ربما سيقول بعضنا بأنه ليس موضوعا مناسبا لهذا الوقت والظرف، كي نتحدث عن لعبة كرة القدم «الشلاليت»، لكنني مقتنع بأنه دوما هناك مبرر للحديث عن أي إنجاز وطني، ومصالح وطنية، ولا يمكننا أن لا يكون لنا رأي حول قرار صدر وانتهى، والكتابة عنه فيها أكثر من غاية وفائدة، سيما وأننا بلغنا مستويات متقدمة في تصفيات كأس العالم السابقة، ولكن «التخبيص» الفني والإداري، أضاع بل قتل فرصنا التي كانت كبيرة وواعدة آنذاك، فيجب أن نحذر من أية بوادر تقودنا للارتباك وضياع الفرصة.
هذه ملاحظة تشبه «شلوت بوز»، في حصة تدريبية (قرار رحيل مدرب المنتخب الوطني حسين عموته «مغامرة» خطيرة)، ولا أحد يضمن أن يكون كقرار رحيل المدرب الأجنبي عن منتخب المغرب الشقيق، ليتسلم «الركراكي» المهمة، وينجح مع منتخب بلاده ليبلغ المرتبة الرابعة في بطولة كأس العالم السابقة في قطر، فنحن في الأردن، وللمرة الأولى، نشعر بأن ثمة عقلية فنية استوعبت إمكانيات و»نفسيات» لاعبي منتخباتنا الوطنية لكرة القدم، وحصلنا على «إشارات» إيجابية حقيقية حول وجود عقلية فنية خبيرة ولديها حلول وأفكار مناسبة.
نتابع مبايات كرة القدم العالمية أحيانا، ونحفظ بعض أسماء اللاعبين والمدربين، ونقرأ بعض الأخطاء وبعض الأفكار العبقرية للمدربين، وبعد كل اللقاءات الكبيرة، يتوجه النقد للمدير الفني للفريق الذي خسر اللقاء، ونقرأ أفكارا وتحليلات صحيحة، تنتقد رؤية وخطة ذلك المدرب وتبين سبب خسارة منتخبه أو فريقه، وعلى هذا الأساس، لمحنا فهما خاصا من قبل المدرب حسين عموته، حيث تمكن من تجاوز «الحجاب» أو «العمل» المعمول لمنتخبنا الوطني، الذي لم يكن يوما يفتقر للاعبين متميزين، يمكنهم تحقيق النتائج الكبيرة، وحين انطلقت الحملات الإعلامية ضد حسين عموته بداية قدومه لتدريب المنتخب، شعرنا بالإحباط، لكن عقليته وعبقريته تجلت بعد أن «دخلنا الجدّ»، وهذه أول إشارة إيجابية التقطتها شخصيا عن هذا المدرب، فهو بالتأكيد كانت لديه خطة متعلقة بالإعلام وكان مقتنعا بأن ثمة نفسية اردنية غريبة، تسيطر على الفريق في الملعب، وتقف عائقا أمام الاستمرار في تحقيق النتائج والالتزام بالخطط.
لست قريبا من الاتحاد الرياضي لكرة القدم، وبالطبع لست كاتبا ولا محللا رياضيا، لكنني إلى حد ما أتذوق فنيات هذه اللعبة الجماهيرية، وما زلت ألوذ بشاشات كرة القدم للهروب من عالم الجريمة والتخريب البشري الشيطاني، وقد كنت وما زلت سعيدا بمنجزات منتخبنا الوطني لكرة القدم، وأكثر ما أسعدني أنني لمست رؤية وفكرة وخطة وغاية، ولم أتمكن من عزل أو استثناء أهمية وتأثير المدرب عن هذه النتائج الجديدة في تقييم وأداء منتخبنا الوطني، وإن كانت للاعبين من مهارات فنية أو إمكانيات تميزهم عن سابقيهم، فهو ليس كل شيء، بل لا يساوي شيئا حين لا يوجد مدير فني يفهم هذه القدرات، ويستطيع استخدامها في كل المباريات، ويوجهها حسب طبيعة اللقاءات وأوقاتها وأهميتها.. ففي كل لقاء تابعته لمنتخبنا الوطني، كنت ألمس وجهة نظر فنية واضحة، لم أكن اشعر بوجودها في لقاءات منتخباتنا السابقة، وكنت مقتنعا بأن غيابها هو سبب التراجع والفشل.
على الورق يمكننا القول بأن المدرب الجديد يملك سيرة ذاتية مميزة، لكن هذا لا يكفينا في الأردن، وقد سبق لنا ولمنتخبات كبيرة حول العالم، أن تعاقدت مع مدربين من الفئة الممتازة، لكنهم لم يستمروا مع تلك المنتخبات وفشلوا وأفشلوها، ومثال «الركراكي» المغربي واضح للعيان، وغيره كثيرون، وأغلبهم مدربون من أبناء البلد نفسها، ولاعبون سابقون في أنديتها ومنتخباتها الوطنية، فهموا «العمل السحري أو الحجاب» المصنوع لإفشال منتخباتهم، وتعاملوا معه بناء على فهمهم الواسع لنفسية لاعبيهم، ونجحوا، ولا أقول بأنه يجب أن يكون المدرب وطنيا، بل أتحدث عن موهبة يتمتع بها بعض المنطقيين في هذا المجال، يستطيعون من خلالها «إيقاظ» قدرات اللاعبين وتوظيفها بشكل صحيح لتحقيق نتائج إيجابية..
أرجو أن لا يتمكن «العباقرة والعابثون» من التأثير على المدرب الجديد، ويتمكن من إكمال مسيرة المنتخب لبلوغ درجات متقدمة في البطولات جميعها.