أكثر من هدف نجح الأردن بتحقيقه من خلال استضافته يوم أمس لمؤتمر «الاستجابة الانسانية الطارئة في غزة»، بتنظيم مشترك مع الشقيقة مصر والأمم المتحدة وبحضور نحو 75 دولة ومنظمة دولية.. في مقدمة تلك النجاحات:
1 - وضع العالم أمام مسؤولياته الانسانية تجاه الوضع المأساوي في غزة، وحرب الابادة المستمرة لأكثر من 8 شهور.. وما تجاوب هذا العدد من الدول والمنظمات الدولية الانسانية مع الدعوة، إلاّ قناعة منها وإدراك بأنّ الأمر قد بلغ حدّا ما عاد السكوت فيه ممكنا، ولا مبرّرا.. كما لم يعد مجرد الكلام فيه مقبولا، لأنه - وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني في كلمته بافتتاح أعمال المؤتمر: «أهل غزة لا يتطلعون الينا من أجل الكلام المنمق والخطابات، بل انهم يريدون اجراءات فعليّة على أرض الواقع، وهم بحاجة لذلك الآن» .. لذلك فقد كان هدف المؤتمر الرئيس هو اجراءات تنفيذية على الأرض، والعمل على تحويل نتائج المؤتمر إلى واقع ملموس من خلال توحيد الجهود والعمل الجماعي من أجل ازالة كافة المعوقات التي تحول دون وصول مساعدات كافية ومستدامة للاشقاء في غزّة.
2 - كان من المهم جدا «توقيت المؤتمر»، والذي حدث وأن تزامن مع قرار مجلس الأمن أمس الأول (رقم 2735) والذي دعا فيه لوقف اطلاق النار، وهي المرّة الاولى التي يوافق فيها مجلس الأمن على مثل هذا القرار دون استخدام «الفيتو الامريكي»، الأمر الذي يدعو الى التفاؤل - خصوصا وأن القرار بناء على مقترح أمريكي - لذلك من المهم العمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن لأن تنفيذه سيساعد بالفعل على ادخال مساعدات انسانية، والتي يستحيل ضمان دخولها وديمومة ايصالها مع استمرار العدوان الاسرائيلي على الاهل في غزة.
3 - المؤتمر أعاد الاعتبار لوكالة الأمم المتحدة لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) والتي كرّمها جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أمس، ومنحها وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، كما حظيت الوكالة بثناء المتحدثين الذين أكدوا على أهمية دورها الانساني..هذه الوكالة التي خسرت نحو 194 من موظفيها و135 من أطفالهم منذ 7 اكتوبر، وتعرضت لاتهامات ألصقها بها العدو الاسرائيلي زورا وبهتانا، الأمر الذي حرص ممثل الاتحاد الاوروبي على تفنيده - خلال كلمته أمس - بكل صراحة مؤكدا بأنّ «الاونروا ليست منظمة إرهابية».
4 - المؤتمر يوم أمس أكد مكانة الأردن الدولية، والدور الانساني الكبير الذي يضطلع به، والمكانة الرفيعة التي يحظى بها جلالة الملك بين قادة ودول العالم.. مما يؤهل الأردن لأداء دور «المركز الاقليمي الرئيسي للعمل الانساني» - كما دعا الى ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في كلمته بافتتاح الموتمر-.
5 - المؤتمر بعث رسائل متعددة شكلت (موقفا موحدا) مساندا للقضية الفلسطينية (سياسيا) كما (انسانيا)، مما يعزز عودة القضية الفلسطينية للمشهد السياسي العالمي بعد أن كادت القضية أن تمحى من الذاكرة.. وفي مقدمة تلك الرسائل:
أ) - الدعوة لتبني «حل الدولتين».
ب)- الدعوة للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية أسوة بالدول التي اعترفت، واستحقت الاشادة خلال كلمات المتحدثين وهي(اسبانيا - النرويج - ايرلندا - وسلوفينيا).
6 - الاستمرار بتعرية كذب السردية الاسرائيلية أمام المجتمع الدولي، والتأكيد على أن اسرائيل دولة خارجة على الشرعية والقانون الدوليين.
7 - أظهر المؤتمر مدى التنسيق الأردني المصري كدولتين مركزيتين في الاقليم وحاضنتين للقضية الفلسطينية، والأكثر تأثرا وتضررا بتداعيات العدوان الاسرائيلي على غزة.
8 - وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية والتحذير من مغبة ما يجري في الضفة الغربية اضافة لقطاع غزة وأخطار اتساع رقعة الحرب الى الاقليم.
9 - المؤتمر يشكّل «بداية» مرحلة جديدة من مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة، تتطلب حشدا (انسانيا دوليا ) يؤدي الى وقف الحرب.. والدخول بجدية و(مسؤولية مشتركة) الى مرحلة (التعافي المبكّر) بما في ذلك التعليم والصحة والمأوى والتغذية والمياه والصرف الصحي وجميع مقومات الحياة الأساسية.. وصولا الى الحديث عن مرحلة ( إعادة الإعمار) في حال التوصل الى وقف فوري ودائم للعدوان على غزة.