من الطبيعي جدا، ومن التجربة الأولى للعملية الانتخابية بناء على قائمة حزبية وأخرى محلية، أن لا تكون التجربة ناضجة أو مكتملة كما يطالب بها البعض أو يتوقعها.. وعلينا بالفعل أن ننظر إلى الجزء «المليء من الكأس» لنجد ما يلي:
1 - انتخابات 2024 هي الأولى وفقا لرؤية «التحديث السياسي»، والتي أسفر تحديث منظومتها عن: (قانون جديد للانتخاب + قانون جديد للاحزاب + تعديلات دستورية تتواءم مع القانونين الجديدين).
2 - أن الإرادة السامية صدرت لاجراء الانتخابات تأكيدا لمنعة وقوة الاردن رغم كل التحديات الجيوسياسية المحيطة، وحدّدت الهيئة المستقلة للانتخاب موعدا لها (10 أيلول) المقبل.
3 - رغم كل ما أحيط بالتجربة الحزبية من «تشويش» إلاّ أنّنا أمام حقيقة تقول بأن لدينا اليوم (38) حزبا مرخصا يحق لها المشاركة في الانتخابات القادمة، وأن عدد المنتمين الى الأحزاب بلغ نحو ( 92) الف عضو يشكّلون (1.8 %) من اجمالي أعداد الناخبين.. وهذه النسبة تعد أفضل بكثير من دول لديها تاريخ ديمقراطي طويل.
4 - (41) مقعدا خصّصت للاحزاب من أصل(138) مقعدا في مجلس 2024 تشكل (30 %) من المقاعد وسترتفع الى (50 %) في المجلس الذي يليه، وصولا إلى (65 %) وبما يشكل أغلبية حزبية بعد نحو 10 أعوام.. يمكن أن تساهم بتشكيل «حكومات حزبية « حينذاك.
5 - قانونا الانتخاب والاحزاب الجديدين، أتاحا فرصة «تاريخية» للمرأة - تحديداً - لزيادة مقاعدها من خلال: الكوتا (18 مقعدا) بدلا من (15) من خلال القوائم المحلية، وامكانية الحصول على مقاعد أخرى من خلال القوائم الحزبية (لن تقلّ عن 5 بحسب توقعات)، بعد أن ألزم قانون الانتخاب الجديد الاحزاب بوجود امرأة من بين الاسماء الثلاثة الاولى في قائمة الترشح.. إضافةً لوجود فرصة للفوز لعدد من المرشحات (تنافسياً).. بمعنى أنّ المرأة قد تشغل نحو (25) مقعدا في البرلمان المقبل.
6 - تخفيض سن الترشح الى 25 عاما يشكّل فرصة تاريخية أيضا لـ «الشباب»، مع إلزامية أن يكون من بين الأسماء الـ «5» الاولى مرشح شاب (أقل من 35 عاما).
7 - تغيير تقسيمات وأعداد الدوائر الانتخابية (المحلية) جعل من الصعب جدا ضمان الفوز اعتمادا على عشيرة أو منطقة أو جهة لوحدها دون تحالفات واسعة، مما يضيف بعدا اجتماعيا ايجابيا مهمّا في الانتخابات.
8 - اعتماد نظام «العتبة» سواء للقائمة العامة - الحزبية -(2.5 %) وفقا لـ(النسبية المغلقة) أو القوائم المحلية (7 %)وفقا لـ(النسبية المفتوحة)، من شأنه أيضا منح مشاركة أوسع لعدد أكبر من القوائم الحزبية والمحلية، ( وان كان البعض يرى أنها قد تؤخر الوصول لمرحلة الأغلبية الحزبية البرلمانية، وبالتالي تؤخّر مرحلة الحكومات الحزبية).
** أما الجزء «الفارغ من الكأس» فلا بد من الاشارة الى الملاحظات التالية وبصراحة:
1 - لن يكون الانتخاب هذا العام وبالتجربة الاولى - وتحديداً للأحزاب -على الأغلب اعتمادا على برامجها الانتخابية ولا توجهاتها الحزبية، بل اعتمادا على أسماء المرشحين، وقوة تأثيرها وجماهيريتها وقاعدتها الشعبية القادرة على جذب مزيد من أصوات الناخبين وصولا وتجاوزا لـ «العتبة» (وهذا سبب تّأخّر و/ أو تردّد أحزاب بالافصاح عن قوائمها حتى الآن) حيث ينتظر كل حزب أسماء الأحزاب المنافسة، علاوة على انتظار انهاء (الحوارات أو الخلافات) على ترتيب الأسماء.
2 - معظم الاحزاب - وان اجتهدت في الوصول والتواصل مع الناخبين في جميع المحافظات وطرح برامجها - الاّ أنها في نهاية المطاف، أدركت أن نجاحها لن يعتمد الاّ على «الأسماء الوازنة»، وما تمثله من ثقل عشائري أو اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي..الخ.
3 - حتى على صعيد الأسماء النسائية في قوائم الأحزاب، هناك مفاضلات بين من هي الأقدرعلى جذب أكبر عدد من الاصوات، خصوصا وأنّ من سيتم اختيارها من الأحزاب الـ (5) الكبرى تحديدا فستكون شبه ضامنة للوصول الى قبة البرلمان.
** باختصار:
- انتخابات 2024 تجربة أولى للانتخاب «الحزبي»، ومقياس النجاح والفشل للتجربة سيعتمد على أمرين:
1 - أسماء الفائزين.
2 - أدائهم تحت القبة للسنوات الـ4 القادمة.
- «التجربة» خير برهان، والأداء تحت القبة فقط ما يعوّل عليه للمضي قدما بالتجربة الحزبية بنجاح حتى نصل في يوم من الأيام لمرحلة يتنافس فيها
(3 - 5) أحزاب فقط على تشكيل حكومات حزبية.