في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، باتت قضية حل الدولتين للصراع العربي الإسرائيلي تفرض نفسها كضرورة لا بد منها لتحقيق الاستقرار في المنطقة ، ولعل التلميحات الدولية الأخيرة ، سواء من قبل الدول الموالية للسياسة الأمريكية أو تلك التي تدعو إلى التعددية القطبية بقيادة الصين، تشير إلى تحول جذري في السياسة الدولية يعكس إجماعًا عالميًا على ضرورة إيجاد حل دائم لهذا الصراع ، سيما وأن التداعيات والانعكاسات الناجمة عن استمرار هذا النزاع تجاوزت قدرة المجتمع الدولي على التحمل، مما يجعل حل الدولتين ضرورة ملحة ، وجدير بالذكر أن حل الدولتين مقترحًا قديمًا للصراع العربي الإسرائيلي، يقوم على إنشاء دولتين مستقلتين تعيشان جنبًا إلى جنب ، دولة فلسطين ودولة إسرائيل ، تم تبني هذا الحل في قرار مجلس الأمن 242 الصادر بعد حرب 1967، والتي شهدت احتلال إسرائيل لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهذا الحل يتطلب تراجع العرب عن المطالبة بتحرير كامل فلسطين والقبول بتسوية تقوم على تقسيم الأراضي ، في ظل التغيرات الدولية والإقليمية ، والتغيرات الدولية الأخيرة تعكس اتفاقًا ضمنيًا على أن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أصبح عبئًا لا يمكن تحمله ، خاصة وأن الأزمات الإنسانية المتفاقمة تنذر بكوارث ، والتكاليف المالية والسياسية المرتفعة على الدول الداعمة لإسرائيل أصبحت لا تحتمل ، و مع تصاعد الأحداث في غزة وزيادة الضغوط الدولية، بات واضحًا أن الاستمرار في الوضع الراهن لم يعد ممكنًا ، من هنا جاءت التوجهات الجديدة تشير إلى أن الإدارة الأمريكية تجد صعوبة متزايدة في الحفاظ على موقفها التقليدي ، و هذا التحول يعكس حتمية إقليمية ودولية نحو تبني حل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع ، و الدول الكبرى، بما فيها الصين وروسيا، بدأت تلعب دورًا أكبر في الدعوة لهذا الحل، مما يضعف الرواية الأمريكية التقليدية حول أطماع هذه الدول في المنطقة ، وهنا لا بد من الإشارة إلى
دور الإنسانيين في التغيير حيث يعد أحد أهم العوامل الرئيسية التي دفعت نحو التوجه لحل الدولتين ، و موقف الإنسانيين في المجتمع الدولي ، و هؤلاء باتوا يدعون إلى لغة جديدة تتضمن الاعتراف الكامل بحقوق الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، وتحقيق السلام الدائم ، وهذه اللغة الجديدة تفرض إعادة النظر في المعطيات القائمة، وتنسف نظرية المؤامرة التي تروج لها بعض الأطراف حول نوايا الصين وروسيا وإيران في المنطقة ، فضلاً عن أن الرؤية الإنسانية لا تنفي جملة
التحديات في المفاوضات
على الرغم من الإجماع الدولي على ضرورة حل الدولتين، حيث تظل هناك تحديات كبيرة، أبرزها إمكانية التفاوض مع حماس، التي تُصنَّف كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول ، وقد جاء الحل الإنساني المقترح يتضمن تشكيل وفد فلسطيني موحد يضم جميع الفصائل، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية كعضو في الوفد وليس كرئيس له ، لتترك الخيار للشعب الفلسطيني في اختيار مظلة لرئاسة الوفد، مثل الأردن، الذي يمتلك تاريخًا طويلاً في دعم القضية الفلسطينية ويمكنه لعب دور الوسيط النزيه بشكل قوي وفعال ، وهنا لا بد من التطرق إلى الأبعاد السياسية والاستراتيجية لجهة التوجه نحو حل الدولتين والذي يتطلب تغييرًا في الاستراتيجية الدولية، حيث يجب على الدول الكبرى تبني سياسات تدعم هذا الحل بشكل واضح وصريح ،و يجب على الإدارة الأمريكية تحديداً ، التعاون مع القوى الدولية الأخرى، والعمل على توفير ضمانات أمنية وسياسية للطرفين، بما يضمن تنفيذ الحل بشكل سلس ومستدام ، وأخيراً وليس بأخر نقول : إن حل الدولتين لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة حتمية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط ، والتغيرات الدولية والإقليمية، وضغوط المجتمع الدولي، والرغبة في تحقيق السلام الدائم، كلها عوامل تدفع نحو ضرورة التوصل إلى حل شامل ومستدام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ،و المجتمع الدولي، بقيادة الإنسانيين والدول الداعمة للسلام، يجب أن يبذل جهودًا مضاعفة لتحقيق هذا الهدف، بما يضمن حقوق الطرفين ويحقق الاستقرار في المنطقة المنكوبة والتي تعتبر فتيل التوترات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية العالمية ، بالتالي فإن
التوصل إلى حل الدولتين يمثل خطوة أساسية نحو بناء مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا لشعوب المنطقة، ويجب أن يتم التعامل معه بجدية وحرص لضمان تحقيق النتائج المرجوة ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .