ونحن نحتفل باليوبيل الفضي- مرور 25 عاما - لتولّي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، علينا أن نتذكر بأن العقدين ونصف العقد الماضية أبدا لم تكن سهلة، بل كانت في تفاصيلها الأصعب على مستوى الاقليم وأخرى على مستوى العالم.
منذ تولى جلالة الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم في العام 1999 بعد الراحل الباني الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه توالت أحداث وتحديات صعبة للغاية، ولكنّها مرّت بفضل الله ونعمته، وبحكمة وحنكة القيادة، والتفاف الأردنيين حول قيادتهم، وصولا الى برّ الأمان في كثير من الأزمات التي تعرّض لها الاقليم والعالم وانعكست تداعياتها على الاردن الذي حوّلها والحمد لله الى فرص وانجازات، في حين لم تصمد دول أخرى في الاقليم بمواجهة تلك التحولات والتحديات التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 -في العام 2001 واجه الاردن تداعيات أحداث 11 ايلول الكارثية على العالم العربي، وانبرى جلالة الملك عبدالله الثاني للدفاع عن صورة الاسلام والعرب في مواجهة حملات «الاسلامفوبيا » بعد تلك الاحداث.
2 -في العام 2003 تحمّل الاردن تداعيات غزو العراق -الذي حذّر من مغبتها جلالة الملك مبكرا- واستقبل الأردن نحو نصف مليون من الاشقاء العراقيين.
3 -في العام 2008 - 2009 واجه الاردن -كما العالم- تداعيات الازمة المالية الاقتصادية العالمية التي أثرت على كافة الاقتصادات..ورغم ذلك صمد الاردن وتجاوزها.
4 -في العام 2011 واجه الاردن ما سمي بـ«الربيع العربي» بحكمة وحنكة واقتدار بل وايجابية، لأن الملك كان ينظر لـ«الربيع العربي» أنه فرصة للتغيير والاصلاح، وأنه فرصة لـ«مأسسة التغير الايجابي» - كما قال الملك-، فصمد الاردن في حين تأثرت دول عربية عديدة بموجة الربيع العربي، بعضها تجاوزها وبعضها الآخر لا يزال يعاني حتى يومنا الحاضر.
5 -من أهم تداعيات الربيع العربي وأكثرها آثارا على الاردن -كانت ولا زالت-، الأزمة السورية التي تعامل معها الاردن سياسيا ودبلوماسيا وأخلاقيا بحكمة وتحمّل تبعاتها الاقتصادية، فاستقبل الاردن نحو 1.3 مليون من الاشقاء السوريين، وواجه أخطار «داعش» الارهابية، والميليشيات المسلحة على حدوده الشمالية وحرب «الكبتاغون» والأسلحة وغيرها.
6 -في العام 2020 واجه الاردن -كما العالم- «جائحة كورونا» فكان الاكثر «تحوطا» ومرونة وقدرة على تجاوز تداعيات الجائحة صحيا واقتصاديا بشهادات المنظمات العالمية.
7 -لا يزال الأردن يواجه تداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية التي اندلعت في العام 2022 ولا زالت تؤثر على الأمن الغذائي العالمي وأمن الطاقة، لكنّ الاردن لديه منعة وقدرة على تجاوز تداعيات الازمة بخبرة متراكمة في مواجهة الازمات وايجاد الحلول والبدائل.
8 -في 7 اكتوبر 2023 اندلعت الحرب على الاهل في غزة ولا تزال اسرائيل تخوض حرب ابادة على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، ومنذ ذلك الحين والأردن بقيادة جلالة الملك ومتابعة سمو ولي العهد في جهد متواصل لوقف هذه الحرب وايصال المساعدات، فكان الاردن كعادته وهو المرتبط بالقضية الفلسطينية منذ بداياتها وقبل أكثر من 7 عقود أوّل من كسر الحصار وأوصل مساعدات جوية للاشقاء في غزة العزّة، وبنى المستشفيات الميدانية..وها هو يستضيف الثلاثاء المقبل مؤتمرا دوليا للاستجابة الانسانية لغزة بتنظيم مع مصر والامم المتحدة ومشاركة قادة وممثلين عن دول العالم والمنظمات العالمية التي تعمل في الجانب الانساني.
-كل تلك الاحداث الكبيرة وغيرها كانت كفيلة بانهيار اقتصادات دول، وتراجع نموها وسقوط عملاتها..في الاقليم والعالم، لذلك من الانصاف أن نشير هنا الى بعض مؤشرات الاقتصاد الأردني التي تؤكد بأن الأردن حقق نجاحات في ظلّ كثير من الأزمات، بفضل قيادته الحكيمة وعطاء أبنائه المخلصين..ومنها:
1 -الناتج المحلي الاجمالي: كان في العام 1999 نحو (6 مليارات دينار) وفي العام 2022 (34.5 مليار دينار).
2 -الاحتياطيات بالعملات الاجنبية: في العام 1999كانت نحو (950 مليون دينارفقط ) في حين تجاوزت اليوم حاجز الـ(19 مليار دولار).
3 -من أهم التحديات الاقتصادية التي واجهها الاقتصاد الاردني (تجاوز تداعيات بعض منها ولا يزال يعاني من تداعيات بعضها الآخر) اغلاق أهم وأكبر سوقين تجاريين له وهما السوق «العراقي والسوري» بسبب الظروف الجيوسياسية + مشكلة انقطاع الغاز المصري الذي تسبب بارتفاع مديونية شركة الكهرباء الوطنية وتسببها بعجوزات موازنات متتالية + جائحة كورونا + اغلاقات البحر الاحمر وأحداث باب المندب وتداعيات العدوان على غزة.
*باختصار: الحديث حول 25 عاما من التحديات وتحويلها الى فرص وانجازات، يطول، فلم تكن المسيرة معبّدة بالورود، لكن ما تم انجازه يدعونا للشموخ والافتخار والتصميم على مواصلة المسيرة تحت الراية الهاشمية..كل عام وكل يوبيل وجلالة الملك وجلالة الملكة وسمو ولي العهد والأردن شعبا وجيشا بألف ألف خير.