زاد الاردن الاخباري -
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن إسرائيل فشلت في تحقيق هدفيها الأساسيين من الحرب، وهما تحرير المحتجزين وتدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالكامل، وإن أدت العمليات العسكرية إلى إضعافها.
ويبقى السؤال، بعد 6 أشهر من الحرب، عما حققته إسرائيل ومتى يمكن أن ينتهي القتال وكيف، يخلق توترات عالمية متزايدة حول حرب كلفت إسرائيل الدعم حتى من حلفائها المقربين.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير مشترك بين محرريها في واشنطن والقدس- أن الحرب وتكتيكات جيش الإحتلال جاءت بتكلفة باهظة، حيث قُتلت أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، وأصبح الجوع منتشرا على نطاق واسع في غزة، وبدأت الخسائر العسكرية الإسرائيلية في الارتفاع، ولا يزال حوالي 133 من المحتجزين في غزة.
واستقرت الحرب في نمط مميت من المناوشات والغارات الجوية مع استمرار القوات الإسرائيلية في الحرب بغزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب أكثر من 100 هدف وقتل العشرات من المقاتلين في الجزء الأوسط من القطاع، مشيرا إلى أن خسائر حماس مستمرة في التصاعد، وأن وتيرة القتال وقدرات حماس قد تضاءلت في الوقت الحالي.
ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها حماس -حسب الصحيفة- فإن قسما كبيرا من قيادتها العليا في غزة ما زالت في مكانها، متخفية في شبكة واسعة من الأنفاق ومراكز العمليات تحت الأرض، وتتخذ القرار في المفاوضات، في وقت يقول فيه مسؤولون أميركيون إن هذه الأنفاق ستسمح لحماس بالبقاء وإعادة تشكيل نفسها بمجرد توقف القتال.
ويقول دوغلاس لندن، وهو موظف متقاعد قضى 34 عاما في وكالة المخابرات المركزية: "إن المقاومة الفلسطينية التي تتجلى في حماس وغيرها من الجماعات المسلحة، فكرة بقدر ما هي مجموعة مادية وملموسة من الناس، ومهما تلحقه إسرائيل من الضرر بحماس، فإنها ستبقى تتمتع بالقدرة والمرونة والتمويل وطابور طويل من الأشخاص بعد كل الدمار وكل الخسائر في الأرواح".
وفي تقييم استخباري سنوي صدر في مارس/آذار الماضي، أعربت وكالات التجسس الأميركية عن شكوكها في قدرة إسرائيل على تدمير حماس فعليا.
وقال التقرير: "إنه من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة مستمرة من حماس لسنوات قادمة، وسيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي تحييد البنية التحتية التي تسمح للمقاومين بالاختباء تحت الأرض، واستعادة قوتهم ومفاجأة القوات الإسرائيلية".
يعتقد الجيش الإسرائيلي أن 4 كتائب من مقاتلي حماس تتمركز في رفح، وأن آلاف المقاتلين الآخرين لجؤوا إليها، إلى جانب حوالي مليون مدني، ولذلك يجب تفكيك هذه الكتائب.
ولكن الطريقة الوحيدة لتدميرها -حسب مسؤولين إسرائيليين- هي توغل كبير للقوات البرية في رفح، كما أن تدمير الأنفاق بين غزة ومصر سيمثل هدفا حاسما.
غير أن غزو رفح أصبح نقطة احتكاك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ يقول مسؤولون أميركيون إن تل أبيب لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح، ومن دون ذلك، فإن عدد القتلى في غزة الذي وصل إلى 34 ألفا سوف يرتفع أكثر.
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن للصحفيين: "لم أر حتى الآن خطة ذات مصداقية وقابلة للتنفيذ لنقل الأشخاص، تحتوي على أي مستوى من التفاصيل حول كيفية إيواء وإطعام وتوفير الدواء لهؤلاء المدنيين الأبرياء، بل وأيضا كيفية التعامل مع أشياء مثل الصرف الصحي والمياه وغيرها من الأمور الأساسية".
وبالنسبة لرفح، يريد المخططون العسكريون الأميركيون أن تنفذ إسرائيل غارات مستهدفة على نقاط قوة حماس ولكن بعد نقل المدنيين، وقال الفريق مارك شوارتز "هذا هو الوقت المناسب لإسرائيل للانتقال إلى مرحلة جديدة تركز على عمليات محددة للغاية لمكافحة الإرهاب".
وأشارت الصحيفة إلى أن حركة المدنيين داخل غزة، والفلسطينيين الذين لجؤوا إلى رفح، تشكل نقطة شائكة رئيسية ليس فقط بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بل أيضا في المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين.
وقال وليام ج. بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية: "إنها صخرة أكبر من أن تدفع وتلة شديدة الانحدار. إن رد الفعل السلبي هذا هو الذي يقف في طريق حصول المدنيين الأبرياء في غزة على المساعدات الإنسانية".
ويقول المسؤولون الأميركيون سرا إن الطريقة الوحيدة لتحقيق إسرائيل صفقة تخلص المحتجزين هي وقف عملية رفح، لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم يعتقدون أن العملية الوشيكة في رفح هي وحدها التي أبقت حماس في المفاوضات.
ومع استمرار المحادثات، يتزايد الغضب بين عائلات "الرهائن" بسبب فشل إسرائيل في إعادة ذويهم إلى وطنهم، وقال غلعاد كورنغولد (62 عاما) إن كلمات "اليأس والإحباط والغضب والخوف" تغلبت عليه بسبب فشل الحكومة في تحقيق المحتجزين، مضيفا "لقد تخلوا عنهم".
وقالت الصحيفة إن إسرائيل حاولت منذ بداية الحرب تدمير شبكة الأنفاق الواسعة الموجودة أسفل غزة والتي تمتد لمئات الأميال، وتصل أحيانا إلى 15 طابقا تحت الأرض، وتستخدمها حماس لإخفاء قادتها واحتجاز "الرهائن" والسماح لمقاتليها بالهرب من الهجوم الإسرائيلي، وفقا لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين.
ومع أن إسرائيل لم تتمكن من تدمير الأنفاق التي أمضت حماس سنوات في بنائها، فإن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم سيطروا على معظم النقاط الرئيسية، وإن 19 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحماس توقفت عن العمل، لتتقلص قدرة حماس على قيادة قواتها بشكل كبير.
ويقول مسؤولون ومحللون أميركيون إن من المرجح أن تظل حماس قوة في غزة عندما ينتهي القتال، لكن مدى سرعة إعادة بنائها سيعتمد على قرارات إسرائيل في المراحل التالية من الحرب وفي أعقابها، حيث يستعد كل من الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين لما سيأتي بعد ذلك.
ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن سحق حماس قد يستغرق سنوات، وقال عضو مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي بيني غانتس إن الحرب قد تستمر "عاما أو عقدا أو جيلا"، ولذلك يشعر المسؤولون الأميركيون بالحرج ويقولون إن على إسرائيل أن تعلن النصر على حماس وتنتقل إلى نوع مختلف من القتال.