زاد الاردن الاخباري -
عمان-أقامت جمعية النقاد الأردنيين بالتعاون مع منتدى الرواد الكبار ندوة بعنوان "المقاومة في أدب توفيق فياض"، القتها الدكتورة دعاء سلامة، واداتها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص.
حضر الندوة جمهور من المهتمين بالشأن الثقافي الى جانب مديرة المنتدى هيفاء البشير، التي قالت في هذه الندوة التشاركية ما بين منتدى الرواد الكبار وجمعية النقاد الأردنيين، ونستضيف فيها الدكتورة دعاء سلامة للحديث عن المناضل المبدع الفلسطيني (توفيق فياض) الذي نذر قلمه وحياته لقضيته الأولى فلسطين، شأن كل كاتب ملتزم، أخلص للحق ودافع عنه.
وأشارت البشير إلى أن توفيق فياض قضى في سجون الاحتلال أربع سنوات، حيث زادته عزيمة وتصميماً على المضي في النضال بعدما تم الافراج عنه في صفقة تبادل الأسرى مع مصر بعد عام 1973 ثم انطلق إلى بيروت وأنشأ دار نشر للأطفال، مؤكدة على أهمية مثل هذه الندوات التي تشحذ الهمم والالتفاف حول قضيتنا الأولى والتعريف بكل المبدعين والمناضلين الذين قدموا الكثير من أجلها وما زالوا.
دعت الدكتورة دعاء سلامة في بداية الندوة للوقف دقيقة صمت وجلال لأهلنا في غزة العزة والمقاومة الباسلة الأسطورية في كل من غزة والأراضي المحتلة وفلسطين الكبرى. فربما يمكننا القول بإن رواية "وادي الحوارث"، هي تمثيل درامي استشرافي للمقاومة والحق الأزلي في عروبة فلسطين.
واستعرضت سلامة أبرز محطات في حياة فياض المولود في قرية "المقيبلة"، قضاء جنين، حيث عايش الاحتلال طفلا أثر النكبة وتجرع مرارة التشريد والتعذيب، وعكس هذه حالة في باكورة أعماله "المشوهون"، في عام 1964 وثم مسرحية "بيت الجنون"، التي يدور موضوعها حول مرحلة ما بعد النكبة. ثم مجموعة قصصية "الشارع الأصفر"، ثم يخوض تجربة الاعتقال والسجن ثم المنفى فيغادر فلسطين عام 1974 في صفقة تبادل أسرى ويتابع مسيرته الإبداعية فيكتب روايته التسجيلية "مجموعة عكا 778"، ثم روايته "حبيبتي ميليشيا"، ثم مجموعة "البهلول". ثم رواية "وادي الحوارث".
وقالت سلامة إن أعمال فياض الأدبية تصدح بالمقاومة الباسلة التي نشهدها اليوم في غزة، فما زالت أصداء كلمات سامي بطل مسرحية "بيت الجنون"، يرددها كل غزي وغزية وكل مرابط في أرض فلسطين: "أليس من حقي الثورة لحريتي؟/ستدعون بأنني أعتدي على حريتكم/ ولكن إلى الجحيم.,, أنتم وحريتكم.../تلك التي تبنونها على حطام حرية الآخرين/حطام حريتي... حريتي أنا/لا.. لا.. لا../لن أكون عبداً لكم/وسأفعل ذلك وحدي/أجل. وحدي".
وقالت سلامة عندما نتحدث عن المقاومة في أدب فياض فإن رواية "وادي الحوارث"، تتصدر المشهد بامتياز. فهي بحد ذاتها عمل مقاومة نشرها فياض عام 1994 أي بعد معاهدة أوسلو، و"مثّلت ردة فعل وصرخة احتجاج من فيّاض المقاوم أطلقها في وجه (مؤتمر مدريد)، و(اتفاق أوسلو)" واختار أن تجري أحداثها المفصلية والدرامية في يوم واحد هو 15 أيار عام 1967 وهو اليوم الذي يعتبره الاحتلال الصهيوني ذكرى يوم الاستقلال، وفي الآن ذاته قبل عشرين يومًا من نكسة 1967. ماذا يعني هذا؟ كيف يستخدم فياض الزمن ليكون شاهدا حياً على الحق الفلسطيني ومقاومته الأزلية لهذا الكيان الغاصب المحتل.
فالرواية تتحدث وفق المحاضرة عن يوم تنفيذ العملية الفدائية التي سيقوم بتنفيذها أفراد عائلة عواد وعيد أبو غالي من خلال استخدام الزمن بتقنية عالية ومبدعة. وترصد الرواية نضال سكان "قرية الحرم، ووادي الحوارث"، المتمثلة بعواد وعائلته ورفضهم المبدئي التخلي عن أرضهم والانصياع لتهديد عثمان بيك وابنه كمال، وهو سليل عائلة إقطاعية تركية لا تنتمي لفلسطين، ولا ترى في الأرض إلا قيمتها الربحية ومردودها الرأسمالي بعيدا عن الهوية والوجود ، فيعمل بالترهيب والترغيب على الاستحواذ وشراء الأراضي من الفلاحين لتسريبها للمستوطنين، وبعد محاولات يائسة وآخرها المحاولة التي تعرض فيها للإهانة والاتهام بالخيانة من عواد وعائلته، يحيك مؤامرة دنيئة مع قائد المنطقة الكولونيل فوستر–المفعم بالمجد الإمبراطوري الإنجليزي وإرث الحروب الصليبية – لاعتقال عواد وتصفيته، ليسهل عليهم طرد السكان، وكسر شوكتهم، والاستيلاء على أرضهم، فتنجح المؤامرة بتلفيق تهمة حيازة الأسلحة وهي عبارة عن مسدس دسّه مساعد الكولونيل ديفيد اليهودي في طحين العائلة لتبرير الاعتقال والحكم الجائر بالإعدام".
وقالت سلامة عندما نتحدث عن المقاومة في أدب فياض فإن رواية "وادي الحوارث"، تتصدر المشهد بامتياز. فهي عمل مقاومة نشرها فياض عام 1994 أي بعد معاهدة أوسلو، حيث "مثّلت ردة فعل وصرخة احتجاج من فيّاض المقاوم حيث أطلقها في وجه (مؤتمر مدريد)، و(اتفاق أوسلو)" واختار أن تجري أحداثها المفصلية والدرامية في يوم واحد هو 15 أيار عام 1967 ما يعتبره الاحتلال الصهيوني ذكرى يوم الاستقلال، وفي الآن ذاته قبل عشرين يومًا من نكسة 1967. ماذا يعني هذا؟ كيف يستخدم فياض الزمن ليكون شاهدا حياً على الحق الفلسطيني ومقاومته الأزلية لهذا الكيان الغاصب المحتل. لنفهم ذلك أكثر لا بد من سرد ملخص للرواية ذاتها.
وأشارت سلامة إلى أن فياض اعتمد فياض في روايته "وادي الحوارث"، على وقائع تهجير سكان قرية "الحرم الساحلية قرب يافا"، إبان الانتداب البريطاني إلى "وادي الحوارث" وهجر أهل الوادي إلى مرج بن عامر، حيث إفساح المجال لليهود المهاجرين لإقامة مستوطنات خاصة بهم هو بمثابة تذكير صارخ بأن هذا الماضي لا يمكن أن يُنسى؛ فهذه الرواية هي السردية الفلسطيني مقابل السردية الإسرائيلية؛ وجوهرها التمسك بالأرض والمقاومة ضد الكيان الصهيوني الذي يستخدم كل الوسائل غير المشروعة واللأخلاقية لمحو آثار النكبة على الفلسطيني بالتشرد، وضياع الأرض، واللجوء، والنفي، وعلى الإسرائيلي بتحويلها إلى احتفال ورمز للاستقلال والانتصار والبعث.
وقالت سلامه رغم أن أحداث الرواية تقع في يوم واحد في حاضر السرد الروائي إلّا أنّها تسرد قصة عائلة عوّاد وعيد أبو غالي من أيام الانتداب إلى ما قبل النكسة وتبدأ بعواد وعيد اللذين قاوما المحتل وأعدمهما الانتداب، فعوّاد شنق بهتا وزورا، وعيد قتل في مجازر الترهيب والتهويل التي قامت بها العصابات الصهيونية لطرد الفلسطينيين واحتلال أراضيهم، أما أولادهم، أبناء النكبة وجيلها، فقد قرروا الثأر ومواصلة الكفاح من خلال تنفيذ عملية فدائية كبرى في ذكرى احتفال إسرائيل بالذكرى التاسعة عشرة "للاستقلال".
وخلصت سلامة إلى أن الرواية كشفت التشابك العضوي، والعلاقة المركبة بين السرد والذاكرة التي تعطي الحق الفلسطيني شرعيته التي لا يمكن التنازل عنها؛ لذا فالرواية ليست بكائية ولا يمكن أن ندرجها تحت مسمى "أدب الصدمة"، فهي صادمة وليست مصدومة؛ وهي بمثابة "مانيفستو المقاومة": لا سلام ولا استسلام قبل إرجاع الحقوق الكاملة لأهلها. وقد اختار فيّاض أن يبدأ السرد في لحظة الحاضر التخيّلي الآني على خط السرد باعتباره نقطة الارتكاز التي ينطلق منها الراوي في عملية السرد؛ لاسترجاع الماضي عبر الذاكرة، فالرواية رغم سردها للحاضر إلّا أنّها نتاج لوجود الماضي في حاضر الشخصيات.