زاد الاردن الاخباري -
رفع مجلس الأمة اليوم رده على خطاب العرش السامي، الذي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني بإلقائه في السادس والعشرين من تشرين الأول الماضي، إيذانا بافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر.
وفي ما يلي نص رد مجلس الأعيان على خطاب العرش السامي، والذي ألقاه أمام جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة العرش في قصر رغدان العامر، رئيس المجلس طاهر المصري: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، يتشرف مجلس الأعيان بأن يرفع إلى مقامكم السامي أعظم آيات الشكر والامتنان لتفضلكم بافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر، بإلقاء خطبة العرش السامي التي جاءت خارطة طريق للإصلاح الشامل، واضحة المعالم والرؤى نحو حاضر كريم، ومستقبـل زاهر مشرق لشعبكم الأردني وتطلعاته لاستكمـال بناء الأردن المتميز بأنه دولة المؤسسات، وسيادة القانون، وتحقيق العدالة والمساواة والحرية، وحقوق الإنسان.
صاحب الجلالة ،،، إن الإصلاح السياسيّ أولوية في المرحلة الراهنة ، ومن أجل تحقيق ذلك قطع هذا الإصلاح شوطاً كبيراً في انجاز التعديلات الدستورية في صورتها القانونية، وانجاز قوانين الاجتماعات العامة والبلديات ونقابة المعلمين والتشريعات الناظمة للعمل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير. وسوف يستمر العمل على انجاز البنية التشريعية التي تمهّد وتؤسس لتطوير العمل السياسي بإصدار قوانين الانتخابات، والأحزاب، والهيئة المستقلة للانتخابات، والمحكمــة الدستورية. ويتفق المجلس مع تأكيـــد جلالتكم على أن هذه التشريعات ليست نهائية، وإنما هي خطوة هامة لتأمين التطوّر الديمقراطي الايجابي والنوعي الذي يسهم في توسيع قاعدة المشاركة والتمثيل، وأن الهدف النهائي من الإصلاح السياسي هو الوصول إلى حكومات نيابية. وحتى تنضج بنية الأحزاب، ويكون لها وزن سياسي مؤثر في داخل البرلمان، لابدّ من تكريس مبدأ التشاور في تشكيــل الحكومات، ليكون المواطن مشاركاً في تشكيلها من خلال مجلس النــواب. وهذا ما أكّدتــم عليه جلالتكم، وهو أمر يحظى بتأييد كامل من مجلس الأعيان.
ويؤكد المجلس قناعته التامة بأن حزبية الحكومات هي قضية بيد المواطن والناخب، وبقدرة الأحزاب على استقطاب المواطنين من خلال برامجها، وأن المعارضة الوطنية تسعى لرفعة الوطن وخدمته وبنائه.
صاحب الجلالة ،،، إن مجلس الأعيان يؤمن ويعتزّ بما أكدتم عليه، من أن الأردن قد تأسّس على مبادئ البيعة وتقوى الله والعدالة للجميع وفق القانون، وتلك هي المبادئ التي انطلقـت منها الثورة العربية الكبرى، التـــــي نادت بالوحدة والحرية لأبناء الأمة العربية. فصار الأردن موئلاً لأحرار العرب من كل الأقطار. وقد أسّس أجدادكم وأحرار الأمة هذا الحمى الأردني وبنوه بالجهد والعرق ليكون وطن الحريـة والعدالة والمساواة، لكل الأردنيين. ولا يقاس الانتماء إليـه إلا بمقدار العمل والعطاء. أما تنوّع الجذور والتراث، فانه من أهم ما يثري الهوية الوطنيّة الأردنية الواحدة، التي يعزّزها التسامح والوسطية.
