زاد الاردن الاخباري -
في وداع الحبيب الدكتور عبدالله الجيوسي
عبدالرحمن الدويري
سلامٌ على قَطْرَةِ طُهرٍ تَبخّرتْ مِن نَهرِ مَوكِبنا.
سلامٌ على نَشْقَةِ عِطْرٍ تَسَلَّلَتْ من دَوحِ دعوتنا.
سلامٌ على نفسٍ سمتْ فوق أغراضِ كَثْرتنا.
سلامٌ على فِعالٍ بالصَّمْتِ ما لها صَبوة، وأقوالٍ بِوزن الخيرِ مُصِيباتٍ، فلا جُرْحٌ ولا نَبْوَة.
سلاماً يا أخاً في الله أوْدَعْنَاكَ إيمانا
على الإيمان رُبِّيْنا، وبالإيمانِ مَسْعَانا
فإنْ تَغْدُرْ بِنَا الدُّنيا، وتَصْرِمْ عُمْرَ أغلانا
ففي الجناتِ مَوعِدُنا، وعندَ اللهِ لُقْيانا
أتى النَّعيُّ
هَبَطَ البَلاءُ وزُفَّتِ الأرزاءُ **** وأتى النَّعيُّ وغُمَّتِ الأجواءُ
وَطَغَت على وَجْهِ الشُّعورِ كآبةٌ **** بعدَ السُّرورِ، وأظلَمَتْْ أضْواءُ
أَكَلَ الذُّبُولُ على الجَدَاِولِ زهرةً **** فَغَفا الرَّبيعُ، وتَاهَتِ الأنْداءُ
واستسلَمتْ للرَّمْلِ أطهرُ جَبْهَةٍ **** ومِنَ الجُفونِ تمكَّنَ الإغْفَاءُ
فعَنِ العُيونِ تَحَجَّبَتْ خُدَعُ الدُّنا **** وتَكَشَّفَتْ حُجُبٌ، وغابَ عناءُ
وتَمَسَّكَتْ رُوْحُ الْمَشُوقِ بِحَبْلِها **** فتَهَلَّلَتْ بِشْراً لها الأجواءُ
يا صَاحِبَ الوَجْهِ المنيرِ مِنَ التُّقى **** يا مُصْعِداً خيراً، هَدَتْكَ سَمَاءُ
هلَاَّ مَهَلْتَ أخِي، لَعَلَّ رِكَابَنا **** تَدْنُو لِرَكْبِكَ، أو يَكُونُ لقاءُ
إنَّا على عَهْدِ الإخَاءِ يضُمُّنا **** إنَّا إذا فُقْدِ التُّقَاةَ نُسَاءُ
أنت النّقيُّ من المعَايِبِ بيننا فأخو الكِتَابِ مُكَمَّلٌ مِرْقاءُ
أَتُرَى خَلَطْنَا، فارْتَأيْتَ فِراقَنا؟ أمْ هَلْ قَعْدْنا؟ والقُعودُ غَبَاءُ
أَتُرَاكَ ضَرّكَ أنْ تأخَّرَ رَكْبُنَا؟ **** أتُرَاكَ ضِقْتَ بِِخَيلِنا العَرجاءُ؟
فأثَرْتَ خَيْلَكَ بالسِّباقِ، وَمَنْ يُطِقْ **** مَعَكَ السِّباقَ بِخَيْلِهِ العَجْفَاءُ
تَاقَتْ إليْكَ رُبوعُ مَكَّةَ مُحرِماً **** وَلِبَيْتِ طُهْرِكَ طارَتِ الأهواءُ
فَقَصَدْتَها مُتَسَرْبِلاً ثَوْبَ الحَجِيــــــــــجِ بخُلَّتَيْنِ: تَوَكُّلٌ وَرَجَاءُ
وَغُمِسْتَ في نَهْرِ العَطَاءٍ مَكَرّماً **** فَصَدَرْتَ مِن رَانِ الذُّنُوبِ بَرَاءُ
حُيَّيْتَ مِنْ بَرٍّ يَمُورُ به الهُدَى **** مُذْ كان طِفلاً، والشَّبابُ صفاءُ
ما كانَ جَهْلٌ في الصِّبا، وتَحَصَّّنَتْ **** خَلْفَ اليَقينِ عَزِيمةٌ وَمَضاءُ
والآيُ في الصِّدرِ السَّلمِ هواؤُهُ **** والذِّكْرْ مِنْ هَمْزِ الرَّجِيمِ وِقاءُ
إنْ جَفَّ من عُوْدُ المساجِدِ مَاؤُها **** أَسْقَيْتَهَا نُوراً، وفاضَ إِنَاءُ
ماذا أقول؟ وهل يُوَفِّي حَقَّكُم **** بَعْضُ المقالِ؟ وَهَلْ يُفِيْدُ رِثَاءُ؟
هل يُرْجِعُ الدَّمْعُ السَّحِيْحُ مُحَمَّداً؟ **** أو يُشْبِعُ القلبَ الجَرِيحَ بُكاءُ؟
إنْ كَانَ مِنْ بَعْضِ المصَائِبِ سَلْوَةٌ **** أو كَانَ من جَثْمِ السِّقامِ مِنْ شِفَاءُ
فَتَبَسُّمٌ عِندَ المماتِ علامةٌ **** تُنْسِي الْمُصَابَ، ويستقيمُ عزاءُ
عبدالرحمن الدويري
ظهر يوم: 17/11/2011م