كشفت وزارة التخطيط والتعاون الدولي عن أن حجم التمويل الأجنبي المُقدم لجمعيات تعاونية وشركات واتحادات غير ربحية، خلال الأشهر الخمسة الماضية، بلغ 24.5 مليون دينار، حُصة الجمعيات التعاونية من هذا التمويل، لا تتجاوز 52 ألف دينار فقط، أي ما نسبته 0.2 بالمائة من إجمالي التمويل خلال تلك الفترة.
تلك أرقام بثتها وزارة التخطيط، عبر وسائل الإعلام المُختلفة، من غير أن تلتفت إليها الجهات المسؤولة، ولم تُعرها أي اهتمام، وكأن الأمر لا يعنيها، فهي لم تُكلف نفسها حتى عناء إجراء دراسة الأثر الاقتصادي أو التنموي لذلك التمويل، ما يضع أكثر من علامة استفهام.
بداية، أود أن أتساءل هل تقوم الدولة بمُراقبة مثل هذا الإنفاق، أو ما يُسمى «التمويل»، أو بمعنى ثان أين وجهته، وما أهدافه؟، خصوصًا أن قيمته تصل لنحو 60 مليون دينار سنويًا، بناء على أرقام وزارة التخطيط.
يتوجب على الدولة أن تكون على دراية تامة بنتائج مثل تلك التمويلات، أو الإنفاق، أكانت لمؤتمرات أم لدراسات أم لتوصيات، وهل هي تصب في صالح الدولة الأردنية أم لتحقيق أجندات خارجية، قد تُصيب أهدافها أكان على الأمد البعيد أم المتوسط أم القريب؟.
الدولة مُطالبة بمُراقبة مثل هذه التمويلات كافة، خاصة إذا ما علمنا بأن حُصة الجمعيات التعاونية من تمويل قيمته 24.5 مليون دينار، على مدار خمسة أشهر، تعد مبلغًا ضئيلًا لا تتجاوز نسبته 0.2 بالمائة.
فعندما يُخصص 52 ألف دينار لجمعيات تعاونية، تم من خلاله تنفيذ مشروع واحد فقط، فذلك مؤشر على وجود أكثر من خطأ، إذ يقف على رأس أولويات هذه الجمعيات إنشاء مشاريع إنتاجية وخدمية!.. وهُنا يأتي دور الدولة، التي يتوجب عليها توجيه ذلك المال نحو مشاريع تنموية أو خدمية، وضمان عدم استخدامه لأجندات تضر بالوطن ومواطنيه.
معلوم لدى الجميع بأن الجمعيات التعاونية في مختلف مناطق المملكة، والتي يبلغ عددها 1497 جمعية، تواجه تحديات، وتعترض طريقها مُعيقات، أهمها: ضعف التمويل.. وهُنا «مربط الفرس» من أجل استثمار كُل دينار من أجل النهوض بهذا القطاع، خصًوصا أن الكثير يعلم أنه ما يُخصص للجمعيات التعاونية يذهب لبعد إنتاجي فعلي فقط.
وزير سابق في الحُكومة الثانية لمعروف البخيت، تغمده الله بواسع رحمته، قدم اقتراحًا يتضمن توجيه المال الذي يأتي للمُجتمع المدني، وفق أولويات الدولة الأردنية، أكانت مشاريع إنتاجية أم خدمية، أو حتى أبحاثا ودراسات، كما يتضمن الاقتراح ضرورة مُراقبة التوصيات التي تخرج نتيجة ذلك التمويل، ويؤكد الوزير نفسه أنه لو طال عمر تلك الحُكومة، لكان خرج عنها تعليمات بهذا الشأن.
مرة ثانية، المطلوب هو قراءة أثر التمويل الأجنبي على التنمية والاقتصاد الوطني، وما يدعو للاستغراب أن ذلك التمويل حاصل على موافقة مجلس الوزراء، في صورة توحي بأن الأمر يمر أو يعبر «أتوماتيكيًا»، بلا قراءة ولا مُتابعة!.