زاد الاردن الاخباري -
عمان- أقام منتدى الرواد الكبار أول من امس، أمسية شعرية للشاعرة مريم الصيفي قدم فيها اضاءات على تجربتها الشعرية الدكتور راشد عيسى، وادارتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص.
حضر الامسية لفيف من المهتمين في الشأن الثقافي إلى جانب مديرة المنتدى هيفاء البشير التي قالت في كلمتها :نحتفي بالشاعرة المبدعة مريم الصيفي التي جعلت من بيتها ملتقى وواحة للشعراء ونسعد أن يكون معنا الشاعر الدكتور راشد عيسى صاحب الكلمة اللؤلؤية التي تخرج من وجع الألم ليضيء بعضاً من تجربتها.
واضافت البشير أن مشاعر الإنسان من الحزن والفرح والحب لحظات من حياة الإنسان توشح ايامه وتمضي، بينما يظل بعضها يحفر في اعماقه مثل نهر لتفيض به المشاعر ويسكب شعراً يخلّد فيها لحظات الحياة التي مرت به، فكيف اذا كان يعيش مأساه شعب ومعاناته، حيث اغتصبت ارضه وشرد في بلاد الله الواسعه لذلك نجد الصيفي قد تحدثت عن وجع أمتها وقضية الشعب الفلسطيني الذي مازال يدافع عن ارضه المغتصبة التي احتلها عدو غاشم من خلال شعرها، فما احوجنا في هذه الأيام إلى الكلمة الصادقة التي تحرك المشاعر وتوقظ في أعماق الأمة أسمى الخصال التي فطرت عليها من الكرامة والحرية فلنصغي إلى هذه التجربة.
من جانبه قدم الشاعر والناقد الدكتور راشد عيسى ورقة بعنوان "إثارة على تجربة مريم الصيفي"، قال فيها إن الصيفي تملك عاطفة أمومية رحيبة وانحيازًا عميقًا لمكابدات الإنسان، فقد انشغلت أيضًا بأدباء عرب عاشوا معاناة أليمة في السجون كمراسلاتها مع الشاعر العراقي ناجي الجبوري. وهي مراسلات قيمة جمعتها في كتاب صدر مؤخرًا عن وزارة الثقافة الأردنية، بعنوان "دقات على بوابة القلب"، وهذا الكتاب يعد أنموذجًا جديدًا لأدب السجون سردًا وشعرًا. كما لم تتأخر عن تقديم أي مساندة مالية أو معنوية لمن يحتاجها من الأدباء العرب حتى بات بيتها فندقًا للغرباء، وأصبح صالونها شبكة وصل مهمة بين الأدب العربي في الأردن ومثيلة في دول أخرى كتركيا والاتحاد السوفييتي ودول عربية عديدة.
ورأى عيسى أن كل هذه المساندات والفعاليات جاءت مؤازرة ومنسجمة مع طبيعة العاطفة الفياضة في شعرها عبر ستة دواوين تؤكد نزعتها الرومانسية الصادقة في إقامة تصالح يبن الواقع والحلم. وبنظرة تأملية فاحصة لعناوين مجموعاتها الشعرية ترينا مدى تعالق هذه العناوين بمضامين القصائد: انتظار، عناقيد في سلال الضوء، السنابل، أغان الحزن والفرح، وردة العنا، ويبوح الصمت، كما نشرت العشرات من قصائدها ومقالاتها في الصحف والدوريات العربية وعندما كانت في الهيئة الإدارية لرابطة الكتّاب الأردنيين أسهمت بمبادرات إسنادية مهمة كعادتها في العطاء اللامحدود.
وأشار عيسى إلى أن الصيفي منذ ان تخرجت من الجامعة الأردنية أخذت على قلبها عهدًا بأن يظل نابضًا بالحلم العروبي ومنشغلًا بتضميد الأسى وإيقاظ الفينيق الفلسطيني من رماده، سواء أكانت معلّمة في الكويت أو السعودية أو بلدها العزيز الأردن، وذلك من خلال صالونها الأدبي الذي يبلغ من العمر الآن سبعة وثلاثين عامًا من العطاء ومن احتضان المواهب وتفعيل المشهدية الأدبية عبر قراءات الأدباء المتجددة في صالونها الذي يأوي إليه الأدباء من مختلف الأقطار العربية حينما يزورون الأردن.
شعر مريم يخلو من التعقيد والتكلف والخيال الرمزي الغامض، وذلك لأنها شاعرة الدفق العاطفي والانفعال الإنساني الحميم، لذلك كتب في موضوعات اجتماعية شتى فتغنت بالبطولات، ورثت الشهداء والشهيدات والصديقات تقول في رثاء أشرقت القطناني:
ثم تحدث عيسى عن البناء الفني في شعر الصيفي قائلا "واظب على شكله الغنائي سواء في شعر الشطرين أو شعر التفعيلة. وهو شعر ينساب بعفوية يحرض على إيصال الفكرة بأسلوب عاطفي مؤثر كأنه أنين شجرة يحزها منشار لئيم"، فالصيفي شاعرة الدمعة المكابرة، وناي الراعي حينما حفّ العشب الأخضر. شاعرة متصالحة مع نفسها تعطي ولا تنتظر شكرًا. كالنحلة لا تعاتب التجار حينما يسرقون عسلها، وإنما تواظب على إنتاج العسل إيمانًا برسالتها، كل ذلك لأنها شاعرة ملتزمة بقضايا الإنسان ومعاناته أمام سؤال الحياة.
من جانبها قرأت الشاعرة الصيفي مجموعة من قصائدها القصائد وهي "عزة تأبى الأفول، عمان، أنا والشعر،عرين الأسود، يا طائر الشوق"، قالت في قصيدتها "عمان"، وفيها تستذكر طفولتها فيها تقول القصيدة "جئت عمان وكنا طفلتين/ تشرئبان لأفق قد سما/ وكلانادرجت في دربها/حيث ترقى للمعالي سلما/جئتها قاصدة أفياءها/حينما لوعني حر الظما/فروتني من ينابيع الرضا وأظلتني بفيء قد حمى/في فلسطين تكونت دما/وهنا لحمي وعظمي قد نما/زرعت عمان في قلبي وقد/اينع الزرع وأزهى برعما".
ثم قرأت قصيدة بعنوان "عِزَّةٌ تأبى الأفول"، تقول فيها "لغَزةَ عزةٌ تأبى الأفولا/و مجدٌ زاده التاريخُ طولا/و مهما اشتدَّت العتماتُ فيها/سيسطعُ بدرها نصراً جميلا/تكاثفت القذائفُ في سماها/ودمَّرت المنازل كي تُحيلا/مبانيها ركاماً قد تهاوى/بقصفٍ عاصفٍ زاد الذهولا/وكم غطى الركامُ من الضحايا/ ولم يترك لإنقاذٍ سبيلا/تداعى الظلمُ من أممٍ تبارت/لنصرِ الظالمينَ. ولن يطولا/تُؤازرُ ظلمهُ و بهِ تباهت/وما التفتت لحقٍّ قد أُحيلا/لمجلسِ أمنهم حتى تباهوا/وظنّوا أنهم ضمنوا الوصولا/ لما يبغونَ من ظلمٍ و قهرٍ/ لشعبٍ يرفضُ الوطن َ البديلا/ فمهما طالَ من ظلمٍ سيبقى/ لهُ الحقُ الذي يبقى أصيلا/ همُ الشجعانُ في ساحاتِ حربٍ/ تحدّوا ما بدا شرًّا وبيلا".