بعد أن تعهد المجتمع الدولي للأردن بالدور الأساسي في بيان الامر في مسالة انهاء حرب غزة، عبر تنفيذ برنامج اغاثي انساني قادر لإحداث حالة من الاستجابة السريعة في القطاع تستدرك عبرها الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها أبناء غزة في حياتهم اليومية، وذلك بتوفير مقومات البنية الضرورية من مسكن مؤقت وكهرباء ومياه وغذاء ودواء بصوره آمنة ومستدامة تساهم بإعادة مظاهر الحياة بقطاع غزة وايجاد ارضية ملائمة لإعادة إعمار القطاع بما يهيئ المناخ لاعادة سلمية للاجواء يسهم فى لملمة الجراح وطي صفحة مشينه بعمر الإنسانية عبر مؤتمر ينعقد على مستوى القمة لهذه الغاية بحضور الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس وبمشاركة عضوية من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
ولعل مؤتمر البحر الميت الذي ستتجه انظار العالم اليه فى الحادى عشر من الشهر الحالي يعول عليه بتشكيل بوابة خروج من مستنقع غزة الذى دخل العالم اليه بطريقه مباشره او غير مباشرة، حيث ينتظر ان ترسل مسالة انعقاد هذا المؤتمر جملة بيان سياسية يؤكد عبرها على ثابت المنطقة بالحلول السلمية ورفضها للحلول العسكرية والقرارات الأحادية وصواب قراره بعدم انجرارها تجاه حروب اقليمية كادت ان تؤدي تبعات كارثية لولا يقظة انظمة المنطقة من عواقب نتائجها بقراءة مشهد تبعاتها.
والتى كان ينتظر منها إعادة تشكيل الخارطة الجغرافية لمجتمعات المنطقة وإعادة صياغة مشروعية أنظمتها ضمن مقاييس جديدة بعنوان جديد، وهو المضمون السياسي الذي سيجعل من مؤتمر الإغاثة في بيانه العام يشكل جملة سياسية عريضة يجسد عبرها انتهاء مسرح العمليات العسكرية ووأد مؤامرة سياسية خبيثة ارادت ان تنال من مستقرات المنطقة وذلك بانعقاد هذا المؤتمر الذي تجفف أملاح البحر الميت نابها وذلك بإعلان انتصار سياسة الاعتدال على عناوين التطرف والغلو التي سادت المنطقة على مدار الثماني أشهر الماضية.
وبهذا تكون الأردن والمنطقة قد نجحت بإخماد نيران فتنة كادت رياحها أن تعصف بالمنطقة ومستقرها، الأمر الذي سيجعل من مؤتمر البحر الميت يشكل فى مضمونه مفصل سياسي مهم في تاريخ المنطقة كما سيشكل بوابه خروج من ازمة مستعصية بعدما نجحت قيادة المنطقة لردع السياسات العسكرية حوصلتها ورفض القرارات الاحادية باحتوائها وعدم الرضوخ لسياسة الأمر الواقع، وذلك عبر مقاومة ميدانية ذاتية مؤيده استخباريا من الأطراف العضوية كما هى مناصرة سياسيا من الأطراف الإقليمية، وهو ما يجعل من مؤتمر الإغاثة يشكل مؤتمرا سياسيا لما يحويه من مضامين استراتيجية عميقة.
مؤتمر البحر الميت الذى ينعقد بعدما اعلن الرئيس بايدن خطته للتسوية وراحت جميع الأطراف بالإعلان الضمني يعتبر محطة سياسية مهمة كونها جعلت من الجميع "رابح – رابح" حيث حصل بموجبها نتنياهو على سلم النزول عن الشجرة عبر خطاب حماية فى الكونجرس يخلصه من تبعات الملاحقات القضائية وقد يمكنه سياسيا، كما حصلت المقاومة الفلسطينية على حمايتها السياسية وتأطيرها بإطار منظمة التحرير الفلسطينية تمهيدا لدعم مشروع "الدولة" عبر تسوية اقليمية شاملة، كما حصلت الأطراف العضوية الاردنيه والمصريه على مكانتها في المشهد الجيوسياسي القادم وبهذا تكون جميع الأطراف المشاركة والمتداخلة قد نالت استحقاقاتها في الحفاظ على مكانتها في المستقبل القادم.
أما الرئيس جو بايدن فلقد نال ما سعى لتكوينه من جملة سياسية داعمة له بالمشهد الانتخابي حيث ينتظر أن تجعل هذه الترتيبات اصوات الولايات المتارجحة الست ان تذهب باتجاهه بعد أن استطاع أن يقرن المدد الثلاث من مراحل التسوية التى تقدر بالستة أشهر مع موعد يوم الاقتراع فى نوفمبر القادم، وهو ما يعني أن توقيتات إعلان الهدنة ستشكل مجموع مراحلها الثلاث محصلة هي ذات التوقيتات التى تطلبها الفترة المتبقية للانتخابات، وهو ما يعني بالمحصلة أن هذه الفترة قد تشهد مؤتمر دولي للسلام والإعلان عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليكون هذا الاعلان متزامن مع علاقات تطبيعية إسرائيلية عربية بعدما تم تقليم الأطراف المتطرفة من كلا الجانبين على حد تعبير متابعين وعودة الجميع للدخول الإطار الناظم في أمن المنطقة ولحين بيان ذلك ستبقى الانظار متوجهه تجاه الأردن حيث انعقاد قمة الإغاثة بالمحتوى السياسي.