زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - خارطة انتخابية مثيرة تلك التي يمكن التنبؤ بها مرحلياً وإن كان ليس بصفة قاطعة، لقائمة أهم كبار المرشحين المحتلمين للانتخابات الأردنية المقبلة، خصوصاً في المساحة المشتركة ما بين الشخصيات الكبيرة المرشحة والقوائم الحزبية تحديداً.
تجري الانتخابات يوم 10 أيلول/سبتمبر المقبل، والأحزاب لن تستطيع الصبر لفترة أطول على البطء الشديد في إعلان قوائم مرشحيها خصوصاً ضمن سقف زمني قد لا يتجاوز نهاية الشهر الجاري، أو في أسوأ الأحوال بداية الشهر المقبل.
الأحزاب السياسية هي التي تتصدر الواجهة الآن وتشغل جميع الأطراف، ليس فقط لأنها ستملأ 41 مقعداً من أصل 138 خصصت تماماً للأحزاب، ولكن لأن الأحزاب الكبيرة طامعة وطامحة بالحصول على مقاعد إضافية في الدوائر الانتخابية الفرعية أيضاً.
سباق الكراسي بين أحزاب الأردن مثير ومهم، ويفترض بأن 29 حزباً مرخصاً يأمل بالحصول على موطئ قدم أو موقع أو حتى مقعد تمثيلي في حصة ثلث البرلمان المخصصة للأحزاب السياسية، التي تأخرت جميعها، بدون استثناء ومن باب الغوص قبل القياس، في الإعلان عن خطتها الانتخابية وهوية مرشحيها.
سببان مرجحان يقفان وراء التأخير عند غالبية الأحزاب في الكشف عن هوية مرشحيها:
السبب الأول قياس الفرص والاحتمالات بالتوازي مع محاولة تتبع وموقف المؤشر الرسمي العميق، لأن الخطاب والاتجاه الرسمي على الأقل عند الأحزاب الوسطية هو من عناصر التأثير، لا بل الترسيم في بعض التفاصيل.
السبب الثاني هو أن الأحزاب عموماً لا يوجد لديها أداة قياس مبكرة مسبقاً لتأثير مباشر عند إعلان هوية المرشحين في القوائم على الوضع البنيوي الداخلي في الأحزاب نفسها، حيث الخشية هنا كبيرة من «هزات ارتدادية» وحيث الانطباع بأن اختيار مرشح من قيادي أي حزب قد يغضب قيادي آخر، ما قد يؤدي لانسلاخات وانسحابات مبكرة خصوصاً في بعض التعبيرات الحزبية الوسطية.
رغم تلك الأسباب، من المرجح بعد الاستشارات والمشاورات الداخلية والخارجية أن تعلن الأحزاب خطتها ومرشحيها مع نهاية الشهر الجاري.
الأسماء الجاذبة والكبيرة والقادرة على الاستقطاب لأصوات الناخبين هي التي قد تحظى بالأسبقية، وكلما اقترب المرشح في قوائم الأحزاب من أرقام الصف الأول، أصبحت فرصته مضمونة، لكن في التلغيز السياسي ثمة رسائل بالتأكيد وراء الأسماء التي ستختارها الأحزاب في رئاسة قوائمها للمرشحين. وهنا يقول من يتصدر قائمة أي حزب الكثير من المعطيات للقواعد داخل الحزب وللجمهور خارجه سياسياً، إن جاز التعبير.
والمعنى أن الأحزاب السياسية وهي تستعد لأول انتخابات في عهد التحديث السياسي، عليها أن تتأمل بعمق هوية المرشح الذي تقرر له أن يجلس في الموقع الأول باسم الحزب، فذلك في حد ذاته يعني أحد المقاعد المتقدمة وليس مضموناً فقط في صدارة كتل برلمان المستقبل.
الإسلاميون وعبر حزبهم، جبهة العمل الإسلامي، يميلون في اللحظات الأخيرة لاختيار شخصية وطنية لرئاسة قائمتهم الحزبية بهدف توجيه رسائل بالتأسيس للشراكات وطنياً، وهو الأمر الذي يفسر انطلاقاً مفاجئاً لاسم القطب البرلماني البارز والإسلامي أيضاً صالح العرموطي، فيما مرشحون آخرون أقوياء مؤهلون للمواقع اللاحقة في قائمة الانتخابات.
في المقابل، لم يحسم بعد ما إذا كان رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي سيتولى رئاسة قائمة مرشحي حزب الميثاق الوطني المهم الذي يعتبر أكبر أحزاب الوسط.
والصفدي باعتباره فاعلاً كبيراً الآن في السلطة التشريعية بات بين خيارين، هما رئاسة قائمة حزب الميثاق بالترشيح، أو إفساح الفرصة لرفيق له والانتقال لترشيح نفسه عن الدوائر الفرعية. المعيار نفسه قد ينطبق على حزب «إرادة» الوسطي، الذي التحق به في وقت متأخر رئيس مجلس النواب الأسبق وقطب التشريع عبد الكريم الدغمي.
وما يبدو عليه الأمر في الحزب الإسلامي الوطني المشكل من مجموعات منشقين عن الحركة الإسلامية الأم، هو أن رئاسة قائمة الحزب الانتخابية قد تجلس في حضن الدكتور ارحيل الغرايبة دون معرفة موقع الأمين العام المخضرم للحزب الدكتور مصطفى العماوي بعد من خارطة وموقع فرصته الانتخابية.
وعلى جبهة اليسار مشاورات تحدث عنها الرمز اليساري بسام الحدادين بعنوان قائمة انتخابية موحدة لأول مرة باسم التحالف القوميين واليسارين، وباسم التيار المدني والحزب الاجتماعي الديمقراطي.
ثمة تنافسات داخل الأحزاب الآن في السياق، وثمة بالتأكيد مخاوف من الهزات الارتدادية إما لأصحاب التبرعات المالية المشروعة بالقانون أو للاعبي العمل الحزبي للكبار في مربع العملية الانتخابية.
المفاجآت طبعاً ودوماً متوقعة، وقد لا تقف عند حدود، وكل الاحتمالات واردة في انتخابات أيلول التي من الصعب توقع نتائجها مادامت هي الأولى باسم وتوقيع مسار التحديث السياسي، والأولى التي تجري أيضاً في ظل إيقاعات معركة طوفان الأقصى.
«القدس العربي»