ليس مفاجئا خبر مذكرة صحيفة نيويورك تايمز، وإجبار الصحفيين بتجنب استخدام كلمات «الابادة الجماعية والتطهير العرقي والاراضي المحتلة «.
وكما جاء في المذكرة التوجه لعدم استخدام كلمة فلسطين الا في حالات نادرة، والابتعاد عن استخدام مصطلح مخيمات اللاجئين، وذلك لوصف مناطق غزة التي استوطنها تاريخيا فلسطينيون مشردون، وفروا من اجزاء محتلة من فلسطين خلال الحروب العربية / الاسرائيلية. و لا تحتاج ان تهزأ عندما يقول محررو المذكرة، وهما سوزان ويسلبيغ والمحررة الدولية «فليبيب بان» انها كتبت للحفاظ على المبادئ الصحفية الموضوعية في الابلاغ والنشر في اخبار حرب غزة. المذكرة عممت على الصحف والمواقع الاخبارية ووسائل الاعلام الامريكية.. وتستحوذ على سلطة اعتبارية في الرقابة والاشراف على النشر الاعلامي الامريكي في حرب غزة والصراع الفلسطيني / الاسرائيلي.
ليس غريبا هذا النمط من الارهاب الاعلامي الامريكي، وهو وليد سلالة اعلام تقليدي. وفي ظاهره توجيهات وارشادات اعلامية لنشر اخبار حرب غزة، ولكن جذوره وبواعثه ايدولوجية، ولأن يحقب العالم والتاريخ وحروبه وصراعاته وفقا للعقيدة الامريكية والصهيونية المسيحية، وهي الطاغية والمسيطرة على الاعلام والرأي العام الغربي. هذه المذكرة اشبه ما تكون حررت وطبعت في «تل ابيب «، وحررها بن غفير وسموتريش، وليبرمان.
ومن بداية طوفان الاقصى، وهذه الطرح الامريكي الصهيوني في الاعلام يبث في العالم كله، وهناك من يقتادون عربا وعجما وراء المعايير والشروط الامريكية عن بعد في النشر والتحرير الاعلامي لحرب غزة والقضية الفلسطينية.
و الاطروحة الامريكية تقسم العالم الى فئتين : مع امريكا او ضدها، وبمعنى ادق مع امريكا واسرائيل او ضدها.
و ما من هامش او مساحة بين هذه الثنائية ونقائضها، واذا ما كانت مقدمة لحروب وغزوات امريكا في العالم.
و في حرب اوكرانيا، رأينا كيف روجت واشنطن والناتو الى مشروعية الحرب، وشيطنة روسيا من صميم افكار وتصورات مسبقة، بيضاء وسوداء. و في لحظة، وانت تتابع تغطيات اعلامية عربية لحرب اوكرانيا تتفاجأ وتصدم من هول الترهيب الاعلامي الامريكي، وقد وصل الى غرف التحرير في اذاعات وصحف ومواقع اخبارية، وتلفزيونات عربية.
و يجري تحوير وقلب وتموية الاخبار والتقارير والتغطية الاعلامية وفقا لمعايير الرواية الامريكية للحرب..
وكما جاءت الرواية الامريكية في حرب غزة، وتم ترويجها في الاعلام الغربي والعالمي. فلا ينجو من فلسفة امريكا الاعلامية الا فرقة واحدة، ومن تزعم احتكار الحقيقة والصواب، واما بقية الفرق السبعين، فهي في الجحيم. حرية الاعلام كذبة امريكية وغربية، واياكم من تصديقها ! امريكا في حرب غزة تتبنى اطروحات لتصفية الوجود الفلسطيني، واعلان انقراض وموت الحق الفلسطيني في الحياة والوجود، والهوية.
و لذا فهم يسعون جاهدين الى طمس الابادة الجماعية الاسرائيلية، واطلال حرب غزة والماسي الكبرى، ومنع وحظر نشرها، ولكي لا تتسرب الى الذاكرة والوعي الانساني.
فمن يتصور ان الابادة والانقراض حسية وعسكرية فقط، يتجاهل ويجهل البعد الرمزي للاعلام والتضليل والبروغاندا، والكذب والخداع، وطمس الحقيقة، وتمويه الوعي، ومحو الذاكرة الوطنية.