خاص - عيسى محارب العجارمة - بادئ ذي بدء انا اكتب لنفسي ، ولي طقوس للكتابة قد يجدها البعض غريبة بعض الشئ ، فمثلا اشغل اغنية لعل وعسى لنور مهنا واسترسل معها في حلم يقظه جميل لا يقطعة صوت صاروخ سكود ايراني عابر لا قدرالله فوق سماء الاردن باتجاه اسرائيل او العكس ، فقد تجاهلت نقاش زوجتي وهي تعد طعام الافطار صبيحة هذا اليوم وهي تتكهن بان اسرائيل قتلت الرئيس الايراني وانها تسمع اصوات ازيز الطائرات تهدر فوق البيت ولكن على مسافات مرتفعة جدا .
لم اعلق ودخلت الحمام لأخذ دش الصباح قبيل الافطار بالتاسعة صباحا واصغت السمع مجددا وبالفعل سمعت ازيز صوت طيران ، وحينما عدت لمائدة الافطار بدلت الموضوع وتحدثت عن مسلسل رمضاني تابعناه والعيلة سويا وبالفعل تغير الموضوع لامر يدخل البهجة والسرور على عائلتي الصغيرة في هذه الايام القلقة لنا جميعا اردنيين وعربا والعالم باسره فكيف لا بحدث كهذا هز العالم باسره الا وهو وفاة الرئيس الايراني وتداعياته الخطيرة وعودة حرب الصواريخ العابرة للقارات بين ايران واسرائيل ومرورها فوق الاردن .
غادرت البيت وانا اتوجس خيفة من الحدث الجلل ايرانيا وعربيا ودوليا ، تذكرت اغنية الرائع نور مهنا المعنونة بياحلى الصبايا وتمنيت ان تعود الايام وان اعود شابا جذلا واعيد ليلة زواجي من جديد في صيف 1991 وتحديدا 1 اب وهو بذكرى السنة الاولى لخروج العراق من الكويت وتداعيات ذاك الحدث الرهيب الذي هز الكرة الارضية قبل عام واحد فقط ولكن الحياة تستمر فقد تزوجت بعد عام واحد فقط منه فقط وعشت اجمل ايام حياتي مع رفيقة العمر ولا زلت ذهبت لرحلة الحج عام 1997 وكانت اجمل لحظه في حياتي وقلت في نفسي لماذا نشتري الهم لانفسنا باثر رجعي فالارض ارضنا والسماء سمائنا وسلاح الجو الاردني تكفل بالمهمة قبل شهر من الان وحمى سماء الوطن فلماذا كل هذا الخوف يا اردنيين واردنيات .
انا اعرف بان مقالي له وقع اخر لدى كثير من الاسر والعوائل الاردنية فحينما كنت اعمل بوكالة زاد الاردن الاخبارية الغراء في بداية الربيع العربي اتصلت بي احدى الامهات من ضاحية عبدون الراقية على تلفون زاد الاردن واستحلفتني بالله بعد مقال صاخب لي حينها ان كانت ستقع حرب ام لا بيننا وبين الاخوة السوريين فطمأنتها بأن هذا ضرب من الخيال وشعرت من حينها بمسؤليتي الادبية حينما اكتب المقال انا لا اشيع حالة من الذعر والخوف لدى الامهات الاردنيات مهما ادلهمت الخطوب فالاردن بخير ولله الحمد .
وعليه فقد عنونت مقالي هذا بنص ادبي رائع للاديب اللبناني توفيق يوسف عواد الذي اشتهر بقصصه ورواياته ومن اشهرها الصبي الاعرج وقميص الصوف والرغيف وطواحين بيروت حيث جاء فيها ان بطل روايته كان اسمه خليل ولكن الناس لا يعرفونه بهذا الاسم وهم ينادونه اعرج حتى كاد هو ينسى الاسم .
في الثالثة عشرة من عمره على وجهه بقع من الغبار المزمن واخاديد من الذل يجر طول النهار وقسما من الليل رجله العرجاء من مكان الى اخر . الرجل اليمنى مبرومة عند الركبة الى الوراء . يدوس الارض على ابهامه والابهام ضخمة شققها المشي على الحصى وعشعش بين شقوقها وحل الشتاء الماضي .
يسترسل الاديب قائلا :- رفاقه الشحاذون صغارا وكبارا لكل واحد منهم اغنية يرددها على المحسنين يطلبون من الله ان يطول لهم عمرهم ، ان يعوض عليهم ، ان يرزق المرأة ولدا والفتاة عريسا ، يثرثرون دائما ، ويلصقون بالمحسنين لصقا ، فلا ينزعهم الا القرش .
اما هو فلا يجيد الثرثرة بل يبقى صامتا كالاخرس لولا ابتسامته الحزينة ولولا عيناه الناطقتان بالف لغز من الغاز الطفولة المقهورة ولولا يده الممتدة الراجفة كورقة الخريف لظنه الناس صنما .
والبشر يحبون الثرثرة يحبون الدعاء لا يعطون الصدقة الا بثمنها عدا ونقدا ، ولكن الاعرج لا تتحرك له شفتان بدعاء ولا برجاء ، كانما في قلبه ايمان بان له على هؤلاء البشر ضريبة . يمد كفه الى واحد ، ثم يجوز الى غيره جارا رجله العرجاء العوجاء . واذا ظفر بقرش او نصف قرش ، حدق اليه وقلبه ثم وضعه في جيب ثوبه القذر المرقع ومشى ...
الخلاصة :- تصدقوا ايها الاردنيوون والاردنيات عل وعسى على رأي نور مهنا ان لا تطالكم نار هذه الحرب الكونية الجديدة مصداقا للاية الكريمة ( كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله )