زاد الاردن الاخباري -
لم تشفع المطالبات والمناشدات التي قدمها سكان بلدة صمد، ودير يوسف وحبكا في لواء المزار الشمالي منذ أكثر من 15 سنة من تغيير واقع الحال بتخفيف الأضرار البيئية الناجمة عن وجود الكسارات بالقرب من منازلهم السكنية.
وحسب سكان فإنهم يعيشون في ظروف حياتية صعبة جراء الغبار المتطاير عن الكسارات والمقالع التي تحيط البلدات من جميع الجهات، ناهيك عن أصوات الانفجارات التي تحدثها الكسارات وحركة القلابات بالشوارع والتي أدت إلى هبوطها وتآكلها.
وقال المدير التنفيذي لبلدية المزار الشمالي إياد الجراح، إن الأثر الذي تحدثه مقالع صمد والخلاطات الإسفلتية أثر بالغ وله أبعاد صحية وبيئية وجيولوجية.
وأضاف: إن تلك المشاريع الاستثمارية لمنطقة صمد لم تأخذ بعين الاعتبار تعرض حياة الإنسان وصحته والأمراض الصدرية التي قد يصاب بها ومنها الربو بأنواعه، بخاصة الأطفال منهم وطلاب المدارس المحيطة، فغبار تلك المقالع يلتصق بملابسهم وصفوفهم محدثا أمراضا متعددة وذنبهم إنهم يعيشون كمواطنين كانوا قد سكن آباؤهم وأمهاتهم هناك.
وتابع: وذنبهم إنهم لم يتم استشارتهم وأخذ موافقتهم على إنشاء تلك المقالع المجاورة لسكناهم فبيوتهم تتصدع وصيانتها مكلفة حتى أصبح السكن فيها خطرا وهناك بلدة بأكملها قد هجرها سكانها وأصبحت خاوية علما أنها كانت عامرة عبر التاريخ.
أما بخصوص أشجار الزيتون والحدائق والأشجار الحرجية والنباتات، فأكد الجراح أنها أصبحت مغطاة بالغبار ويتراجع إنتاجها وتقل مساحتها وهذا يؤثر على مستوى الأكسجين وأصبحت تلك المناطق المحيطة طارده للنباتات والطيور والحيوانات معا.
وقال الجراح إن الانفجارات العميقة والمتكررة لها آثار على الجيولوجيا وطبقات التربة والصخور المكونة لبلدة صمد التراثية والتي صدعت أبنيتها التاريخية كما هو مصنع النسيج الذي تشققت جدرانه، يعمل به ما يزيد على 200 عامل وعاملة ليعيلوا أسرهم العفيفة والفقيرة.
أما بخصوص تأثير الانفجارات المنتظمة والمتكررة،ف أشار إلى إنها أحدثت تشققات عميقة والتي من الممكن لها، أن تؤثر على الطبقة الجيولوجية للمنطقة والداعمة والحاضنة للمخزون المائي بخاصة بئر الماء الوحيد والذي يغذي المنطقة بالمياه.
ولفت إلى تأثير الكسارات على شبكة الطرق المحيطة والتي تخدم أبناء المنطقة، وأن إنشاءها وصيانتها مكلف ولا تستطيع البلدية لوحدها معالجة تلك السلبيات.
وقال إن موازنة البلدية لا تزيد على 4 مليون دينار توزع خدماتها على 90 ألف مواطن يسكن ضمن حدودها، مبينا أن موازنة كسارة واحدة تزيد على موازنة البلدية.
وأكد الجراح أن تلك المقالع مرتبطة بسلطة المصادر الطبيعية ومرخصة دون الأخذ بعين الاعتبار خدمه المجتمعات المتضررة من نتاج تلك الاستثمارات غير الصديقه للمجتمعات والبيئة.
وزاد الجراح، إن نقلها أو إغلاقها أو تأهيلها حتى تكون استثمارات صديقة وجاذبة للبيئة المحيطة وسكانها هو مطلب البلدية والأهالي حتى يعيشوا بهدوء وسلام.
بدوره، قال د. مالك البدور ويقطن في قرية صمد، إنه منذ قرابة ثلاثة عقود ومشكلة الكسارات في قرية صمد تؤرق الصغار والكبار على حد سواء لما لها من آثار سلبية على الحجر والشجر والبشر، مبينا انه خلال السنوات الطوال الماضية وأهالي قرى صمد والزعترة والرحمة وحبكا ودير يوسف في لواء المزار الشمالي يوجهون النداء تلو النداء والمناشدة تلو المناشدة ولكن صُمت الآذان وما زال الأهالي يئنون ولكن لا ضمائر تسمع أنين الأطفال والشيوخ الناتج عن الربو الذي تسبب به غبار الكسارات وفلر (دخان) خلاطات الإسفلت.
وأشار إلى الآثار السلبية الجسيمة للكسارات، بحيث تصدعت وتشققت جدران المنازل جراء أعمال التفجير من عدة كسارات كل يوم لتصل للطرق الزراعية التي تدمرت نتيجة لمرور القلابات بحمولاتها المختلفة عليها على الرغم من أنه محظور عليها أن تسلك هذه الطرق ولكن لا رقيب يمنع ولا حسيب يردع.
ولفت البدور إلى أن هناك اختفاء لبعض الطرق الزراعية التي كانت تخدم المواطنين وتُمكنهم من الوصول لمزارعهم، فقد اختفت كلياً وزالت نهائياً عن الواقع بعد أن كانت معبدة، جراء جشع وطمع أصحاب الكسارات وهناك طرق أخرى في طريقها للاختفاء إن لم تتحرك الجهات الحكومية المعنية للحيلولة دون ذلك.
كما أشار إلى الأضرار التي لحقت بالشجر؛ فمزارع الزيتون المحيطة بالكسارات أوراق أشجارها تشكو الجور الذي لحق بها فغيّر لون أوراقها وحجم ثمارها وقلل إنتاجها بعد أن علا الغبار أوراقها وسيقانها وغيّر لون التربة من حولها.
وقال متصرف لواء المزار الشمالي د. عماد كنعان إن هناك لجنة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن تضم جميع الجهات المعنية لمتابعة ملف الكسارات في المنطقة وحصولها على التراخيص اللازمة ومدى التزامها بالشروط ووسائل السلامة العامة.
وأضاف أن لجنة الصحة والسلامة العامة في المحافظة تقوم بشكل دوري بجولات تفتيشية على الكسارات والمقالع الحجرية المنتشرة في المحافظة للتأكد من التزامها بالشروط الصحية.
وأكد كنعان أن التفجيرات تتم بأوقات محددة في اليوم وليست بشكل عشوائي وتتم بإشراف من الأجهزة الأمنية وخبراء متفجرات، مشيرا إلى انه تم تركيب مجسات في المناطق القريبة من الكسارات لقياس مدى الضرر وقوة التفجيرات، مؤكدا أن الكسارات تعمل ضمن رخصة قانونية صادرة عن الجهات المعنية.