صاحب الجلالة ،،، إن مجلس الأعيان يقدّر عالياً توجيه جلالتكم للحكومة لتوفير البيئة الآمنة والمناسبة للتفاعل الديمقراطي، وضمان حرية التعبير المسؤول عن الرأي، وترسيخ أسلوب حضاري في التعامل مع أشكال التعبير والاحتجاج السلمّي، ومن ذلك المسيرات السلمية. وتنفيذ المشروع الإصلاحي بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الذي رسمتم معالمه، وحدّدتم مراحله، ترجمة لطموحات شعبكم في الإصلاح. فنحن بأمس الحاجة للسير في هذا الدرب بدون تردد .
إن مجلس الأعيان لعلى قناعة تامة بأن الفساد ظاهرة ما تزال تشغل وتؤرق الرأي العام الأردني، على الرغم من الجهود التي بذلت لاجتثاثه، ونحن على يقين بأن توجيهاتكم السامية سوف تترجم إلى مزيد من الإجراءات العملية الحاسمة لاجتثاث هذه الآفة.
كمــا يؤكد المجلس حرصه على استقلال القضاء، ودعم السلطة القضائية في تحقيق العدل وسيادة القانون، وتوفير كل ما يلزم لتقوم بواجبها ومسؤولياتها الجليلة.
إن مجلس الأعيان يؤمن بأن الإعلام الوطني الحرّ يجب أن يكون منبراً للحوار الوطني الهادف البنّاء، ولهذا، يجب أن تتلازم فيه المهنية مع الحرية. وان توفير بيئة قانونية تحترم حق الإعلام في الحصول على المعلومة، مع حماية الحقوق الشخصية، تجعله إعلاماً منفتحاً على كل الآراء، ويصبح بإمكانه خدمة الوطن ومفاهيم الحرية .
صاحب الجلالة ،،، إن للقطاع الخاص دوراً حيوياً وهاماً في التنمية التي يجب أن تخطو خطوات موازية للإصلاح السياسي، ومن الضروري أن يكون القطاع الخاص شريكا مع الحكومة في محاربة الفقر والبطالة وجذب الاستثمارات وإيجـاد فرص العمل المناسبة للشباب، وخاصة في المحافظات، وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين من المياه والطاقة وتطوير الزراعة والسياحة والنقل وغيرها من المجالات، سوف يسهم كل ذلك في تحقيق أهداف مسيرة التنمية الشاملة، وينعكس بصورة ايجابية على مستوى معيشة المواطن، ويعزز الالتزام بالشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص.
أمــا التربية والتعليم والتعليم العالي والرعاية الصحية يجب أن تظل أولويات وطنية ثابتة، لتهيئة الشباب لأدوارهم القادمة في سائر مراحلهم العمرية والتعليمية بأسرع وقت ممكن. وأن المجلس ليتطلع إلى مراجعة شاملة للسياسات التعليمية في سائر المراحل، بحيث تراعي المستجدات العلمية، وتعمق الهوية الوطنية، وتعزز الانتماء الحقيقي للوطن .
صاحب الجلالة ،،، إن الشباب هم المكون الإنساني الأكبر في مجتمعنا الأردني، وكما تؤكدون جلالتكم دوما بأنهم الأمل الذي نبني عليه المستقبل، فلا بـد من دعم الهيئات الشبابية، وتفعيل دور الشباب في العمل العام، وإعداد البرامج والخطط لتنمية نشاطهم الشبابي الحرّ، والإسهام في المسيرة الوطنية بكل مجالاتها. ونحث الشباب على الانتظام في الأحزاب ذات البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما يتيح لهم دوراً بارزاً في مسيرة المجتمع الإصلاحية. وان مجلس الأعيان ليتطلع لدور جديد لوزارة الشباب والرياضة يمكنها من تنفيذ الأهداف الوطنية ذات الصلة بالشباب .
صاحب الجلالة ،،، يعتزّ الأردن اعتزازاً راسخاً بانتمائه لأمته العربية، وسيبقى هذا الانتماء القومي الركيزة الأساسية في السياسة الأردنية الخارجية، وفي توثيق التعاون مع الأشقاء العرب لتطوير مؤسسات العمل العربي المشترك، وأن مجلس الأعيان يعبّر عن شكره العميق، وتقديره الكبير لدول مجلس التعاون الخليجي على موقفهم الايجابي من انضمام الأردن إلى هذا المجلس.
وسيبقى الأردن في مقدمة المدافعين عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وسيبقى ملتزماً بدعم الأشقاء الفلسطينيين حتى يتمكنوا من استعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، مع الاستمرار بواجبنا التاريخي في رعاية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية. ونحن جميعاً مع جلالتكم ملتزمون بأن الأردن لن يقبل تحت أي ظرف، وفي أي حال من الأحوال بأي تسوية للقضية الفلسطينية على حسابه، وعلى حساب مصالحه الوطنيـة، وثوابته التـي لا يقبل أن تُمس.
صاحب الجلالة ،،، أمّا قواتنا المسلحة، وأجهزتنا الأمنية الحريصة على أمن الوطن والمواطن وراحته، فإنها تستحق منا جميعاً التقدير والاعتزاز، لما تنهض به من أمانة الدفاع عن أمن الأردن واستقراره وسيادته وحماية انجازاته. ومن هنا يؤكد مجلس الأعيان دعمه الكامل لتوجيه جلالتكم بتوفير ما تحتاجه قواتنا المسلحة، وأجهزتنا الأمنية من إعداد وتدريب وتسليح، وتوفير حياة كريمة تليق بدورها الوطني الكبير.
صاحب الجلالة ،،، لقد رسم خطاب العرش السامي معالم واضحة لطريق الإصلاح الوطني الشامل في المرحلة القادمة من عمر مملكتنا التي تقف على عتبات مئويتها المباركة، راسخة الجذور، عزيزة المواقف ديمقراطية الحياة والروح، كما عزّزتم روح الأردنيين الغامرة بالحرية والانجاز، وفتحتم الآفاق لأجيالنا الجديــدة نحو الإبداع في سائر مناحي العمل الوطني، لحمل أمانة المسؤولية بروح الفريق الواحد لدى الحكومة، ومجلس الأمة، والمعارضة، والقـوى الحزبية، ومؤسسات المجتمع المدني، والإعلام المهني المسؤول، مما يزيدنا انجازاً على انجاز، وإصراراً على مواجهة التحديات.
وان مجلس الأعيان إذ يعرب عن تقديره العميق لقيادتكم الملهمة، ويثّمن دوركم القومي في تقديم نموذج إصلاحي ملتزم بالحريّة والعدل والديمقراطية، ليؤكد حرصه الشديد على هذا الدور الذي يمثّل الربيع الأردني النموذج في سياق التغيير الصاخب والعنيف الذي تشهده المنطقة بأسرها.
ويعاهدكم مجلس الأعيان على القيام بدوره الدستوري الكامل في التشريع والرقابة والمساءلة والانفتاح على سائر القضايا التي تشغل الأردنيين في هذه المرحلة الدقيقة.
حفظكم الله ورعاكم، وسدد على طريق الخير خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفيما يلي نص رد مجلس النواب على خطاب العرش السامي، والذي ألقاه أمام جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة العرش في قصر رغدان العامر، رئيس المجلس عبدالكريم الدغمي:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى العربي الهاشمي الأمين
قال تعالى:
? فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ? .صدق الله العظيم. [آل عمران:159]
سيدي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله واعز ملكه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يشرفني أن أتقدم يا مولاي من مقامكم السامي، باسمي وباسم أعضاء مجلس النواب السادس عشر، بوافر الشكر وعظيم الامتنان على تفضلكم بافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر.
وقد تشرفنا يا مولاي بالاستماع إلى خطبة العرش، والتي شكلت مضامينها وما حملت من توجيهات ملكية سامية وصفاً دقيقاً للمرحلة ومتطلباتها. ووضعت معالم الطريق لمواصلة الإصلاح والتحديث، بآفاق استشرافية رحبة، ونظرة مستقبلية واثقة، لبناء الدولة الأردنية المدنية الحديثة، دولة القانون العادل والمؤسسات الديمقراطية، ينعم فيها الأردنيون والأردنيات بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص.
