كتبت الدكتورة مريم ابوزيد... في هذه الحياة نحتاج إلى قوة جبارة تحطم الصخور الصلبة التي تعيق تقدم الانسان وهو يشق طريقه في الدروب الوعرة، الفقر واليتم والظلم والقهر والتسلط والفشل المتكرر تلك حوافز مشجعة للنجاح وتحقيق الذات ويجب عليك أن تكون صبورا ومكافحا وثابتا ضد الرياح والعواصف والأعاصير والأمواج العاتية، مثل الجبل الشامخ، ولكن اذا شعر الانسان بالغبن وعدم التقدير وغياب الحوافز والتشجيع وتكره القيام بأعمال كانت من أولوياتك ،أصابك الملل والتعب، بسبب الشخص المسؤول عن إدارة دفة العمل ويُعطي الصلاحيات والتفويضات، منهم من وضع أمام نصب عينه مخافة الله في المقام الأول، وأن يؤدي عمله على أكمل وجه ، وعدم التفرقة بين جميع الموظفين . ومن مهام عملهم تلمس احتياجات الموظفين و تطويرهم. ويكون دورهم كبيرا في إعطاء كل ذي حق حقه بعيدا عن المحسوبيات والمجاملات على تفضيل بعض الموظفين، وللأسف نجد أن هذه النوعية من الرؤساء المباشرين الذين وضعوا مخافة الله في المقام الأول يكادوا ينعدون على الأصابع !!
وفي الجانب الآخر يوجد رؤساء مباشرين انعدمت فيهم الأمانة مصداقية العمل ومخافة الله !؟ لأن نظرتهم بأن كرسي الرئاسة سوف يدوم لهم سنين طويلة .. وللأسف أعطيت لهم أمانة الرئاسة والثقة، مما جعلهم يستخدموا نفوذهم ويعملون ما بدالهم من ظلم وأذية المرؤوسين!! فالرئيس المباشر لو وقف ضدك فمن سابع المستحيلات أن تحصل على أبسط حقوقك العملية كدورات تطويرية سواء أو ترقية في العمل أو الأخذ بآرائك واقتراحاتك العملية.
بينما تجد بعض الزملاء القريبين من قلب هذا الرئيس الظالم طريقهم مفروش بأكاليل من الورود الجميلة، ويحصلون على جميع الأشياء التي يحتاجها الموظف كالدورات التطويرية والزيادات المفرحة والعالية النسب في نهاية السنة !!
ومهما عملت من مجهودات تطويرية في العمل تجده يختار لغة التهميش، وللأسف كل الذي تعمله يذهب سدى ويكون أمر طبيعيا في نظر هذا الرئيس الباغي، واذا قدمت اقتراحات او ملاحظات لا يعطيك اي اهتمام !
بينما تجد القريبين منه طلباتهم أوامر، وإذا عملوا جهدا بسيطا في العمل يعمل لهم هليلة خاصة ويطالب بشهادات تقديرية، بل يخبر المدراء بأنهم عملوا شيء خرافي ولا يمكن لأي موظف أن يضاهي عملهم .
لو ذهبت إليه وطالبته بأبسط حقوقك العملية، لا يأبه لما تقولـ وإذا تحدث إليك يستقبلك بنظرات فوقية وحادة وبوجه غير سمح، وكأنك تريد شيئا من جيبه الخاص ، بل ينظر للساعة المعلقة على الحائط باستمرار !!
بالمقابل هناك من كان عونا للظالم، لو نظرنا من حولنا لوجدنا أن (الركون إلى الظالمين ومساعدتهم) أصحبت ظاهرة خطيرة ومنتشرة، رغم علمهم بأنّ هذا الأمر خطير، لكننا نجد هناك من يعين الظّالم على أخيه المظلوم !فهناك من يدافع عن الباطل ويتحد معه، وهناك من يحارب من أجل الباطل مع الظالم ضد المظلوم!
أنت أيها المسؤول: إذا رأيت الموظف يظلم الناس، ويجبر الآخرين على الخضوع له، ولا يعمل بأمانة، وسكت على هذا الظلم، ولم تنصحه أن يبتعد عن هذه الأخلاق الذميمة فأنت قد أعنته على الظلم..وهناك من الأشخاص من يدافع مع زميله رغم علمه بأنّه ظالم، ويسلب الحق من المظلوم بحجّة النّصرة لزميله !
ونقول : أن لا تكون ظالماً فتلك فضيلة، أن لا تظلم فتلك فضيلة، ولكن هذه الفضيلة لا تكتمل بعدم ظلمك وإنما تكتمل إذا نصرت المظلوم، الفضيلة بتمامها أن لا تظلم وأن تنصر المظلوم الذي تراه أمامك، لعل أكثرنا ينظر إلى نفسه على أنه غير ظالم، ويمكن أن يكون كذلك، لكننا نقول له لا يكفي هذا، عليك أن ترفع الظلامة عن المظلوم إذا كنت قادراً، وعليك أن تبذل جهدك لتتأكد فيما إذا كنت قادراً أو لا.
كل ذلك يجعلك تقف للتصدي لتلك الصعوبات؟ تقاوم ولا تسقط لا تجعل الازمات تقتل شغف الحياة بداخلك، ولا معنى للحياة بلا شغف ويحق لكِ أن تركض وراء هذا الشغف حتى تجده في مكان آخر، لا يرتكب جريمة قتل الشغف، وادعوا ربكم ألا ينطفئ بريق شغفكم بعد كل خيبة، ولا تسرقه لحظة يأس، أو تخطفه برهة ضعف في تكرار المواقف السلبية، وإحساسكم بالظلم أو الخيبة أو القنوط، ولا تنسوا في كل مفاصل يومكم أن تخلقوا الفرصة لأحلامكم الصغيرة حتى أمام قلة حيلتكم وفراغ أرواحكم من الدافعية، كيلا تكون حياتكم بلا هدف، وتنطفئ شموع لهفتكم بعد التوهج، لأنكم - بعدها - وإن عادت لكم الفرصة، فمن يعيد لكم الشغف؟! ومن يعيد لكم متعة النظر لأنفسكم في مرآة الفرح؟!
حدثوني عن متعة الحياة؛ أحدثكم عن الشغف!! اذا تعرضت للظلم، اصبر واحتسب الأجر عند الله، وغير ذلك مما قدره الله لك يجب ان تتحمل وأن تشهد بقلبك ما أعده الله للصابرين، وللكاظمين الغيظ ، فباب الدعاء مفتوحا للعباد ، وأن ترى أن من نعم الله عليك أن جعلك مظلوماً صابرا تنتظر ما ينتظره الصابرون. قال تعالى : (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) [الزمر: 10] ، ولم يجعلك ظالما تنتظر ما ينتظره الظالمون، وقال تعالى : (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [الشعراء: 227].
وأفضل شيء تعمله، هو أن تلتزم بالهدوء، واستمر في عطاءك وتقدمك، ودع دقة الاداء والانتاجية الرائعة التي تجيدها تجيبهم فهي أبلغ رد على من ظلمك. مستذكر مقولة:
إذا جار الأمير وحاجباه *** وقاضي الأرض أسرف في القضاء
فويل ثم ويـــل ثم ويـــل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء
الدكتورة مريم أبو زيد