أتجنب التوغل كثيرا في الكتابة عن الكهرباء، فأنا لست كاتبا اقتصاديا ولا ألم بمعلومات تصلح للكتابة كل يوم عنه، لكن كل مقالة أكتبها تحظى بردود أفعال وتساؤلات وجيهة، لا بد من إثارتها؟؟
الطاقة وقطاعها المهم؛ فيهما وعليهما حديث طويل، يكاد لا ينتهي، فليست الأحجية متعلقة فقط بتسعيرة المشتقات النفطية، التي لم يتمكن أحد حتى اليوم من تحليلها وفهمها، وما تزال الأسئلة الإستنكارية تحوم حولها بل تغلفها، وتقدمها للناس على هيئة إجابات لا أثر ملموسا لها.
قبل عدة أشهر التقيت بمعالي وزير الطاقة والثروة المعدنية المهندس صالح الخرابشة، وهو مسؤول واضح منفتح تماما على الرأي الآخر، لا يتحدث سوى بمعلومة ومنطق، ولا يجيد اللف والدوران، فبادرته بتساؤل وقتها: معاليك؛ ترى حديثك عن شواحن السيارات وتشجيعك لامتلاك سيارة كهربائية، استوقفني لأنني أثق بك وبكلامك، وقد قلت في لقاء ما في مجلس النواب، بأن الخيار الأفضل للناس أن يقوموا بتركيب عداد لشحن السيارة الكهربائية، فتعرفتها ثابتة، وهي تحقق توفيرا أكبر، بالنسبة للمنازل واستهلاكها.. وهذه حقيقة واضحة..
طبعا كلام الوزير صحيح؛ لكن الإجراءات والآراء الفنية والحقائق الموجودة على الأرض، بالنسبة لقدرات الشبكة المغذية للمنازل، حدّت من تركيب مزيد من عدادات الشحن الكهربائية، والأسباب فنية، حيث لا يمكن لكوابل الاشتراكات المنزلية في حالة «العمارات ذات الشقق الكثيرة، لا يمكن لكوابلها وقواطعها الكهربائية أن تحتمل «ذروة» السحب للكهرباء، ففي يوم بارد أو حار، سيقوم سكان العمارة بتشغيل «مكيفات منازلهم» وسخانات الماء الكهربائية..وغيرها، وهذا يشكل عبئا على الكيبل الذي يزود العمارة بالكهرباء، الأمر الذي يؤدي لمشاكل كثيرة وليس فقط انفصالا متكررا للكهرباء عن العمارة، وقد أخبرني الوزير يومها بأنه ثمة إجراءات ستقوم بها هيئة تنظيم الطاقة مع مزودي الكهرباء، وهذا ما يحدث اليوم بالفعل، حيث توقفت شركة الكهرباء عن منح موافقات لتركيب عدادات شحن سيارات جديدة، لغايات تنظيم هذا الحقل بطريقة تضمن سيرا سلسا للخدمة، دونما تأثير على حياة الناس.
المزعج في الموضوع هو ما يتناقله الناس حول مآل هذه العملية، وهل ستصدق توقعات بعضهم «المتشائمة» التي تشكك بأن تسعيرة الكيلو واط سترتفع وستخضع لمعادلات ما، وهذا ما نفته الحكومة وشركة الكهرباء سابقا، فالتعرفة على عدادات شحن السيارات ثابتة، ولن تتغير، وثمة الكثير من الإجابات والتأكيدات على هذه الحقيقة، لكن ما الذي يجري الآن ويدفعني لكتابة هذا العنوان؟
تم إشراك شركة مستقلة لإدارة هذا الموضوع، وهذا إجراء جميل، ويجب أن لا ننسى بأن المزود للكهرباء هو شركة، وليست سلطة أو مؤسسة حكومية، فلا داعي للحديث عن خصخصة ومرادفاتها، فالقطاع أساسا تابع إلى حد كبير للقطاع الخاص، ومن حق الشركات الكبرى أن تمنح وكالات لجهات محلية أخرى من القطاع الخاص، لمزيد من استقلال ورشاقة في التنفيذ، ويقال بأن شركة «البرق» هي التي تملك حقوق تركيب ومنح وإدارة موضوع عدادات شحن السيارات الكهربائية، لكن ما يقال أيضا، ويجري تناقله في وسائل الإعلام، بأن هناك تحديدات جديدة لسعر الكيلو واط بالنسبة لهذه العدادات، حيث إن سعر الشحن وقت الذروة سيكون أعلى من سعرها في غير هذا الوقت، والباعث على القلق هو «المنطق»، فما هو المنطق في أن وقت الذروة هو فترة الليل، وأن على المواطن الذي يملك سيارة ولديه عداد خاص لشحنها، عليه أن يشحن سيارته في النهار حتى يحظى بسعر أقل للكيلو واط؟.. يعني أقل وقت قد يحتاجه بل تحتاجه السيارة لتعبئة بطاريتها بالكهرباء فوق ال5 ساعات وبعضها يحتاج 12 ساعة، فهل ستوقف الشخص عن ممارسة عمله ودوامه في النهار، أم يترك سيارته في المنزل ويستقل التاكسي للوصول إلى عمله؟ أم أن الشخص الذي يستخدم سيارته «تاكسي» لنقل الناس، عليه أن ينام في النهار ويعمل في الليل حيث الناس نيام؟
نريد توضيحا وتصريحا ينفي الشائعات وينهي حالة القلق؟