في الاعلام الاسرائيلي يتحدثون عن «المرحلة الثالثة» من حرب غزة. و قال اعلام اسرائيلي ان جيش الاحتلال بدأ الانسحاب من مناطق مأهولة، وتحديدا في مدن ومخيمات ونحو مناطق من غلاف غزة.
و اشار اعلام اسرائيلي الى ان الجيش خلق منطقة عازلة وفاصلة مع محور فلادليفيا وخط نتساريم، وهو خط يفصل بين شمال وجنوب غزة.
و تقول اسرائيل : ان المحور يزود المقاومة بممرات ومعابر وانفاق لتمرير السلاح والغذاء والدعم اللوجسيتي الى القطاع المحاصر والمنكوب. و المرحلة الثالثة افتراضية.. ويرددها قادة المؤسستين العسكرية والسياسية كدليل واشارة الى حرق مراحل في الحرب، واستدلال على انجاز ونصر عسكري وتحقيق لاهداف امام الرأي العام الاسرائيلي الغاضب والمحتج.
و معركة رفح، خاضها جيش الاحتلال بحجة وذريعة تصفية واجتثاث قيادات المقاومة وحماس وتدمير البنى التحتية لهما.
و قد دخلت معركة رفح شهرها الثاني، ولم يحقق جيش الاحتلال سوى مزيد من الابادة والقتل والتصفية الجماعية، والتجويع.
و فشل، والهزيمة والفشل حقيقة استراتيجية دامغة تواجه جيش الاحتلال منذ بدء حرب غزة.
و الحكومة في تل ابيب تتهرب من الحقيقة، وتتهرب من الاعتراف بان المقاومة واقع حال صعب انكاره، وانه لابد من اتفاق لانهاء الحرب، وينجز صفقة تبادل الاسرى، ويبحث عن صيغة سياسية ما لليوم التالي.
اطالة عمر الحرب رهان اسرائيلي، وبقاء الاحتلال في غزة مستحيل عسكريا واستراتيجيا.. واظن ان اسرائيل وامريكيا وحلفاءهم قد عرفوا جيدا المقاومة، وعرفوا ان استراتجية «النقطة صفر» التي تملكها المقاومة تعطل القدرات والامكانات المتفوقة للجيش الاسرائيلي، وصور المقاتلين وهم يطلقون النار ويزرعون العبوات في الدبابات والمدرعات من المسافة صفر كافية وخير دليل عسكريا.
المسافة صفر سلاح المقاومة، وليس سلاحا معنويا وتعبويا، بل انه قوة وميزة استراتيجية في الحرب.. والمقاومة تستثمر المسافة صفر، لان جيش الاحتلال في معادلة الحرب البرية والتوغل يتدراك مخاطر اي مواجهة مباشرة ميدانيا.
وفائض القوة العسكرية لجيش الاحتلال وقدرته على التدمير والابادة باستخدام الطائرات والمدافع يواجه بقدرات عسكرية متواضعة تملكها المقاومة، ولكنها حاسمة واستراتيجية، ومتصالحة مع الجغرافيا وتعقيداتها، ولذا فانها تعطي المقاومة قوة وشرطا للانتصار، ولاجبار العدو على الانسحاب والهزيمة.
و خفض التصعيد على جبهة غزة نغمة امريكية واسرائيلية.و يجري تسويقها لتخفيض التصعيد على جبهة لبنان. ويحاول نتنياهو وقادة تل ابيب التهرب من الاعتراف بنهاية الحرب، والاقرار بحتمية التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار وتبادل الاسرى.
وبعد الشهر العاشر لا يبدو ان اسرائيل وامريكا يملكان اي تصور حول اليوم التالي.و تل ابيب تلعب في تعطيل وعرقلة اي مسار تفاوضي، وتلقي بالاتهام على حركة حماس وقوى المقاومة في افشال الحلول والتوصل الى اتفاق. فماذا تملك اسرائيل وامريكا، اذن ؟ من الواضح ان فرضية النصر الاسرائيلي اصبحت مستحيلة، ومن سابع المستحيلات، وهذا ما قد يكون قادة واشنطن يدركونه !
و بات حتميا، ومن الواجب التسليم ان اليوم التالي في غزة سيكون للمقاومة وحماس، وعودة حكم بيروقراط المقاومة للقطاع المنكوب، وعودة مؤسسات واجهزة حماس الى ادارة شؤون القطاع.
وفيما يروج من وضع ضوابط وشروطا لحكم وادارة غزة بعد الحرب، فان امريكا تنكر الفشل العسكري الاسرائيلي وتنكر حقيقة المقاومة ووجودها في ظل هزيمة عسكرية اسرائيلية.
و ما تفكر به امريكا واسرائيل اليوم هو تلطيف وتليين شروط اليوم التالي، وزع ضوابط لعودة المقاومة للقطاع، والرهان على عمليات اعادة الاعمار والاغاثة الانسانية، والبحث عن وكلاء وأطراف اخرى لتكون شريكا على ادارة القطاع.