ويتشرف مجلس النواب، بان يرفع إلى مقامكم السامي رده على خطبة العرش، سائلين المولى عز وجل أن يكلأكم بعين رعايته، وان يعينكم على مواصلة مسيرة الخير والعطاء، للنهوض بالمسؤولية التاريخية التي اضطلعتم بها، بهمة عالية وإبداع خلاق.
سيدي صاحب الجلالة،،
لنا أن نزهو في الأردن، إن مسيرتنا الإصلاحية قد بدأت بدفع وتحفيز من جلالتكم قبل أن ينطلق "الربيع العربي". وشاهد التاريخ على ما نقول، هي كتب التكليف السامي إلى الحكومات التي تشكلت في عهدكم الميمون. لكن التقدم نحو الإصلاح كان بطيئاً وتعثر حيناً. ونحن نعي بان مسار الإصلاح الشامل لا يسير بخط مستقيم، لأنه مسار يلامس ويطال كل مؤسسات الدولة وخياراتها، ولأنه يحدث فرقاً يمس الصلاحيات والأدوار والامتيازات.
ولكن؛ بعزمكم وإصراركم يا صاحب الجلالة وتلاقي رؤى القائد مع تطلعات أبناء شعبه، جعلنا نحث الخطى ونتجاوز الصعاب، ونتقدم بخطى ثابتة، مستلهمين إرادتكم الإصلاحية المستقبلية، التي استهدفت ترسيخ الديمقراطية في الدولة والمجتمع.
فكانت إرادتكم الملكية السامية، بالدعوة إلى الإصلاحات الدستورية لتطوير بنية النظام، وتعزيز الفصل بين سلطات الدولة. وقد وقف مجلس النواب بقوة إلى جانب مقترحات اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة الدستور. وزاد عليها وعزز الركن النيابي والديمقراطي فيها. وشكلت بعد أن توشحت بإرادتكم الملكية السامية، قفزة نوعية في سياق تعزيز نظامنا النيابي الملكي الدستوري، يمكن البناء عليها، والتأسيس لحياة سياسية وبرلمانية فاعلة.
وبهدي توجيهاتكم السامية، حمل مجلس النواب على عاتقه حل الإشكالية الدستورية، لإنشاء نقابة للمعلمين واقر قانونها، وحرر قانون الاجتماعات العامة من القيود التي تجاوزها الزمن، واقر التشريعات الناظمة للعمل الإعلامي.
سيدي صاحب الجلالة،،
إن مجلس النواب، يتحفز اليوم لمناقشة البنية التشريعية التي تؤسس لتطوير العمل السياسي، والمتمثلة في قوانين: الانتخاب والأحزاب والهيئة المستقلة للانتخابات، وقانون استقلال القضاء والمحكمة الدستورية وغيرها من القوانين الناجمة عن التعديلات الدستورية، بحيث تترجم هذه القوانين مبدأ المشاركة الشعبية والتعددية السياسية.
ولأن المجلس على الدوام، يستلهم تطلعات وآمال أبناء شعبنا التواق للمشاركة في صنع حاضره ومستقبله، وترسيخ قيم الحرية والعدالة تحت ظل الراية الهاشمية الخفاقة، التي يجمع الأردنيون على السير تحت قيادتها بثقة وأمل كبيرين، فانه سيأخذ على عاتقه فتح حوار مع كل مكونات المجتمع المدني؛ أحزابا ونقابات وفعاليات شعبية، وكل القوى الحية في المجتمع، للوصول إلى أوسع توافق وطني حولها. فالمسؤولية جماعية لمن هم في الحكم، أو في المعارضة على حد سواء.
