زاد الاردن الاخباري -
في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال عزلة دولية بسبب عدوانها الدموي على غزة، يخرج رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، بهجوم جديد على الأردن، معتبرا أنه إذا قررت الحكومة تمديد اتفاقية إمدادات المياه معه فإن ذلك سيشكل إفلاسا آخر لها، وسيفسّر في المنطقة بأكملها على أنه ضعف آخر لـ”إسرائيل” غير القادرة على حماية مصالحها الحيوية، وعدم قدرتها على تحمل أي ضغط، ويحمل في طياته دلالات إضافية عن الروح الانهزامية التي تقود الدولة.
واعتبر ليبرمان الذي تولى وزارات المالية والحرب والخارجية، في مقال نشره موقع “سيروجيم”، أنه “في الأسابيع المقبلة، سيتعين على صناع القرار الإسرائيلي اتخاذ قرار معقد وصعب بشأن استمرار إمدادات 50 مليون متر مكعب من المياه للأردن، ولئن بدا الأمر في ظاهره بسيطا وواضحا لأن لدينا اتفاقية سلام مع المملكة، فإنه ليس كذلك، لأن الحكومة مطالبة بالامتناع تحت أي ظرف من الظروف عن تمديد اتفاقية المياه، التي بدأت مع توقيع اتفاق السلام، ودخلت حيز التنفيذ عام 1994”.
وأضاف في مقال له ن “الاتفاق لم يقتصر على نقل المياه من إسرائيل إلى الأردن، بل إن فيه مسائل أخرى، بينها بند يسمح باستئجار إسرائيلي للمياه في جيبي “تسوبر ونهاريم” لمدة 25 عامًا، وفي نهاية المدة، يمكن لهما مواصلة عقد الإيجار، ورغم التفاهمات الواردة في الاتفاقية فقد أعلن الأردن في أكتوبر 2018 من جانب واحد أنه لن يستمر في العقد، فيما قامت إسرائيل في نوفمبر 2019، بفتح المعبر الذي سمح لها بالوصول لمحطة توليد الكهرباء المقامة على الجانب الأردني من الحدود، الملقب بـ”جزيرة السلام”.
وأشار إلى أنه “في أبريل 2020، تم نقل جيب تسوبر للسيطرة الأردنية، وبعد عامين، في نوفمبر 2022، وقعت إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة مذكرة تفاهم لمواصلة تعزيز المبادرة الإقليمية، بموجبها ستزيد في إطارها دولة الاحتلال مبيعات المياه للأردن إلى 200 مليون متر مكعب سنويا، مقابل شراء الكهرباء الشمسية من حقل مخصص ستنشئه شركة لاميت في أراضي المملكة بقدر 600 ميغاواط سنوياً، حتى أُعلن في نوفمبر 2023 عن انسحاب الأردن من اتفاقية تبادل الكهرباء مقابل المياه عقب اندلاع حرب غزة”.
وأوضح أن “الأردن لم يكتف بالمواقف السياسية المناهضة للاحتلال، بل إنه انضم لمطالبة جنوب أفريقيا أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد إسرائيل، مع العلم بأن مشاركة المملكة في التحالف الدولي ليلة الهجوم الإيراني على إسرائيل لم تنبع من القلق على مصالحها، ولكن خوفاً من المساس بسيادة المملكة، حيث مرت الصواريخ عبر أجوائها، ورداً على التدخلات الإيرانية داخلها، ومحاولتها تقويض نظامها من خلال تعزيز عناصر أصولية فيها، ومحاولة تسخين الحدود مع إسرائيل، بما يقوض استقرارها”.
من ناحيته، وصف الكاتب في موقع “زمن إسرائيل“، أفيف ليفيا “دعوة ليبرمان بإلغاء اتفاقية المياه مع الأردن بأنها محاولة شعبوية لتحريك الحكومة نحو مزيد من اليمين، على حساب سحق شبكة المصالح الدقيقة مع الجارة التي تقدمت لحمايتنا من الهجوم الإيراني، ويبدو أن ليبرمان الذي كان جزءا من “حكومة التغيير”، وخدم في عهد رئيس الوزراء يائير لابيد، والشريك في ائتلاف منصور عباس، تخلى عن بدلة الاعتدال التي ارتداها على نفسه، ويحاول الانزياح أكثر نحو مزيد من اليمين، وينضم إلى جوقة بنيامين نتنياهو وبيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ما يكشف عن واحدة من سمات السياسة الإسرائيلية التي تعيش حالة من التقلب الأيديولوجي كل يوم”.
