زاد الاردن الاخباري -
ودع المصريون الأربعاء البطل أحمد الهوان، الذي عرف على نطاق واسع باسم "جمعة الشوان"، بعد حياة حافلة بالعمل والعطاء والوطنية، تحول فيها من بحار بسيط كان يعشق موسيقى السمسمية وحياة البحر في خليج السويس، إلى أكبر عميل جندته الاستخبارات المصرية داخل دوائر صنع القرار في اسرائيل ، واستطاع خلال مهمته خداع جهاز كشف الكذب وإنشاء علاقات صداقة مع كبار رجالات إسرائيل مثل بيريز ووايزمان واليعازر، وحصل لمصر على أحدث أجهزة التجسس في العالم، ختمت بعدها المخابرات المصرية قصة تجنيده برسالة الى الموساد تضمنت "نشكركم على حسن تعاونكم معنا طوال 11 عاما".
وفى سنواته الاخيرة عاش البطل ظروفا صحية صعبة ، حتى تدخل المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع وأمر بعلاجه على نفقة القوات المسلحة ثم وافته المنية امس عن عمر يناهز 74 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
ولد البطل المصري جمعة الشوان في أول تموز 1937 بمدينة السويس، ونشأ وتربى بها ثم اضطر للهجرة منها هو وعائلته بعد نكسة يونيو 1967 ، بعد ان فقدت زوجته بصرها نتيجة للقصف الإسرائيلي لمنزلهم بالسويس، وأدى القصف إلى تدمير لنش صغير كان يمتلكه الشوان.
وسافر إلى اليونان لمقابلة رجل أعمال ورد اسمه في مسلسل "دموع في عيون وقحة" باسم باندانيدس كان مدينا للشوان بحوال 2000 جنيه ولكنه لم يكن موجودا في اليونان، وهناك قابل الشوان الريس زكريا، اللواء عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الاسبق، بالمخابرات العامة وحاول اقناعه بالعودة. وبعدها قرر العودة إلى مصر ثم عرف ان باندانيدس قد عاد وذهب لزيارته وهناك قام بندانيدس بتشغيله على إحدى سفنه الذاهبة إلى بريستون بانجلترا.
وهناك أحب جوجو الفتاة اليهودية التي أغرته للعمل معها، وبعد سفر السفينة التي كان يعمل عليها لم يكن أمامه سوى العمل بالشركة التي يملكها والد جوجو، وبها قابله أحد رجال الموساد على أنه سوري واسمه أبو داود (في الحقيقة شمعون بيريز الذي اصبح رئيس لوزراء إسرائيل، ثم رئيسا في الوقت الحالي، وطلب منه ان يعود إلى مصر ويجمع بعض المعلومات عن السفن الموجودة بالقناة، وعندما عاد الشوان إلى مصر افتتح محل بقالة واخذ يجمع المعلومات التي طلبت منه، ولكن الشك دفعه للذهاب إلى مقر المخابرات المصرية وهناك التقى بالضابط مدحت والذي عرفه بالريس زكريا وحكى له بكل ما لقاه وهنا قرر التعاون مع المخابرات المصرية لتلقين الموساد درسا.
وبدأ تعاون الشوان مع الإسرائيليين، وبعد حرب أكتوبر المجيدة زادت حاجتهم إليه، ولذلك قرروا اعطائه أحدث أجهزة الارسال في العالم- يرسل الرسالة في 6 ثواني فقط- وهنا قرر الشوان الذهاب إلى إسرائيل للحصول على الجهاز، وهناك قاموا بعرضه على جهاز كشف الكذب والذي تدرب عليه جيدا ،مما جعله ينجح في خداعهم جميعا ليحصل على اصغر جهاز إرسال تم اختراعه في ذلك الوقت ليكون جاسوسا دائما في مصر. وبمجرد وصوله إلى أرض مصر وفي الميعاد المحدد للإرسال قام بإرسال رسالة موجهه من المخابرات المصرية إلى الموساد يشكرهم فيها على الحصول على جهاز الارسال.
