رئيس الوزراء يخرج إلى الشارع مرافقاً الإخوان مسيرتهم من الحسيني يوم الجمعة 18/11 , وقد كَـثُر التعليق على هذا الخبر على صفحات الفيس , والتساؤل بماذا سيهتف دولته في المسيرة؟!! هل سيصطف للمطالبة بالإصلاح ؟؟ أم لمواجهة الفساد ؟؟
وهل يتناسى دولته كرئيس للسلطة التنفيذية , بأنه صاحب القرار والفعل في البدء بتحقيق ما نريد من إصلاح , يضمن ممارسة الديمقراطية بشكل حقيقي , وقدرته على البدء الفوري في مكافحة الفساد , ومحاسبة تخمة ليست بالقليلة ممن لا زالت في الحلقات المقربة من الملك , وهل بنزوله إلى الشارع مع الإخوان , إشعار بأنه يطلب الهدنة لمنحه مزيداً من الوقت , ظناً بأن الإخوان وحدهم في الشارع أو أنهم يتزعمونه ؟؟
ما يشير له الحدث أكبر أيضاً من تساؤلاتنا , يشير الحدث إلى وجود الصفقة التي كانت ظناً فيما سبق , وقد فاحت رائحتها منذ بداية التشكيل والمشاورات , أما في هذا الحدث , فقد بدأت تتضح الصور , وفي أقربها , هو تحول مسيرة الحسيني إلى المطالبة بسقوط بشار الأسد , وما يتطلبه هذا الشعار من فعل على الحدود بناءً على قرار جامعة الدول العربية , والذي سيكون غطاءً لدخول الغرب إلى سوريا كما دخلوا العراق , ومن ثم إعطاء المبرر في دخول الأردن إلى المعركة القادمة من أوسع أبوابها , ذلك بأن القرار السياسي للنظام متوافق مع الرغبة الشعبية في الأردن .
نحن لا ندافع عن نظام الأسد , فهو من أكثر الأنظمة العربية فساداً واستبداداً واستعباداً للشعب العربي السوري , ولكن المشكلة تكمن بأن النظام وأدواته , وعلى رأسها السلطة التنفيذية والإخوان , يخاطبون أوباما وما حالفه على الأمة العربية , من أنظمة متخمة بالعمالة للغرب الصهيوني , ومحترفة لخيانة الشعوب العربية .
نعم , هي الصفقة التي بدأت تتضح بإعطاء النظام الأردني الشرعية الشعبية في دخول المعركة , لتتحول الأردن بكياناتها إلى أداة طوعية بيد دول الملح , التي تاجرت بكرامة وحرية الشعوب العربية , مسيرة يوم الجمعة ستعطي وصمة الخيانة , والمتاجرة بالربيع العربي , لتحقيق كل الأطراف المتآمرة على حرية الشعوب مآربهم , فالأنظمة تريد الالتصاق بكراسيها إلى أبعد ما يمكن من التاريخ , وشركائهم يسعون إلى تحقيق الرؤية الأمريكية في تحول المنطقة برمتها إلى عملاء يتقنون حماية الكيان الصهيوني .
الإخوان لا يجيدون إلا أن يكونوا براغماتيين وإتقان لعبة التأزيم , في سبيل الإبقاء على تحالفهم مع النظام , لأجل حفنة من المكاسب السياسية على حساب شعب هـُمش على مرّ عقودهم , التي صعدوا خلالها منفردين في العمل السياسي وبمباركة من النظام , فحـرموا الأغلبية من أبسط حقوقها للعيش بكرامة وحرية .
هي ليست صفقة فقط , وإنما هي مؤامرة على الوجود الأردني في دولته وتاريخه , دولة الرئيس فتح الباب الأردني لحماس التي تلاعبت بمشاعر الكثير من العرب باكتساب تعاطفهم , والآن ينخرطون في المشروع الأمريكي الصهيوني بإدارة من حكومتنا المبجلة , وتعاون وشراكة من الإخوان , ليتحول هذا التنظيم إلى تيار سياسي قادر على العمل من ساحتنا الأردنية , والذي سيؤدي إلى الدخول في المراحل النهائية لحل القضية الفلسطينية على حساب أرضنا الأردنية , هذا السيناريو سيكون في مراحل متقدمة , ولكن بعد اغتيال الربيع العربي الذي بدأت تنفذه أمريكا, لامتلاكها الأدوات اللازمة والقادرة من خلال بعض الأنظمة العربية , والإخوان الذين تحولوا إلى أداة طوعية للرؤية الأمريكية , لمستقبل منطقتنا العربية في كنف الكيان الصهيوني .
إذن هي معركة التحول القادمة.. معركة الدخول إلى أحضان قطر , ذاك الملح المتهالك بالعمالة والتآمر , مضفياً رائحة نفطهم على أحلامنا بالاستقلال الثاني لتحقيق حريتنا وكرامتنا .