القضية الفلسطينية ليست قضية طارئة أردنيا أو بعيدة عن أولوياته بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تاريخيا، وذلك غير مرتبط مطلقا بأزمة أو حدث أو استثناء، إنما هي حاضرة وبقوّة أردنيا على كافة الصعد السياسية والإنسانية والإغاثية وحتى الاقتصادية ناهيك عن الاجتماعية، والشعبية، ومنذ بدء الحرب على أهلنا في غزة والأردن يؤكد على ثوابته تجاه القضية الفلسطينية وغزة، بتأكيدات أن غزة تعيش مآسي وكوارث منذ سنين لم تكن أولها بعد السابع من «أكتوبر».
كثيرون يقفون على المواقف الأردنية اليوم بقراءات كثيرة، متناسين أن هذه المواقف تاريخية لم ترتبط يوما بحدث أو أزمة، فهي ليست جديدة وليست طارئة، بل تزداد قوة وثباتا على كل ما من شأنه أن يقود لسلام حقيقي وعادل، ولحل الدولتين الذي هو مفتاح السلام والاستقرار للعالم ليس فقط للمنطقة، هذا تاريخ يزيده الأردنيون بقيادة جلالة الملك يوما بعد يوم دعما وسندا لأهلنا في غزة والضفة الغربية، ليبقى حتى يومنا هذا الثابت الوحيد في أمل الفلسطينيين كافة بغد أفضل.
على هذا النحو، تأتي تصريحات جلالة الملكة رانيا العبدالله في الولايات المتحدة الأمريكية سواء كان خلال مقابلتين للإعلام الأمريكي، وكذلك خلال مشاركتها في جلسة حوارية أدارها الإعلامي علي فيلشي ضمن المؤتمر العالمي لمعهد ميلكن في لوس انجلوس، فلم تكن كل تصريحات جلالتها التي اتسمت بأعلى درجات الثقافة والتمكين السياسي والثقة بالقول والمعلومة وامتلاك الحقيقة، لم تكن جديدة فجلالة الملكة وعبر سنوات تحمل ذات الآراء الداعمة للقضية الفلسطينية فهذا جزء من الثوابت الأردنية، ومن غزة تحديدا، فهي آراء ومواقف عبر سنين تاريخية، وفي أي متابعة لمقابلات وآراء جلالتها سنجدها بذات الأهمية والمضمون منذ سنين.
جلالة الملكة تحدثت بكل عمق وثقة وقوة خلال مقابلة لجلالتها مع الإعلامية الأمريكية جوي ريد على قناة MSNBC في نيويورك، واضعة ثقلا معلوماتيا في هذه المقابلة التي وصفها كثيرون بالتاريخية، حول غزة وفلسطين، وبمزيد من قوّة المعلومة وثبات المواقف تحدثت جلالتها خلال مقابلة تلفزيونية أخرى مع الاعلامية الامريكية مارغريت برينان في برنامج «فيس ذا نيشن» على شبكة سي بي إس في نيويورك، أتبعت جلالتها هذا الزخم النوعي في المعلومة والحقائق، والتفاصيل، خلال مشاركتها في جلسة حوارية أدارها الإعلامي علي فيلشي ضمن المؤتمر العالمي لمعهد ميلكن في لوس انجلوس، بتأكيدات على أن «الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق الأمن في منطقتنا هي من خلال السلام، بحيث لا يحصل الفلسطينيون على وعود بإقامة دولة، بل على دولة فعلية. وأضافت «لا يمكن أن يكون هناك إسرائيل آمنة طالما استمر ظلم شديد على حدودها»، كلمات تجدد على الثوابت الأردنية فلا مساحة للوعود بواقع الحال الفلسطيني اليوم..
جلالة الملكة رانيا العبدالله شخصية عالمية معروفة ومؤثرة، وتحظى باحترام وتقدير وثقة العالم كافة، ما يجعل من حديثها ومواقفها المبنية على الموقف الأردني التاريخي من القضية الفلسطينية، يجعله محلّ ثقة ويدفع باتجاه تغيير مواقف ورؤى كان قد اقتنع بها العالم، فجلالتها تتحدث بلغة بيضاء إنسانية كما هي دوما، وبلغتهم وفي أماكن قراراتهم، ليس هذا فحسب إنما تتحدث عن ثوابتهم التي طالما تحدثوا لنا عن تفاصيلها لتنقل لهم الحقيقة الفلسطينية بأسلوبهم ولغتهم بكل حنكة وثقة وثقافة، وموضوعية، واضعة حقائق لم تكن لتصل للعالم بهذه الصورة إلاّ من خلال صوت جلالتها ورؤيتها وعمقها وواقعيتها في هذا الجانب، لتكون وبكل جدارة مؤثرة حدّ تغيير الكثير من المواقف والمعلومات بثت وتبث على وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية لجهة الحقيقة الفلسطينية والحق الفلسطيني.
استخدمت جلالتها بذكاء وتميّز منقطع النظير الأرقام الموثّقة لطرح الحقيقة الفلسطينية، في حديث جلالتها عن النزوح وعن واقع المدارس والبنية الصحية وواقع الأطفال وحرب التجويع، وغيرها من التفاصيل التي تنقل جرائم الاحتلال في غزة، بطريقة ذكية وثقافة عالية، وشجاعة، لتصل إلى حالة نادرة من التجاوب الأمريكي والعالمي مع أهلنا في غزة، وإلى تغييرات جذرية في مواقف أمريكية ودولية من الحرب على غزة.