سيدي صاحب الجلالة،،
سرَّنا وأثلج صدورنا قولكم الصريح "بان هذه البنية التشريعية ليست نهائية"، وأن طموحكم في الإصلاح السياسي الديمقراطي بلا حدود، وأن غايتكم الوصول إلى حكومات برلمانية، يشارك المواطن في اختيارها ومراقبتها ومحاسبتها، تجسيدا للمبدأ الدستوري "الأمة مصدر السلطات".
وإننا ندرك يا صاحب الجلالة؛ بان الوصول إلى هذا الهدف الطموح، يحتاج إضافة إلى الإرادة السياسية؛ إلى التدرج والمراكمة، وإنضاج الشروط الموضوعية التي تكفل التعددية السياسية والبرلمانية. وان حرصكم والتزامكم الصريح، أمام مجلس الأمة على تكريس الركن النيابي للنظام؛ من خلال الأخذ بعين الاعتبار توجهات مجلس النواب عند تكليف رؤساء الحكومات ابتداءاً من المجلس النيابي القادم، الذي سيأتي نتاجاً للتحولات الديمقراطية الجارية.
إن هذا التوجه الديمقراطي؛ من لدن جلالتكم، يعكس رغبتكم الطموحة في تجديد أسس وقواعد تشكيل الحكومات، وسيحدث نقلة نوعية في أساليب إدارة الحكم، بما ينسجم مع طموحات وتطلعات شعبنا العزيز.
إن هذه النقلة النوعية الانتقالية، ستساعد القوى الحزبية على الانتشار، وإعطائها الفرصة لفحص خططها وبرامجها، لتتواءم مع تطلعات شعبنا وأولوياته الوطنية والمعيشية والديمقراطية، ولتتمكن في المستقبل القريب إن شاء الله، من القيام بدورها المأمول في تشكيل الحكومات على أسس برامجية، تهدف إلى تحقيق الصالح العام.
سيدي صاحب الجلالة،،
لقد كانت الوحدة الوطنية دوماً دعامة رئيسة في بناء المجتمع الأردني، ونحن نقف خلف جلالتكم، في أن التجاوز عليها خط احمر، فالأردن لكل الأردنيين، والانتماء كما أكدتم جلالتكم؛ دائما لا يقاس إلا بالانجاز والعطاء للوطن. أما تنوع الجذور والتراث؛ فهو يثري الهوية الوطنية الأردنية الجامعة، التي تحترم حقوق المواطنة وتبني عليها.
سيدي صاحب الجلالة،،
إننا نثمن عالياً توجيهاتكم السامية للحكومة ضرورة استجابتها لسائر المطالب الشعبية الإصلاحية، ونشارككم الحرص على أن تعمل الحكومة، على توفير البيئة الآمنة المناسبة للتفاعل الديمقراطي، وضرورة حماية وصون وضمان حرية التعبير، والتعامل بشكل حضاري مع أي شكل من أشكال التعبير، والاحتجاجات والمسيرات السلمية، والاستفادة من الدروس والأخطاء التي وقعت وتفاديها.
أما الإعداد للانتخابات البلدية، فإننا ندعم توجهات جلالتكم لإجرائها في أعلى درجات الحياد والنزاهة. ونتطلع أن تقوم الحكومة بدراسة متأنية لواقع البلديات، ورغبات المواطنين، والمصلحة العامة، قبل أن تجرى الانتخابات، لتكون الانتخابات البلدية خطوة إلى الأمام على طريق الإصلاح، والمشاركة الشعبية، والنهوض بالعمل البلدي على أكمل وجه، وتؤسس لتنفيذ توجيهاتكم نحو اللامركزية.
