بقلم: د. رعد مبيضين - يظل الجدال حول المادة (100/أ/2) من نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم (33) لسنة 2024 غير مقنعٍ لمن صاغ هذه المادة، ولا يثير اهتمام الحكومة، بينما يواجه المجتمع الأردني ظروفًا معيشية غير مستقرة تنذر بأزمة متفاقمة ، آخر فصول هذه الأزمة تمثلت في وقف الحوالات المالية لآلاف الأسر الأردنية بعد تطبيق القانون الجديد، حيث يتبين أن المدافعين عنه يقعون في لغط يفقد مبرراته وذرائعه ، وكأن الجميع للأسف غداحقول تجارب لقوانين ظالمة ، حتى
الوزارات ومؤسسات القطاع العام لم تسلم ، وها هي حقول تجارب لقوانين قاسية تحصد الأخضر واليابس ، وهنا إذا كانت التداعيات تشير إلى رغبة في الإصلاح، كما يردد البعض ، فلا بد من بناء قوانين تعمل على تخفيف الحاجة الملحة التي تدفع الموظفين للعمل في وظائف خارج أوقات الدوام الرسمي ، في ظل تآكل الرواتب وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة، بالإضافة إلى المشكلات المرتبطة بالمتعثرين واستمرارية التعنت بعدم تطبيق القوانين والمعاهدات الدولية التي تمنع حبس المدين المتعثر ، فضلاً عن تداعيات قانون المالكين المستأجرين ، كل هذا وغيره يؤثر سلبًا على نفسية الموظف وأدائه، ويؤدي إلى مؤشرات إفلاس تتفاقم بسرعة، مما يهدد استقرار القطاع العام ، في ظل ماذا ؟! انعدام الأمان الوظيفي المهدد بسبب ما تتيح المادة (100/أ/2 للمرجع المختص بالتعيين ، و إنهاء خدمة الموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي بناءً على طلبه أو دون طلبه إذا استكمل شروط الحصول على التقاعد المبكر ، ومثل هذا الأمر يمنح السلطة للمرجع بإنهاء خدمة الموظف دون طلبه، مما يقلل من شعور الأمان الوظيفي لدى الموظفين الذين بلغوا سن التقاعد المبكر. هذا الشعور بعدم الأمان يؤثر على الأداء والتحفيز، حيث يشعر الموظفون بأن مستقبلهم الوظيفي مهدد حتى إذا كانوا ملتزمين بعملهم ، والكارثة أن كل ما ذكرنا يأتي في وقت ينعدم فيه التخطيط المالي المعقد وسط ضغوط معيشية لا يعلم بها الا الله ، والسؤال الملح : إلى متى كل هذا التخبط ، ولصالح من ؟!! نتحدث عن حقائق الرواتب التقاعدية المبكرة والتي غالبًا ما تكون مخفضة مقارنة بالرواتب الاعتيادية، مما يضع الموظفين في موقف صعب من حيث التخطيط المالي الشخصي ، ما يجعل الموظفون الذين يُحالون للتقاعد المبكر قد يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن مصادر دخل إضافية، وهو أمر معقد نظرًا لصعوبات العثور على فرص عمل جديدة، خاصةً مع القيود المفروضة على المتقاعدين مبكرًا فيما يتعلق بالعودة إلى سوق العمل ، هذا عدا عن
فقدان الكفاءات والخبرات ،من خلال إنهاء خدمات الموظفين الذين استكملوا شروط التقاعد المبكر ، مما يؤدي إلى فقدان الخبرات والكفاءات المتراكمة في القطاع العام ، هذه الكفاءات الوطنية التي تعتبر أساسًا لاستمرارية العمل بكفاءة وفعالية، وفقدانها يؤثر سلبًا على أداء المؤسسات الحكومية والخدمات التي تقدمها ، وإضافة إلى ما سلف فإن هناك
تأثير على المركز المالي للضمان الاجتماعي ، سيما وأن زيادة عدد المتقاعدين مبكرًا يضع ضغطًا كبيرًا على نظام الضمان الاجتماعي، حيث يزيد التقاعد المبكر من النفقات التأمينية دون زيادة متوازية في الإيرادات ، وهذا الوضع قد يؤدي إلى عجز مالي في صندوق القطاع العام لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي، مما يتطلب تدخلات مالية إضافية قد تضعف استدامة النظام على المدى المتوسط وليس البعيد فحسب ، مضافاً لذلك الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتقاعد المبكر الإجباري ، والذي يمكن أن يؤدي إلى تدهور المستوى المعيشي للموظفين المتقاعدين، حيث يجدون أنفسهم يعيشون برواتب غير كافية لمتطلباتهم المعيشية الأساسية مما يزيد من الضغوط النفسية والاجتماعية عليهم ، وخلاصة القول : المادة (100/أ/2) من نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم (33) لسنة 2024 تطرح مجموعة من التحديات التي تتطلب دراسة معمقة وتقييم شامل ، من الضروري وضع سياسات توازن بين الحاجة لتجديد الدماء في القطاع العام وضمان حقوق الموظفين واستدامة نظام الضمان الاجتماعي ،ووضع الحلول المحتملة لتشمل تعديل هذه المادة لضمان حماية أفضل للموظفين وتحقيق التوازن المالي المطلوب، مع وضع آليات لدعم الموظفين و المتقاعدين مبكرًا وإعادة ال 18% لهم ولو لتأمين مستوى معيشي لائق بالحد الأدنى لهم ، سيما وأن هذه النسبة حسمت من رواتبهم التقاعدية دون وجه حق ، كفاكم ولنتقي الله في أنفسنا وبلدنا ، حفاظاً على الراية الهاشمية الأغلى التي ننعم بفضل وجودها واستمرارها بنعمتي الأمن والأمن ، حفظ الله الوطن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .