زاد الاردن الاخباري -
على سريره داخل "مستشفى غزة الأوروبي" بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، يجلس الطفل محمد سمور محدقا بمكان البتر في قدميه الاثنتين، اللتين أصيبتا أثناء لهوه بقنبلة إسرائيلية غير منفجرة.
الطفل سمور (14 عاما) عثر على القنبلة أثناء لعبه في أرض زراعية قريبة من منزله بمنطقة الزنة شرق خان يونس، وذلك قبل فترة وجيزة من انفجارها.
لم يتوقع محمد أن هذه القطعة التي كان يلعب بها لتلهيه عن القصف والهجمات الإسرائيلية، ستحرمه من المشي إلى الأبد وتسرق قدميه.
ما زال الطفل الفلسطيني تحت تأثير الصدمة، يتساءل باكيا: "الحرب أفقدتني قدماي، ولا يمكنني المشي كبقية الأطفال والناس، ماذا سأفعل الآن؟ كيف ستكون حياتي بعد الإصابة؟".
يعرب محمد عن تخوفاته من أثر استمرار إغلاق معبر رفح البري على إصابته، حيث يحول ذلك دون سفره لتلقي العلاج في مصر.
يختزل الطفل الغزّي أحلامه بالسفر إلى الخارج لاستكمال علاجه وتركيب أطراف صناعية تمكنه من العودة للمشي، معربا عن آماله في انتهاء الحرب المدمرة على قطاع غزة وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وتحول سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي منذ 7 مايو/ أيار الماضي، عقب بدء العملية العسكرية البرية بمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، دون سفر سمور إلى مصر لاستكمال مدة العلاج وتركيب أطراف صناعية.
انفجار الجسم المشبوه
وفي تفاصيل انفجار الجسم المشبوه، يقول الشاب أحمد سمور، شقيق محمد: "بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من خان يونس، عدنا إلى منزل العائلة في منطقة الزنة، وجلسنا فترة تقدر بـ 15 يوما، وفي أحد الأيام كان محمد يلهو في الأراضي الزراعية المجاورة للمنزل، وعثر على جسم مشبوه من مخلفات الجيش".
ويضيف: "كان محمد يظن أن الجسم المشبوه عبارة عن عبوة معطر جو، وكان يلهو بها داخل المنزل".
ويتابع: "كنا أنا وأمي وأبي نتناول طعام الغداء وفجأة انفجر الجسم المشبوه، وأصيب محمد ووالدتي بجراح نقلناهما على إثرها إلى مستشفى غزة الأوروبي شرق خانيونس لتلقي العلاج".
ويستكمل قائلا: "تعرض محمد لبتر في كلتا قدميه إحداهما من فوق الركبة والثانية من أسفل الركبة، فضلا عن تعرضه لإصابات في كلتا يديه، فيما أصيبت والدتي بجراح طفيفة".
وفي 1 مايو/ أيار الماضي حذرت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام من أن خطر التعرّض للذخائر غير المنفجرة يبلغ "أخطر مراحله"، بحسب تقرير صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا".
وبحسب تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة التي نشرها في 29 أبريل/ نيسان الماضي، فإن "نحو 10 بالمئة من القذائف والقنابل التي ألقاها الجيش الإسرائيلي على القطاع، وتقدر بأكثر من 75 ألف طن متفجرات، لم تنفجر".
استكمال العلاج
يعجز محمد عن استكمال علاجه في الخارج وتركيب أطراف صناعية بسبب إغلاق معبر رفح منذ شهر تقريبا، وفق قول شقيقه.
ويتهدد إغلاق المعبر حياة المرضى والجرحى في قطاع غزة الذين تستدعي حالتهم الصحية السفر إلى للعلاج، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم النفسية والصحية، وفق سمور.
ويتساءل مستنكرا: "ما ذنب الأطفال في قطاع غزة حتى ترتكب إسرائيل بحقهم هذه الجرائم المروعة؟ ويتم استهدافهم إما بطرق مباشرة أو بطرق غير مباشرة كما حدث مع محمد؟ أين حقوق الأطفال والمدافعين عن الطفولة مما يرتكب بحق أطفال غزة؟".
وفي 7 مايو الماضي استولت إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر؛ ما أغلقه أمام خروج جرحى لتلقي العلاج ودخول مساعدات إنسانية شحيحة أساسا، بينها أدوية.
ووفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يواجه آلاف المرضى في القطاع الموت، حيث يحتاجون إلى العلاج والسفر خارج القطاع، ولكن إغلاق معبر رفح يحول دون خروجهم لتلقي العلاج في مستشفيات الخارج.
ومنذ بدء الحرب، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج مستشفيات كثيرة عن الخدمة؛ ما عرض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 118 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.