أما ما يتعلق بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، فإننا ندعم بقوة توجيهاتكم للحكومة بتقديم كل أشكال الدعم لتعزيز عمل هيئة مكافحة الفساد، والجهات الرقابية المختصة، وتفعيل منظومة النزاهة الوطنية، وتأكيدكم أن لا احد فوق المساءلة، ولا حصانة لمسؤول. ويطلب المجلس أن تولي الحكومة، والجهات والهيئات الرقابية المختصة؛ جهداً اكبر في التصدي لهذه الظاهرة الفتاكة، التي تهز ثقة المواطن في الدولة ومؤسساتها. ويطالب المجلس أن تتم مراجعة كل مشاريع الخصخصة التي حدثت في السنوات الأخيرة، وبخاصة مشاريع التعدين والكهرباء لتقصي الحقائق وإعلام الرأي العام بنتائجه بكل شفافية، وسيعمل مجلس النواب مع الحكومة على إصدار قانون الكسب غير المشروع، كي يكون سلاحاً في يد الجهات المختصة لتحري الفساد والكشف عن الفاسدين.
سيدي صاحب الجلالة،،
للإعلام الوطني دور مركزي في المسيرة الديمقراطية، لذا لا بد من توفير البيئة المناسبة، كي يعمل بحرية ومهنية ومصداقية.
فحق الإعلام في الحصول على المعلومة؛ يجنبنا الإشاعة واغتيال الشخصية، ويعزز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها. ويتطلع مجلس النواب إلى مزيد من الانفتاح في الإعلام الرسمي، كي يصبح إعلام دولة منفتحاً على كل الآراء، ومنبراً للحوار الوطني، ومرآة تعكس انجازات الوطن وتطلعات أبنائه.
وإننا إذ نقدر عالياً توجيهكم للحكومة لتوزيع مكاسب التنمية بعدالة على المحافظات. لنؤكد على مطالبة الحكومة بأن تولى أهمية استثنائية للمحافظات التي تحتاج أكثر من غيرها للرعاية، لتحسين نوعية الحياة فيها، وذلك من خلال توفير البيئة المناسبة لاستقطاب الاستثمارات النوعية، وتحسين مستوى البنية التحتية في سائر المجالات.
يا صاحب الجلالة،،
العدل أساس الملك، وقد حرصتم جلالتكم دوماً على رعاية القضاء، وتدعيم استقلاله، وقد كان نصيب القضاء في التعديلات الدستورية كبيراً، فأصبح لدينا بنية قضائية متميزة، توفر أرقى أشكال التقاضي العادل. وهذا من شأنه حماية حقوق الأفراد والمؤسسات وتوفير البيئة المناسبة لجذب الاستثمار.
يا صاحب الجلالة،،
إن الحرص على توفير الحياة الحرة الكريمة لأبناء وبنات شعبنا ظلّ على الدوام هاجسكم في كل الظروف والمناسبات. إن مجلس النواب يدعو الحكومة لوضع الخطط والبرامج القابلة للتطبيق والقياس، لمعالجة الفقر والبطالة وتحسين مستوى معيشة الفئات الشعبية. فهذا الهدف وهذه المهمة يجب أن تكون مقياساً لنجاح أي حكومة. ويدعو المجلس إلى ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية التي اعتمدت خلال الفترة الماضية وإعادة الاعتبار لدور الدولة في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. كما أن مجلس النواب يدعم بقوة إجراءات إعادة الهيكلة والرواتب في القطاع العام ودمج المؤسسات المستقلة، لإحقاق العدالة وحماية المال العام. ونتطلع إلى معالجة الاختلالات في الرواتب التقاعدية للمتقاعدين العسكريين والمدنيين القدامى ومتقاعدي الضمان الاجتماعي لتوفير حياة كريمة للذين خدموا الوطن واعلوا بنيانه.
ويرى مجلس النواب ضرورة إحياء الخطط والبرامج التي تضمنتها الأجندة الوطنية، واعتبارها مرجعية لتطوير كل قطاعات الاقتصاد، لإحداث التنمية الشاملة التي تنعكس ايجابياً على مستوى معيشة المواطن .
