لاشك ان قرار وزير الصحة الاخير بشأن إلغاء لائحة تعرفة الاجور الطبية الجديدة كان صائبا تماما، وان هذا القرار لم يجعل من صحة الناس ضمن قرار يضمن لفئة مجتمعية تحقيق ارباح طائلة تحت دعوى معاناتهم من التضخم وارتفاع الاسعار، ليعوض هذا الامر من خلال استغلال حاجة الناس الصحية.
منذ بداية الجدل حول قائمة الاسعار الجديدة والعمل بها، ومحاولة نقابة الاطباء سرد الاسباب الموجبة لهذا القرار واعتبار شركات التأمين مستغلة لهم، وان من حقهم رفع اسعار الكشفية الطبية والاجراءات والعمليات بنسب يمكن وصف بعضها بالفلكية، وذلك وبحسب تعليل النقابة انه انفكاك من سيطرة واستغلال شركات التأمين لهم، انقلب الحق على الاطباء ونقابتهم خاصة بعد ان بلغت اسعار العمليات الجراحية والاجراءات الطبية مستويات شاهقة تتجاوز قدرات معظم الناس التي لا تتمتع بتأمين صحي ولا تتناسب مع اوضاعهم الصحية، ولا نبالغ ان هذه الاسعار تحتاج من المواطن الحصول على قرض كي يجري عملية جراحية.
نقابة الاطباء اتخذت اسبابا عدة لاجراء التعديلات على قائمة اسعارها، ومن ضمنها التضخم الذي اثر على دخولهم، على اعتبار انهم يعانون الامرين وان لديهم الحق كي يعظموا مكتسباتهم المالية من جيب المواطن المحتاج للعلاج، خاصة وان هذه الخدمات ليست رفاهية وانما حاجة حقيقية، ولم تراع النقابة قدرة الناس التي تتآكل لنفس السبب «التضخم»، لتستغل الامر أسوأ استغلال في خدمة تندرج تحت مظلة الحاجة وخارج نطاق الرفاهية.
كان منظور النقابة فيما يتعلق بالقائمة السعرية الجديدة احادي الجانب يتمتع بدرجة انانية واستغلال لوضع اقتصادي تنضوي تحته وتسوق ضمنه اسباب ومشاكل تاريخية مع شركات التأمين وفي نهاية المطاف المتضرر الاكبر هو المواطن، فلا ضير من السير فوق عذابات الناس الصحية لتحقيق اكبر قدر من الارباح.
قرار وزير الصحة في الوقت المناسب والغاء القائمة الجديدة جاء في الوقت المناسب حتى لا تتغول هذه الطائفة من الناس على معظم الشعب، وحتى لا تسهم في زيادة الضغط على جيب المواطن في اكثر احتياجاته الحاحا، ونعتقد ان القرار جاء لكي لا تسهم الوزارة في التضحية بالناس بأي شكل من الاشكال.
على نقابة الاطباء ان تراجع قسم اعضائها عند تخرجهم من كليات الطب، وانهم ملائكة رحمة، فاذا كان هناك حق لهم لينظروا حولهم ويسيروا ضمن اسس مقبولة في عملية تسعير خدماتهم المختلفة انما تحت حكم المنظق والعقل مع استبعاد استغلال الحاجة والضغط على عذابات الناس.
ان كلف الحياة مرتفعة على الجميع فليس من المنطق ان يراعي غير القادر المستطيع لتعظيم ثروته ومكاسبه، وليس من المنطق انتقاد الجهة التنظيمية المسؤولة عن القطاع والمتمثلة في وزارة الصحة والقول بان اجراءها غير قانوني.