وحاول الموساد القضاء على جوجو التي احبت الهوان بجرعة زائدة من المخدرات ولكنها لم تمت، وهنا قررت الانتقام فساعدت المخابرات المصرية على تأمين الهوان بإسرائيل والاتصال به في الوقت المناسب وأتت جوجو لمصر وأسلمت وسمت نفسها فاطمة ، وقامت المخابرات المصرية بسداد تكاليف عملية زوجة الهوان في مصر على يد طبيب أجنبي متخصص ونجحت العملية يوم العبور الكبير في السادس من أكتوبر عام 1973.
وعرفت الجماهير المصرية والعربية قصة الشوان "أو الهوان" من خلال مسلسل "دموع في عيون وقحة" بطولة عادل امام وانتاج التليفزيون المصري، وحول المسلسل قال الشوان، التقيت عادل امام كثيرا خلال عام 1978 لألقنه أسرار الجاسوسية وأساليب الموساد. وقبلها جلس معي أكثر من ثلاثين مرة ليقنعني بأن أوافق على أن يقوم هو بالدور، ومع هذا تجاهلني عندما تقابلنا بعد ذلك بسنوات. يضيف: عندما ذكرته بنفسي رد بعدم اكتراث: أنا الذي صنعت اسمك وشهرتك.
وذكر الشوان أن إمام كان مبهرا في المسلسل، لكن مسلسل "رأفت الهجان" الجاسوس المصري الآخر في اسرائيل، تفوق على "دموع في عيون وقحة" لأسباب عديدة منها أن مسلسل الشوان لم ينفق عليه جيدا، وتم تصويره في الاستديوهات، ولم يقدم كل التفاصيل، حيث تضمن مسلسل "دموع في عيون وقحة" 20 % من قصة الشوان لأسباب تتعلق بالأسرار العسكرية، كما ان مسلسل رأفت الهجان عرضه التليفزيون على أجزاء مما أعطاه شعبية كبيرة على امتداد مصر والوطن العربي.
و حصل الشوان على 180 الف دولار، اشترى بجزء منها شقة، كما اشترى سيارة مستعملة، باعها بعد اعتزاله الجاسوسية، الا ان ظروفه الصحية والمادية تدهورت اواخر ايامه.
وحول ظروفه المرضية قبل رحيله قال الشوان في تصريحات: " الوم الموساد الإسرائيلي لأنه سايبني لغاية دلوقت من غير ما يصفيني، لأني خنتهم وحصلت لمصر على أغلى أجهزة تجسس ورفضت أبيع بلدي، كنت عايزهم يقتلوني ويريحوني بدال ما أنا قاعد أستلف من الناس وأبيع شقتي عشان أسدد ديوني وأجيب علاج.. يعني لو كان ربنا خلقني رقاصة ولا لاعب كورة ولا مطرب كان الكل جري عشان يعالجني لما أتعب".
ذكر منذ سنوات ان الشوان تزوج الفنانة سعاد حسنى بعقد عرفي عام 1970 واستمر الزواج لمدة 8 شهور ثم انفصلا واضاف: سعاد حسنى الآن في ذمة الله ولا داعي للحديث عنها وإنما يجب فقط أن ندعو لها بالمغفرة والرحمة.
وعلى الجانب الآخر نفت "جانجاه" شقيقة الفنانة الراحلة سعاد حسنى هذا الموضوع وقالت: سعاد لم تتزوج "جمعة الشوان" مع احترامي له كبطل ورغم انني في عام 1970 كنت صغيرة جدًا لكنني أعلم جيدًا الذين تزوجتهم المرحومة سعاد ولا داعي لمثل هذا الكلام؟!واضافت: أؤكد أن هذا الكلام غير صحيح مع كل احترامي وتقديري للأستاذ الجليل "أحمد الهوان" لتاريخه المجيد وأعماله الجليلة العظيمة.