سيدي صاحب الجلالة،،
الشباب عماد الأمة، وقد حظي هذا القطاع بدعم موصول من جلالتكم في كل المجالات. إننا نقدر عالياً إعادة وزارة الشباب والرياضة، ونأمل أن تضطلع بدور ريادي في خدمة الشباب ودعم نشاطاتهم، وتوسيع مشاركاتهم في كل الأنشطة، ودعم توجهاتكم للانخراط في الأحزاب السياسية. وتعزيز انتمائهم لوطنهم وولائهم لقيادتهم الهاشمية.وان تهتم بنشر ثقافة التسامح وقبول الأخر، والقيم والتقاليد الديمقراطية، وتعزيز الثقافة الوطنية والعربية والإنسانية، إلى جانب الثقافة الدينية المتنورة المستندة إلى رسالة عمان التاريخية.
سيدي صاحب الجلالة،،
سيظل الأردن كما كان دوماً، عربياً هاشمياً، في طليعة المدافعين عن قضايا أمته وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وان مجلس النواب الأردني يردد من خلف جلالتكم "لن نقبل تحت أي ظرف من الظروف بأي تسوية للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، أو على حساب أي من مصالحنا الوطنية".
وان مجلس النواب وهو المعبر عن الهوية الوطنية الأردنية، يدعم بقوة هذه السياسة الوطنية الرائدة، التي تتصدى للمشاريع الإسرائيلية التي تستهدف التوطين وتصفية القضية الفلسطينية، وتدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وفق القرار الاممي 194.
أما أشقاؤنا في دول مجلس التعاون الخليجي؛ فإننا نتوجه إليهم بجزيل الشكر والتقدير على تجاوبهم مع رغبة الأردن بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، لما في ذلك من منفعة متبادلة ومصلحة عربية. ولا يفوتنا أن نتقدم من خادم الحرمين الشريفين بجزيل الشكر والعرفان على دعم المملكة العربية السعودية الشقيقة الدائم للأردن.
أما النشامى والنشميات في قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية فهم يستحقون منا جميعاً كل أشكال الدعم والإسناد، حتى تظل كما كانت على الدوام مثالاً في الكفاءة والتميز والاقتدار. ويستحق منتسبوها الشكر والتقدير والرعاية لما يقدمونه من خدمات جُلى للوطن والمواطن، والسهر على أمنه وسلامته.
سيدي صاحب الجلالة،،
إن مجلس النواب الأردني، يعي مسؤوليته التاريخية في هذه المرحلة، ويعدكم بان يكون داعماً ومسانداً لتوجيهات جلالتكم في الإصلاح الشامل.
وسوف يعمل مجلس النواب بتعاون كامل مع الحكومة، ومع كل مكونات شعبنا وقواه وتياراته الفكرية والسياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، لانجاز الأعمال التشريعية الإصلاحية بكل مسؤولية وطنية، نستهدي فيها بفكركم النير ورؤاكم الاستشرافية الثاقبة.
سيدي صاحب الجلالة،،
إننا فخورون بقيادتكم وحكمتكم يا صاحب الجلالة، وانتم تقودون المسيرة المظفرة بإذن الله لتحقيق آمال وطموحات شعبنا العزيز في الحياة الكريمة.
وان مجلس النواب يدرك ما تطمحون إليه جلالتكم، ويستشعر حرصكم على التقدم بخطى سريعة نحو الإصلاح، مما يتطلب تعاون الجميع وتوحيد الصفوف وتلاقي الرؤى، لأنه لا خيار لنا إلا أن نكون جميعاً في خندق واحد، كما أشرتم جلالتكم، خندق الإصلاح والتقدم. خندق الأمن الوطني. متطلعين حيث رايتكم الهاشمية التي ترفعها يمين ما اعتادت إلا العطاء لشعبها وأمتها، يمين ملك رائد صدق أهله.
?رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ? صدق الله العظيم. [البقرة:126]
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وحضر تلاوة الرد على خطاب العرش السامي عدد من أصحاب السمو الأمراء، ورئيس الوزراء، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، ومستشارو جلالة الملك، وكبار موظفي الديوان الملكي الهاشمي، ووزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية.