بالأمس أعلنت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان» في تقريرها السنوي عن مؤشرها لمكونات مناخ الاستثمار في الدول العربية للعام 2023، والذي جاء متباينا، فبعضها حقق تقدما على مستوى إقليمي وتراجعا على المستوى العالمي وبعضها العكس، ودول تراجعت في كلا المؤشرين، وجاءت هذه النتائج على الرغم من التباعد الجغرافي عن النقاط الساخنة في المنطقة والتأثر المباشر فيها.
هذا التقرير رصد أداء الاستثمار في الدول العربية قبل وخلال العدوان الصهيوأمريكي على قطاع غزة، انما في أشهره الأولى فقط، إضافة الى التغيرات الجيوسياسية العالمية الناجمة عن العملية العسكرية الروسية الخاصة في اوكرانيا، حيث تقدمت بعض الدول العربية في مؤشر الاستثمار الأجنبي نتيجة لانضمامها الى تكتلات اقتصادية جديدة بغية تنويع اقتصادها، وأخرى نوعت مصادر الدخل من الاستثمارات من خلال الخروج من عباءة الاستثمارات التقليدية الى أخرى متعددة.
وبالرغم من كل تلك التغيرات الهامة، لكن في 2024 قد تكون هذه المؤشرات مختلفة تماما في نهايته، خاصة مع تلك الدول التي تعتبر قريبة جدا من مشهد الحرب الوحشية الدائرة في قطاع غزة، ويرافقها الانقسامات والحروب الأهلية في عدد من الدول العربية، وكلها جميعا تولد حالة من عدم اليقين التي بالعادة هي عامل أساسي لهروب الاستثمارات.
وقوف العالم مكتوف الأيدي إزاء ما يدور في فلسطين التاريخية سواء في القطاع او الضفة الغربية وحتى في أراضي العام 48، أصبحت الآن احد الأسباب التي تخيف صناع القرار في دول المنطقة خاصة القريبة، في ظل رغبة الكيان الصهيوني في توسيع رقعة الصراع لتشمل دولاً أخرى، عدا عن أزمة مضيق باب المندب في اليمن والتي أرخت ستائرها على العالم أجمع.
هذا كله بالاضافة الى رغبة الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في إبقاء سيطرتها على العالم سياسيا واقتصاديا من خلال إذكائها لنار الحرب في العديد من الدول في الجغرافيا المختلفة، وعلى رأسها دعمها المطلق وغير المشروط لدولة الكيان الصهيوني لإبادة شعب بطرق مختلفة، على أساس انها تضفي شيئا من الاستقرار في المنطقة تحت مظلة «حماية إسرائيل».
هذه الأمور مجتمعة وغيرها قد يظهر... «الله أعلم» ، ستكون ذات أثر كبير على دول المنطقة العربية ومؤشرات الاستثمار لديها وانعكاساته على اقتصادات الدول العربية خاصة الهشة منها، ما يُنبئ بقادم كخيط صوف تشابك ويصعب فكه.
الأمر الآن بحاجة لإنقاذ الدول العربية أكثر من أي وقت مضى فاستمرار العدوان الإسرائيلي بهذا الشكل الفذ دون رادع سيكون حجر الأساس في عديد من الأزمات على رأسها الاقتصادية، مهما حاولت الدول منفردة في تجميل صورتها إلا أن هناك عوامل تطغى على أي مجهودات لصد ولو الشيء القليل من تداعيات هذا الاحتلال الغاشم والجاثم على قلب العالم العربي.