في مدينة اسمها «الشمس»، خرج الثعلب الذكي بالتأكيد، مصممًا على تجربة فريدة. حمل دلوًا من الطين وجلس على الرصيف بجانب إشارة المرور، حيث تمر السيارات والحيوانات بسرعة، وتتعامى الحياة اليومية عن الصراخ الداخلي للغابة. ببطء وحذر، بدأ الثعلب بتشكيل تمثال صغير من الطين، مركزًا على كل تفصيل بحبكة مدهشة.
تحت أنظار الفضوليين، استمر الثعلب في العمل بصبر. شيئًا فشيئًا، بدأت ملامح تمثاله تظهر بوضوح. وبعد ساعات من الجهد، انتهى من تشكيل تمثال صغير أطلق عليه اسم «الطير الحر». ترك الثعلب «الطير الحر» واقفًا على الرصيف، وغادر المكان بهدوء، وكأنه لم يكن هناك.
لم يمض وقت طويل حتى تجمهرت الحيوانات حول التمثال. اللبوة المجروحة بفقدان أبنائها في صراعات الغابة توقفت وقالت بدهشة: «يا الله، شو هاظ؟». الضبع الجائع الذي يبحث عن بقايا الطعام ضحك وقال: «أكيد هاظ يا لبوة يا اختي رمز للحرية!» أما النسر المحلق فوق أحلامه الضائعة، قال بابتسامة: «يمكن يكون هاظ هو الرمز اللي بنحتاجه.»
في هذه الأثناء، كانت الأخبار تتحدث عن الحرب ضد غزة، وأغنية «موطني» تصدح في الخلفية، تعيد إلى الأذهان ذكريات الصمود والأمل. كان هناك شعور عام بالتوتر والقلق، وكان تمثال «الطير الحر» يعكس هذه الحالة من القلق الجماعي والشوق للتغيير.
أصبح «الطير الحر» حديث المدينة، وكل حيوان يراه كان لديه تفسير مختلف. الذئب المخادع الذي يختبئ خلف قناع رأى فيه رمزًا لمقاومة الواقع المرير. الغزال الفنان الطموح ذو العيون الواسعة التي تلمع بالأمل اعتبره تحفة فنية تعبر عن روح الابتكار والتحدي. أما النمرة المنهكة من القتال، فقد شعرت بأنه يمثل صوت الحيوانات البسطية «الذين» يبحثون عن الحرية والأمل.
لكن الثعلب لم يكن قد انتهى بعد. في اليوم التالي، استيقظت مدينة «الشمس» على مفاجأة غير متوقعة: اختفى «الطير الحر» من مكانه، وترك خلفه أثراً في الأرض مكتوبًا بأظافره: «يا جماعة، حتى الطين هرب من هالعيشة!»
كانت هذه الجملة بمثابة الشرارة التي أشعلت النيران في قلوب الحيوانات. بدأوا يتساءلون عن مدى الظلم والقهر الذي يجعل حتى الطين يهرب من واقعه. تحول «الطير الحر» إلى رمز للثورة، وصارت كل زاوية في المدينة تردد اسمه.
في هذا الوقت، كان الثعلب يراقب الأحداث من بعيد، وقد شعر بأن رسالته وصلت. «الطير الحر» لم يكن مجرد تمثال، بل كان دعوة للحرية والتمرد ضد الظلم. كانت شوارع «الشمس» تفيض بالغضب، وكل حيوان يحمل في قلبه جزءًا من «الطير الحر».