زاد الاردن الاخباري -
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الحرب الإسرائيلية على غزة ولّدت فوضى عالمية جديدة. واستدلت الصحيفة على ذلك بمشاهد انفجار القنابل الأمريكية في سماء غزة التي ترافقت مع صور لمظلات أمريكية تسقط مساعدات إنسانية على الأحياء المجاورة في القطاع.
وأشارت إلى أن هذه المشاهد من شأنها أن تشكل غلافاً مثالياً لكتاب عن حجم الفوضى العالمية التي ولدتها الحرب. وأضافت الصحيفة في تقرير أعده المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور أن "القوى العظمى تتنافس أو تتعايش معا أو تواجه بعضها البعض في جميع أنحاء المنطقة، لكن أيا منها لم يعد قادرا على فرض نموذجه على النظام العالمي بعد الآن". ونقل التقرير ما كتبه الصحفي جريج كارلستروم مؤخراً في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية: "إنه علينا أن ننسى الحديث عن الأحادية القطبية أو التعددية القطبية لقد باتت منطقة الشرق الأوسط منطقة غير أحادية أو ثنائية الأقطاب، لا أحد مسؤول عنها هنا". وتابع: "تعتقد إيران أن الولايات المتحدة أقرب إلى الخروج من العراق أكثر من أي وقت مضى خلال العقدين الماضيين". وتعتقد إيران وفق التقرير أن "الحرب في غزة ستؤدي إلى إحداث تحول في النظام الظالم الذي يحكم العالم". وأضاف التقرير: "وعلى النقيض من ذلك، تعهد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في التاسع من تشرن الأول/ أكتوبر الماضي، بأن المنطقة سوف تتغير لصالح إسرائيل". وقال نتنياهو: "ما سنفعله بأعدائنا في الأيام المقبلة سيتردد صداه معهم لأجيال عديدة". وتابعت الصحيفة: "بعد مرور ستة أشهر، لا أحد يصدق أنهم جميعا خسروا، ووسط هذه التقييمات المتضاربة، فإن الصين وروسيا ليستا متفرجتين على المشهد بل إنهما لا تحركان ساكنا لتخفيف الانزعاج الأمريكي". ونقلت ما ذكره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي ألقى باللوم في حدوث هذه الفوضى على الطريقة التي اتبعتها الولايات المتحدة في التعامل مع إسرائيل والفلسطينيين. وأضاف لافروف أن "سياسة واشنطن المتمثلة في احتكار الوساطة وتقويض الإطار القانوني الدولي للتسوية هي التي أدت إلى التصعيد الحالي". ورأت الصحيفة أنه تم استغلال الدعم الأمريكي لإسرائيل في حربها على غزة باعتباره فرصة ذهبية لإعادة تأهيل روسيا بعد حربها في أوكرانيا. واعتبر التقرير أن الدرس المستفاد من غزة بالنسبة للقوى الناشئة، هو أن الوقت قد حان لانضمام أصوات جديدة إلى "طاولة الكبار". وأوردت تصريحات فيليبي ناصر، أحد كبار المستشارين في وزارة الخارجية البرازيلية والتي قال فيها، إن "هذه الحرب البشعة تتحدث عن مشكلة أكبر وهي الافتقار إلى إصلاح مؤسسات الحكم العالمية، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي في المقام الأول". وأضاف ناصر أن "هذه هي نقطة الالتقاء عبر الجنوب العالمي. إنهم يشعرون أن النظام الدولي غير متماثل إلى حد كبير ويضر بمصالحهم حيث يظهر استخدام الفيتو الأمريكي ثلاث مرات مدى انحدار هذه القواعد". وكذلك فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي تحدث عن أزمة مماثلة حين قال، إن "النظام الدولي الحالي، الخالي من المفاهيم الأساسية مثل التضامن والعدالة والثقة، لا يمكنه حتى الوفاء بالحد الأدنى من مسؤولياته".
كما وصفت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، غزة بأنها المظهر الأخير للصراع ضد الاستعمار والإمبريالية، وذهبت إلى محكمة العدل الدولية لإثبات وجهة نظرها. وشددت الصحيفة البريطانية على أنه وفي مواجهة هذا الوابل من التهم فإن "الدبلوماسية الأمريكية لا تتمتع حاليا بأفضل أوقاتها، حيث يظهر ذلك جليا كل يوم في عجزها عن السيطرة على الأحداث، فهي تخوض حرباً لم تكن تتوقعها، في منطقة كانت تسعى إلى تركها خلفها ، دفاعاً عن حليفٍ يرفض أن يفعل ما يطلب منه". وأردفت أنه "كلما طال أمد الصراع الذي كان قليلون يتوقعون أن يستمر لستة أشهر كلما زاد الضغط على الدبلوماسية الأمريكية من أجل الصمود في وجه الضغوط المتضاربة". ورأت أن الدبلوماسية الأمريكية عانت من الهزيمة تلو الهزيمة ففي 27 أكتوبر/ تشرين الأول، أيدت 121 دولة في الجمعية العامة وقف إطلاق النار الإنساني الفوري في غزة مع تصويت 14 دولة ضد القرار وامتناع 44 دولة عن التصويت.
وبينت "الغارديان" أن بايدن أخطأ في قراءة كيف تغير المجتمع الإسرائيلي على مدى العقدين الماضيين، وفي استغلال أفضل السبل للتأثير على رد فعل نتنياهو على هجمات حماس. وقالت إن "بايدن لم يتوقع ما كانت حكومة الحرب بزعامة نتنياهو على استعداد للقيام به لإزالة الصدمة التي لم تتطلب الانتقام فحسب، بل تغييرا لا رجعة فيه وغير واضح المعالم في العلاقة مع الفلسطينيين، حتى يصبح من الممكن ضمان قضية أمن إسرائيل إلى الأبد". ورأت الصحيفة أن الأمر استغرق في عهد بايدن، وقتا طويلا للغاية لقبول أن المصالح الإسرائيلية والأمريكية في غزة ليست متوافقة بشكل أساسي. وتابعت: "لقد كانت المطالب الأمريكية، من وجهة نظر الأمريكيين بسيطة فقد أيدت فكرة القضاء على حماس كقوة سياسية وعسكرية، لكنها أرادت أن يتم ذلك بشكل جراحي، وهو أمر قال الجيش الإسرائيلي إنه مستحيل". وذكرت الصحيفة أن "إدارة بايدن أرادت فهماً واضحاً بأن أمن إسرائيل المستقبلي يأتي من خلال رعاية شريك فلسطيني للسلام، وأن ذلك يتطلب خطة مفصلة، وهو أمر تجنبه نتنياهو، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تقسيم ائتلافه".