كان من الواضح أن مشروع اجلاء وترحيل الشعب الفلسطيني عن ما تبقى من فلسطين الذي تجدد مع بداية العدوان على قطاع غزة بعد عملية السابع من أكتوبر قد أخذ يعني في جملة ما يعنيه ولادة نظام دولي جديد في منطقة الشرق الأوسط تحل فيه دولة الاحتلال الصهيوني مكان دولة ونفوذ الإمبراطورية الأمريكية في السيطرة والتحكم بدول وشعوب المنطقة وبالتالي إلغاء سايكس بيكو القديم الذي حول الجماعة الصهيونية الغربية من جماعة وظيفية تمارس الدعارة والقمار والربا بين الشعوب الأوروبية إلى دولة وظيفية تمارس الحرب والعدوان على شعوب العالم لصالح الغير ويعني كذلك انهاء وجود دول الشرق الأوسط ومنظماته وتجمعاته الاقتصادية والاجتماعية وذلك بعد ثلاثة حروب كبرى لم تحدث بعد أو حرب كبرى شاملة على ثلاثة جبهات متصلة ببعضها البعض لم تحدث بعد أيضا وهي جبهة قطاع غزة في الغرب والجبهة الأردنية في الشرق والجبهة السورية في الشمال.
علما أن دولة الاحتلال لا زالت غير جاهزة وغير مستعدة لتحمل تكلفة انتصار في حرب شاملة على قطاع غزة لوحدها. لذلك ونظرا لهذا الواقع يجب ان يقتنع الجميع أن مشروع إلاجلاء والترحيل الذي مازال مواكبا لاستمرار العدوان على قطاع غزة قد اصبح خلف ظهورنا وقد سقط وانتهى إلى الأبد وذلك ليس بفعل الدبلوماسية العاجزة التي تمارسها السلطة الفلسطينية الضعيفة في نظر القوى الغربية التي أنشأتها. بل بفعل خطورة القيام بهذا المشروع قبل هذه الحروب وبفعل صلابة الرد الأردني على هذا المشروع واعلانه التعبئة العامة وتسليح الجيش الشعبي واتخاذ جلالة الملك والحكومة الأردنية اجراءات عملية لمواجهة كل الاحتمالات الصعبة ومنها الحرب والصدام العسكري مع دولة الاحتلال. وذلك الى جانب قدرة الصمود الفلسطيني على تحريك بقايا ضمير العالم ودول أوروبا وبريطانيا التي اتخذت اجراءات عملية هي الأخرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران.
ان تسجيل الأردن لهذا الانتصار وبالقليل من القدرات والإمكانيات المتاحة والكثير من الإرادة الوطنية الصلبة والعزم والاصرار على مواجهة الشدائد والمحن قد جعل دولة الاحتلال تعيد حساباتها في كل شيء بما في ذلك حسابات الربح والخسارة في مواجهة عسكرية شاملة انا شخصيا أعتقد جازما أن الأردن وحده قادر على هزيمة دولة الاحتلال فيها وهو الأمر الذي سوف يؤسس لاستبعاد إجراء أية تغييرات على الوضع القانوني للقدس كمدينة عربية تحت الاحتلال وفي إطار الولاية الهاشمية على مقدساتها المسيحية والاسلامية.
حيث سنشهد في الأيام القليلة القادمة اعادة تصويب وتصحيح كل ما أقدم عليه الاحتلال من مواقف وإجراءات شاذه بخصوص القدس الشريف وعودة أوضاع المدنية إلى سابق عهدها من تفاهمات اردنيه فلسطينيه وبالتالي حسم معركة القدس كمدينة عربية تحت الاحتلال بالركلات الترجيحية وفقاً لموازين قوى محلية ودولية جديدة لا تكون فيها يد الاحتلال هي اليد الطولى على المدينة المقدسة.
تحريرا في 22/4/2024
الكاتب والمفكر الفلسطيني
العميد يونس سالم الرجوب