بقلم: الدكتور احمد الحايك / كاتب وباحث اكاديمي وسياسي - ان الانتخابات المقبلة ستشكل امتحانًا حقيقيًا وصعبا للأحزاب، وأن نجاح الحزب لا يعتمد فقط على عدد الأعضاء المنتسبين اليه فحسب، بل على مدى مشاركته الفاعلة في العملية الانتخابية، وعلى مدى قدرته على اقناع الجمهور ببرنامج الحزب واهدافه. فالطريق لن يكون معبدا للوصول الى العبدلي بهذه السهولة . وذلك في ظل التباعد بين الأحزاب والمجتمع، وعزوف وانكفاء قطاعات واسعة من المجتمع الأردني عن الانضواء تحت مظلة الأحزاب، وضعف المشاركة الشعبية بها.. فالحياة الحزبية انطلقت وانطلق معها القطار مثقلا ومحملا بالعديد من المتاعب والمشاق. خصوصا وأن بعض الأحزاب ولدت ضعيفة ومريضة وعلى قاعدة الفزعة . لا على قاعدة قناعات قطاعات المجتمع والمنتسبين لهذه الاحزاب بالعمل الحزبي، وفكره واهدافه وبرامجه. وبعض هذه الأحزاب يفتقر للمال. وان كان بعضها يتوقف على داعم مالي واحد، الا وهو مؤسس الحزب. والذي بالطبع هو من سيقوده، ويحدد مساره، وسيكون الآمر الناهي بالحزب. نحن لا ننكر بأن هناك احزابا لامعة وفاعلة، تمتلك رؤى وبرامج متكاملة، وقد أثبتت نفسها في العمل الحزبي على الساحة الأردنية. وأخرى مغمورة شعبيا، وغير راشدة، تائهة تضل طريقها، وجاهلة تماما في العمل الحزبي وغائبة عن الوجدان. بنيت بالفزعة دون أن يكون هناك انسجام مع الرؤى الملكية والميثاق الوطني. وبعضها يقوم ببعض السلوكيات والتصرفات التي قد تضعف وتفشل عملها الحزبي، كممارسة حكم الفرد الواحد، والمحاصصة المناطقية، واستخدام أعضاء الحزب كديكور سياسي، فهم ليسوا أكثر من أرقام، استكمالا للعدد او لتحقيق الهدف والغاية، مهمشين وغير مؤثرين في صنع القرار، وهذا بالتالي مؤشر لا يبشر بالخير، بل يؤشر على أنه سيكون هناك خللا واضحا في وصول الكفاءات لمجلس النواب وبالتالي خللا في الرقابة والتشريع، والعمل العام، والارتقاء بحياة الناس وتحسين اوضاعهم المعيشية. ومثل هذه الاحزاب وعلى أغلب الظن لن تدوم طويلا، وسوف تذوب وتتلاشى مع أول تجربة لها في خوض الانتخابات النيابية، ولن يكتب لها النجاح، ان لم تؤمن بالتشاركية، وتحترم التعددية والتنوع على أسس وطنية، ونبذ فكرة الفئوية، وتتخلى عن الأنانية والاحتكارية، وتتبنى الديموقراطية الحزبية بمعناها الشمولي، والتجرد من النهج البيروقراطي المركزي، وتغلِّب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. والابتعاد عن الخطاب الشعبوي القائم على فكرة بيع الوهم. لأن الانتخابات المقبلة ستشكل تحديا حقيقيًا لها ان لم تضع اصبعها على مكامن الخلل وتقوم على اصلاحه.