يا حيف على طالب الكيف سمّا زعافا يهون الموت عند ما يخلّفه من ذل وأسى وخسران، في الدنيا والآخرة. أي إجرام وأي إرهاب هذا الذي تصر جماعة أشرار على إدخاله حدودنا خلسة وعنوة. خسئوا دائما وأبدا، فللحدود جنود تحميها زنود الأسود والنسور، كما ورد في وسم متكرر رفعه الأردنيون كلما كشفت قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية الباسلة عن ضبط وإحباط مواد لا توصف إلا بالسامة والشيطانية التي تحاول النيل من طيبتنا وأصالتنا ونخوتنا وشهامتنا عبر الحدود ذاتها التي فتحها هذا الحمى الهاشمي أمام الفارين من القمع والإرهاب. لا مكان للإدمان بيننا، فالحر لا يقبل الهوان أبدا، ولا معنى للإدمان سوى الهوان والخسران، إن عاجلا أم آجلا بعد لذة كاذبة قصيرة زائلة وإن طالت.
كلما طالعتنا الصحافة أخبارا عن نجاح كلفنا شهيدا كما كان يوم ودعنا الشهيد البطل ماجد الفاعوري من مرتبات أبطالنا حرس الحدود، تذكرت تلك المسيّرات وبعض الهتافات المغرضة التي أعلت من شأن قوى لا تريد بنا خيرا، وما فعلت يوما. قوى الظلام من عصابات الأشرار نظما وتنظيمات الذين تاجروا وعلى مدى عقود بكل شيء، حتى بلغ بهم الإفلاس حد الاتجار بالمخدرات والسلاح معا، معاول هدم قوامها واحد هلاميّ متذبذب كما الزئبق في ادعاء قيم نبيلة فاضلة وطنية أو دينية، وفي باطنهم سم زعاف من التضليل عبر التخدير، إضعافا للهمة التي لن ينالوا منها أبدا بعون الله، في بلاد العزم والحزم..
صمت القبور يكشف عن أصحابها. لست أدري ما الذي يخرسهم كلما ألمّت بنا مصيبة أو شدة؟ ليس المطلوب مجرد إدانة بل ما يصدق الأقوال من أفعال.
تلك الأفعى ذات الجلود البالية، متعدد الألوان، أخطر ما فيها ذلك الملمس الناعم الذي تقوم على خدمته وظيفيا حرابيّ تأخذ لونها من بيئتها. لا تتخفى دائما خلف قناع ولا تتلطى دائما بترس، بعضنا للأسف يسمح لها بالاندساس في أحضاننا. قد آن الأوان لسحق رأس الأفعى. ولذلك تقدير غاية في الانضباط ليس من اختصاصنا، هو أمانة استودعناها لدى «القوي الأمين» به نستجير، ونجار دائما وأبدا. هم العسكر في زيهم الأبهى أو المدني، في الحالين يعلمون أن خلف الجيش جيش، كما أراده قائدنا المفدى سيدنا عبدالله الثاني.
ليس المتقاعدون وحدهم، وليسوا من ينعمون في ظلال الأردن وحدهم، بل جميعنا -في الوطن والمهجر- نخوص معا معركة الوعي في التصدي لكل خوّان غادر، يطلق الرصاص أحيانا والسموم أحيانا أخرى.
معركتنا في الأصل روحية ثقافية، ميدانها الثقافة والإعلام والتربية والتعليم. ليست المهمة مهمة طبيب أو واعظ من على منبر مسجد أو كنيسة، كلنا فريق واحد نحارب أعداءنا بكل ما أوتينا من قوة. لا نستصغر ولا نحقرن شيئا، حتى النكتة لها دورها، كأن نكف عن النكات السمجة -مطلعها: في واحد حشاش أو مسطول- تلك التي تروج لتلك السموم وتربط بين الكيف والمزاج العالي وبينها، دونما الكشف أنه من الحيف الاقتراب م ن كيف قاتل.. يقتل الروح والعزم والهمم والأسر والمجتمعات والأوطان.
الحرب حربنا، تماما كما كانت حربنا يوم تصدينا لإرهاب خوارج العصر، الدواعش لا فرق بينهم وبين من يحاولون اختراق الديرة والعشيرة من الداخل أو عبر الحدود.. وإن ربك ثم جند الأردن المفدى لبالمرصاد..