازر لأهلنا في غزة أمر لا يطاق ولا تستوعبه العقلية البشرية على الاطلاق. ومدان بأشد العبارات. كيف لا والشعب الأردني تربطه بأهلنا في فلسطين رابطة الدم والقربى والنسب. والأردن يكاد يكون الرافد الأول لفلسطين ونكاد نستطيع القول ان الرئة الوحيدة التي يتنفس منها الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة هي الأردن. كلنا شاهدنا الانزال الجوي الذي قام به الأردن على غزة وشارك فيه جلالة الملك عبدالله الثاني وابنائه رغم كل المخاطر . والغزيين جميعا أشادوا بالمواقف العظيمة التي يقوم بها جلالة الملك والحكومة الأردنية في وقف هذا العدوان الغاشم على ابنائنا واهلنا في غزة. والجهود الدبلوماسية الضاغطة التي يقوم بها الأردن من اجل الوقف الفوري لهذه الحرب المدمرة على غزة والسماح بادخال المساعدات الانسانية لهم، والتحم الشارع الأردني مع موقف جلالة الملك والحكومة الأردنية. وهذا كان ردا قويا وصفعة في وجه المشككين لمواقنا اتجاه ابناء جلدتنا في فلسطين. نحن نعلم المواقف المشرفة للهاشميين اتجاه قضايا امتهم. واخص بالذكر القضية الفلسطينية التي هي قضية الأردن الأولى. التي لم يدع جلالته منبرا من منابر العالم الا وتحدث عن هذه القضية، ونبه تكرارا بأن الوضع في المنطقة على صفيح ساخن، وقد ينفجر في أي لحظة. نحن في الأردن مستهدفون، ويجب التنبه الى ذلك فهذا العدو ليس له مبدأ، ولا يحفظ العهود والوعود، والاتفاقيات. والقانون الدولي بالنسبة له ملغى وملقى في سلة القمامة او من خلف ظهره. علينا ان نكون يقظين من المندسين ومروجي الاشاعات المغرضة ضد هذا الوطن وقيادته . وعلينا تحصين الجبهة الداخلية من الحاقدين ومن كل ما يمس البلاد بسوء. وحمايتها من كل مظاهر إثارة الفتنة أو أحداث تهدد السلم المجتمعي، أو تلحق الضرر بأمن الوطن واستقراره، أو تحاول التشكيك في جهود الأردن لدعم الأشقاء في قطاع غزة، وعدم تجاوز الخطوط الحمراء ولنعلم جيدا ونحن نقف ونتظاهر ضد العدوان الغاشم على ابناء شعبنا في غزة. بأن تعبيرنا الحضاري ضد هذا العدوان هو الذي سيحفظ لنا وطننا من المندسين والمفسدين في الأرض. فنحن والحمدلله ليست دولة قمعية بل دولة ديمقراطية يطغى عليها الصفح والتسامح، ولا يوجد فجوة بين السلطة والجماهير، والعقد الاجتماعي قائم بينهما. ولنعلم جميعا ان اسلوب التعبير عن هذا الغضب الشعبي لا يكون بالتكسير والتخريب واشعال النيران والقاء الحجارة على المركبات بالطرق العامة واطلاق هتافات معادية للوطن ورموزه . ولا بالتطاول على هيبة الدولة التي يصب في مصلحة الأعداء والانغلاقيين، ولا بالاعتداء على رجال الأمن الذين تنفطر قلوبهم كباقي افراد الشعب الاردني على ما يجري على أرض غزة. فهم بشر ككل البشر ولكن وظيفتهم المحافظة على أمن الوطن والمواطن من العبث به وبممتلكاته. ووجب علينا ان نجلسهم بوقار في قلب ووجدان الأردنيين جميعا من شتى الأصول والمنابت. لنكن متنبيهين تماما، ومما لا ريب فيه بأن هذا العدو يتربص بنا وينتظر ان يعم العنف والفوضى في بلادنا. ولا نريد ان يخرج الوضع عن السياق الاجتماعي والسياسي، علينا ان نحافظ على بلادنا. خصوصا وأن المنطقة تمر بظروف سيئة، ولا نسمح لأصحاب النوايا السيئة وهم قلة قليلة التواجد بيننا. وزعزعة استقرار الأردن وادخاله في متاهات لا يخرج منها. ولا بد من الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم السماح لاي فئة ببث جذور الفتنة والانقسام بين ابناء الشعب الواحد ، نجدد اعتزازنا بالأجهزة الأمنية التي عكست صورة حضاريةعلى مدى الايام الماضية، مما يدل على مستوى الادراك والوعي والانضباط الذي يتحلى به عناصرها، وأن الأردن سيبقى واحة أمن وأمان تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة نسأل الله ان يحفظ قيادتنا الهاشمية وأن يجنبنا شرور الفتنة ومثيرها.