«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك..لبيك».
هنيئا لمن كتب لهم الله هذا العام حجّ بيته الحرام، وهم يصعدون اليوم على جبل الرحمة، جبل عرفات.. يؤدون أهم ركن من أركان الحج.. فـ «الحج عرفة».
هنيئا لمن «حج لله فلم يرفث ولم يفسق ورجع كيوم ولدته أمه».
اليوم «عرفه».. وغدا يوم «النحر».. عيد الأضحى المبارك.. نستذكر فيه كل معاني قصة أبي الأنبياء ابراهيم وابنه اسماعيل «الذبيح» عليهما السلام.. من: (طاعة الله والاستجابة والتسليم لأوامره، والصبر على الابتلاء، ومعاني التضحية والفداء).. نستذكر في هذه الأيام المباركة تلك المعاني العظيمة.. ونربطها بواقعنا الحالي، وما تشهده الأمتان العربية والاسلامية من تحديات.. و ما يشهده اقليمنا ومنطقتنا بالتحديد من حروب واضطرابات توجب علينا التوقف والمراجعة لما آلت اليه أحوالنا:
1 - يمرّ بنا عيد الأضحى، والعدوان الاسرائيلي على أهلنا في غزة يتواصل في حرب ابادة اجرامية ضد البشر والشجر والحجر.. والعالم ينظر الى الكارثة مكتوف اليدين، أمام كيان يرى نفسه فوق كل القوانين والشرائع الدولية، لا ينصاع لا لقرارات محكمة العدل الدولية، ولا لـ «الجنائية» الدولية، ولا حتى لقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولا لقرار مجلس الأمن الأخير رقم (2735) الذي وافقت عليه جميع دول مجلس الأمن بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية.
2 - يمرّ بنا عيد الأضحى المبارك، واسرائيل تواصل سياسة «خنق» شرايين الحياة عن الاهل في غزة وتحولها الى منطقة غير قابلة للحياة.. تمنع ايصال المساعدات الانسانية بما فيها الأساسيات من ماء ودواء ووقود.
3 - أهل غزة هذا العام وبسبب العدوان الاسرائيلي عليهم، حرموا من أداء فريضة الحج للمرة الأولى.
4 - غالبية المسلمين في شتى بقاع العالم يؤدون اعتبارا من يوم غد وطوال أيام التشريق سنّة الأضحية المؤكدة، استجابة لـ «سنّة أبينا إبراهيم».. والأهل في غزة يواصلون التضحية بأرواحهم، والغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن أرضهم وحقهم العادل والمشروع في الحياة..في حين يواصل العدو الاسرائيلي سياسته في القتل ونحر الأطفال والنساء والشيوخ.
5 - أهلنا في غزة بحاجة لمن يخفّف من معاناتهم قدر المستطاع خصوصا في هذه الأيام الفضيلة والمباركة، والأردن لا يدّخر من جهده وسعا، وعلى كافة الصعد من جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني والحكومة والشعب بكل فئاته ومكوناته يقف صفّا واحدا لمدّ يد العون: سياسيا وانسانيا، فالمساعدات متواصلة رغم المعوقات الاسرائيلية..و الانزالات الجوية التي يقوم بها نشامى جيشنا العربي المصطفوي والتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية ودول شقيقة وصديقة لمواصلة الانزالات والمساعدات مستمرة.. رغم عدم كفايتها.
6 - آخر الجهود الأردنية المتواصلة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في «غزة» و «الضفة الغربية»، كانت منذ أيام قليلة باستضافة الأردن مؤتمرا عالميا للاستجابة الانسانية الطارئة لغزة، أكد خلاله جلالة الملك عبدالله الثاني على أنّ: «أهل غزة لا يتطلّعون إلينا من أجل الكلام المنمّق والخطابات، بل انهم يريدون اجراءات فعلية على أرض الواقع، وهم بحاجة لذلك الآن».. محذّرا العالم بأنّ «التاريخ سيحكم علينا من خلال أفعالنا».
7 - جلالة الملك يوم أمس وخلال جلسة تواصلية عقدت ضمن أعمال قمة مجموعة السبع بايطاليا أكد : «أن مستقبل الشباب والأطفال الذين يعانون من الصدمة النفسية العميقة التي تسببها الصراعات خلال العقد الماضي والحرب الحالية على غزة، سيحدد مستقبل الاستقرار والأمن في منطقتنا وفي أوروبا» ..مذكّرا جلالته بأنه «حذّر مرارا وتكرارا على مدى السنوات الـ25 الماضية، من مخاطر تبعات تجاهل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي».
** باختصار: ما بين «أضحية» و «تضحيات» رمزية الثبات على المبدأ والصبر على البلاء.. انتظارا للفرج والفداء علّه يكون قريبا.
..اليوم يقف الحجيج على جبل الرحمة مبتهلين الى الله بأكف الضراعة والرجاء بأن يفرّج كرب أهلنا في غزة وكل فلسطين وأن يعجل بالنصر المبين.. وأن يحفظ الأردن ملكا وملكة وولي عهد وجيشا وأمنا وشعبا..ليبقى الأردن قويا عزيزا شامخا.. وسندا وقوة للاهل في غزة وفلسطين.. اللهم آمين.. وكل عام والجميع بألف خير.