تحول في منتهى الاهمية حول مستقبل غزة يقول إن هناك إزاحة قوية جدا من قبل الفاعلين الدوليين والإقليميين في أزمة غزة لأن تكون السلطة الفلسطينية هي من يستلم زمام الامور هناك لتيسير حياة الفلسطينيين في غزة وإدارة شؤونهم مع الاحتفاظ بدرجة من الاستقلالية لقطاع غزة. الانزياح لهذه الفكرة لم يكن لأن بديلها حكم لحماس هناك في غزة، فذلك امر محسوم دوليا بعدم قبوله، ولكن الانزياح الجديد ان السلطة ووجودها يأتي على حساب فكرة ان تدار غزة من تكنوقراط فلسطينيين مستقلين او كفاءات محلية وقيادات مجتمعية. المنطق خلف ذلك براغماتي عملي بحت وليس حبا بالسلطة، فاختيارها لأنها الاقدر وتمتلك شرعية سياسية قانونية، واسناد دولي نسبي، وهي من سيقدر على دعوة الاسناد العربي والاممي الامني والعسكري. السلطة تريد ادارة غزة لانها والشعب الفلسطيني برمته يعتبرون غزة جزءا من فلسطين، ولا يقبلون التقسيم بأي شكل من الاشكال، ويرفضون فكرة ان غزة امارة حمساوية، فذلك ضرب في مقتل للمشروع الوطني الفلسطيني اعتاش عليه وعمل على ازدهاره نتنياهو لسنوات طويلة.
التحدي امام السلطة ومن يساندها ويريدها ان تقوم بالاصلاحات الضرورية اللازمة والمطلوبة اقليميا ودوليا، وان ترسخ مبادئ الحوكمة التي يؤخذ عليها تجاهلها، وان تبادر وتقبل النقد على قاعدة السعي للاصلاح وانشاده وضرورات احقاقه. السلطة رسخت احترافية امنية مهمة في المرحلة الماضية، وحظيت هذه الخطوات بتقدير المجتمع الدولي، وزاد ذلك من رصيدها الدولي وقدرتها على المناورة، وقرب الشعب الفلسطيني من اقامة دولته خطوات ضمن فلسفة بناء المؤسسات تحت الاحتلال حتى تصبح الدولة الفلسطينية حقيقة ساطعة غير قابلة للنكران والابطاء. رغم كل ذلك، إلا أن الادارة والشفافية والحاكمية الرشيدة تحتاج لمزيد من التدعيم، لاسيما مع سلطة جل اموالها مساعدات من المانحين الدوليين، ولا بد هنا من التذكير ان هذا الامر افقد السلطة جزءا من حضورها السياسي وقدرة التأثير، فحتى اولئك الذين طالبوا بحكمها لغزة طالبوها بخطوات اصلاحية نوعية لتعزيز الشفافية والحاكمية الرشيدة.
حماس بطبيعة الحال لا تريد الا ان تكون هي الحاكم في غزة، ولن تقبل المغادرة او بديلا عنها هناك، مع ان هذا منطق غير مطروح دوليا تجاوزه النقاش بمسافات. العالم يقف مع الفلسطينيين في غزة وليس مع حماس، ولا يقبل حماس ان تعود للحكم، حتى لو عنى ذلك استمرار الاحتلال بمعناه الكامل على مسمع العالم وبصره، لذا فالافضل اما حكم تكنوقراط فلسطينيين مستقلين او عودة السلطة وانتهاء الانقسام الفلسطيني لتصبح حماس تعمل بالمشروع الوطني الفلسطيني من خلال منظمة التحرير، ويكون القرار الفلسطيني جمعيا موحدا يكسب احترام العالم ويجلب الدعم السياسي والاقتصادي اللازم، ويعيد الألق للمشروع الوطني الفلسطيني الذي ضربه الانقسام في مقتل واعطى نتنياهو حجة ان لا شريك فلسطينيا يتفاوض معه.