في عام 1968 ولد جيل امريكي جديد اعترض واحتج على جرائم حرب فيتنام، ورفض التجنيد في الجيش لحرب ترتكب بها امريكا ابادة.
و فقدت حرب فيتنام السند والظهير امام الرأي العام الامريكي.
و اليوم، في ذات المناخات تنتج جامعات امريكا وجيلا من الشباب الامريكي عناوين رافضة للابادة الغزية، وحرب التجويع والحصار والابادة في غزة. و تطالب بوقف اطلاق النار وفتح المعابر الانسانية، ومقاطعة شركات امريكية وغربية تدعم وتمول الجيش الاسرائيلي.
«اسرائيل « لاول مرة منذ ولادتها توضع بين قوسي الاتهام في امريكا. و الاحتجاج وطوفان طلاب الجامعات يضع مستقبل علاقة امريكا واسرائيل تحت خطوط النيران. و الاعلام الامريكي والاسرائيلي « الصهيوني « حاول ان يمنع وصول صور ابادة اطفال ونساء غزة.
تعتيم وتشويه وتمويه اعلامي امريكي للصورة الكارثية الانسانية في غزة. الاجيال الشابة الامريكية تولد حركة وعي، واحتجاجا سياسيا غاضبا رافضا لسياسة امريكا، ورعاية ودعم اسرائيل وحربها والابادة في غزة. الاحتجاج الجامعي اليوم هو مطرح سؤال النخبة الامريكية عن العلاقة مع اسرائيل، والنيوليبرالية الامريكية وعولمة القوة والغطرسة الامريكية.
و هي اطروحات طلابية اخلاقية مضادة للسياسة الامريكية وادارة الحكم في البيت الأبيض والكونغرس، وادارة الجامعات.
و رأينا، كيف تحولت امريكا امام موجة الغضب الطلابي الى قبضة امنية، وحكم في عقلية «وان مان شو «. الغاضبون في جامعات امريكا يتقاطعون مع حراكات اجتماعية احتجاجية، واليسار الامريكي الجديد ومناصري السود. وهي مجموعات احتجاجية لها مواقف ايدولوجية ممانعة من وول ستيرت، ومحنة السود في امريكا.
الصراع والمواجهة مع السلطة في امريكا اخذ مدى كبيرا وواسعا، وغير متوقع، وتابعنا اخبارا عن اعتقالات ومداهمات واعتداء على خيم المحتجين ومصادرة حقهم الدستوري في الاحتجاج والاعتصام السلمي.
و صراع طلاب الجامعات والحكومة هو صدام على المستقبل.. والرابح بلا شك سيكون الطلاب والاجيال الشابة، وذلك في مواجهة سلطة مهترئة ومتلبدة.
و استطلاعات الرأي العام كشفت عن اتجاهات فارقة في صفوف الامريكان، فنحو 56 % من الامريكان يعارضون ارسال المزيد من المساعدات العكسرية الى اسرائيل. و رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو سارع في اتهام الطلاب المحتجين بالعداء للاسامية، ودخل على خط الصراع المتلهب في الجامعات الأمريكية ومناهضة دعم الحرب في غزة. و القمع هو السلاح الاوحد في يدي الحكومة الامريكية. وما يتربك ضد الطلاب خطأ فادح في تاريخ امريكا.
و ما يلوح في افق جامعات امريكا مقدمة لحركة احتجاج طلابية عالمية، وتكاد ان تقارب في افكارها ومشاريعها السياسية والفكرية الرافضة للسياسة الامريكية والامبرالية الاقتصادية والعسكرية.
و لربما ما يجمع اليوم بين جامعات امريكا وفرنسا وكندا هو مناهضة ورفض حرب غزة. ويعلن عن ولادة جيل جديد. وصورة لحركة اممية تطالب بمساواة وعدل انساني، وحرب ومقاومة لافكار الامبرالية الامريكية، وسطوة واستبداد الاقتصاد الليبرالي، وانقلاب على قيم الليبرالية الامريكية المفلسة اخلاقيا. لافكار واراء طوفان الجامعات الامريكية الثورية امتداد في جامعات عربية.. ولكن ننتظر في عالمنا من يدق الجرس، ويمسك في زمام اللحظة التاريخية..
من جامعات امريكا انطلقت قوة اخلاقية انسانية تمد الضمير الانساني في القيم ومقاومة ومناهضة الظلم والاستبداد الليبرالي الغربي، والدعم العسكري والسياسي والاقتصادي الغربي المطلق لاسرائيل اخر كيان احتلالي على وجه الكرة الارضية.