وأضاف في مقال ترجمته “عربي21” أن “اتفاقية المياه بين إسرائيل والأردن، ليست هدية، حيث يتلقى الاحتلال كامل ثمن المياه من المملكة، لكنها تساعد في الحفاظ على الأنسجة الهشّة لمصالحنا المشتركة مع الجار الذي نتشارك معه أطول خط حدودي، ستكون الدول المعادية للجانبين سعيدة برؤية البيت الملكي الأردني يسقط، لأنه إذا مات الشعب الأردني عطشا، وبدون المياه الإسرائيلية سيقترب من هذا الوضع، فإن استقرار النظام في الأردن سيتقوّض أكثر، ومعه الاستقرار النسبي لخط الحدود الممتد من إيلات إلى الجليل”.
وتساءل: “هل هذا حقا ما نحتاجه الآن بإشعال جبهة أخرى، مع أنه خلال حكومة بينيت-لابيد القصيرة، توسعت علاقات الموارد مع الأردن بشكل كبير، لما هو أبعد من النقل الدائم للمياه الذي بدأ كجزء من اتفاقية السلام بين إسحاق رابين والملك حسين، عندما تم التوصل إلى اتفاقية “الماء مقابل الكهرباء”، وتعهد الاحتلال بموجبها ببناء محطة لتحلية المياه لتدفق المياه للأردن مقابل بناء حقل للطاقة الشمسية في صحرائه لتوفير الكهرباء النظيفة للاحتلال، وهذا مثال لترجمة التعاون في مجال الموارد الطبيعية والبيئة وتعزيز التحالف والمصالح الجيو-سياسية، بحيث أن الجميع يستفيدون منه”.
وأوضح أن “ليبرمان كان وزير المالية في الحكومة التي وافقت على الاتفاق، وافتخر به، دون إبداء أي تحفظات بشأنه، لكنه اليوم يعود إلى شخصيته الحقيقية في مجال الشعبوية حتى على حساب الأمن القومي، مع العلم أنه بعد وقت قصير من دخول إيلي كوهين لوزارة الطاقة بداية 2024، خرجت تقارير من الوزارة تفيد بأن الحكومة تجري النظر في وقف إمدادات المياه للأردن في ضوء التصريحات القاسية لكبار مسؤوليه تجاه سلوكها في غزة”.
واستدرك بالقول إنه “في لحظة الحقيقة، عندما أبحر أسطول الطائرات بدون طيار الإيراني نحو فلسطين المحتلة، وحلّق في سماء الأردن، فقد أصبح واضحا أن مصالح الأردن وإسرائيل لا تزال على نفس الجانب، وقام الأردنيون بدور نشط في الاعتراض، ما دفع وزير الطاقة للرضوخ، والإعلان أنه في ضوء ذلك يحق لهم الاستمرار في الحصول على المياه”.
ونقل عن مسؤول كبير في قطاع المياه الإسرائيلية، أنه “يحوّل للأردن سنويا 105 ملايين متر مكعب حيث تضاعفت الكمية قبل عدة سنوات، ورغم إدراك ليبرمان للقيمة الهائلة للتعاون مع الأردنيين، لكنه شخصية شعبوية تتوافق مع قاعدته الانتخابية، وأتمنى ألا يتسرب هذا الكلام الخطير لأصحاب القرار في الحكومة، ورغم أن اتفاق الماء مقابل الكهرباء وصل إلى حالة من الجمود العميق بسبب حرب غزة، لكن العلاقات المهنية بينهما يتم الحفاظ عليها طوال الوقت، حتى ولو في مستوى منخفض للغاية، صحيح أنه تم تجميد الاتفاقية، ولكن لم يتم إلغاؤها، أي أن الأردنيين لم يتخذوا خطوات لا رجعة فيها، ويبدو أنهم ينتظرون انتهاء حرب غزة للعودة للترويج لها”.
تأتي دعوة ليبرمان المتطرفة فيما يمكن رصد جملة من المواقف لكبار مسؤولي الأردن، بمن فيهم الملكة رانيا ووزير الخارجية أيمن الصفدي، الذين يتخذون المواقف الأكثر تطرفا المناهضة للاحتلال، وتم التعبير عنها في عدد من الأحداث المختلفة، بما فيها مقابلة أجرتها الملكة مع شبكة “سي إن إن”، اتهمت فيها إسرائيل بالقتل الجماعي والممنهج للأطفال، واتهامات خطيرة بمنع المساعدات الإنسانية عن غزة، والإضرار بإمداداتها بطريقة تؤدي لوفاة العديد من الفلسطينيين جوعاً، فيما قام الصفدي بانتقاد الاحتلال وجيشه مرات لا تحصى منذ اندلاع الحرب.