إن السباق من دول العالم إزداد بسرعة كبيرة للإنضمام لمجموعة بريكس ،فبعد إنضمام 5 دول مؤخرا للمجموعة خلال الإجتماع الماضي والذي عقد في جنوب إفريقيا العام الماضي وهي الإمارات وإثيوبيا والسعودية وإيران ومصر، أصبح المجموع الحالي لدول بريكس 10 دول ، شاملة الخمس دول المؤسسة وهي الصين وروسيا وجنوب إفريقيا والهند والبرازيل،والتي تقدر ناتجها الإجمالي مجتمعة قرابة 30% من الناتج المحلي العالمي وعدد سكان يقارب نصف سكان العالم.
لقد صرح نائب وزير الخارجية الروسية سيرجي ريابكوف أن هناك 30 دولة قدمت الطلبات الرسمية للإنضمام لبريكس وهناك 15 دولة أخرى تنوي تقديم طلبات الإنضمام وذلك في الإجتماع القادم لقادة بريكس في تشرين الأول في مدينة قازان الروسية، والمنوي خلال هذا الإجتماع وضع إستراتيجية بريكس القادمة وأهمها التخلص من الدولار في نظام المدفوعات والتبادلات التجارية والنفطية بين الدول الأعضاء وإمكانية إيجاد بديل للدفع سويفت والبحث عن عملة جديدة، وإذا تمت الموافقة على جميع تلك الدول التي قدمت طلبات الإنضمام وتلك التي تنوي الإنضمام سيصبح مجموع عدد دول بريكس 55 دولة.
والسؤال المطروح :لماذا تتسابق الدول للإنضمام إلى مجموعة بريكس الآن ؟
إن الإجابة على هذا التساؤل يكمن أنه ومنذ تأسيس بريكس عام 2006 كانت الدول المؤسسة عبارة عن أربع دول هي روسيا والصين والهند والبرازيل قبل أن تنضم إليهم جنوب إفريقيا عام 2010 ،وبقي عدد أعضاء بريكس خمسة أعضاء لغاية عام 2022 وعندها تغير مسار العالم بولادة حقيقية ونضوج واضح لقطب جديد بسبب ما يلي:
أولا: عند إندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية في شباط عام 2022 ،كانت نقطة التحول عندما شاهدت دول العالم محاصرة الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة لروسيا إقتصاديا والإستيلاء على أصول روسية تقدر ب300 مليار دولار ،في حين أن حرب فيتنام وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن التي شنتها الولايات المتحدة ودعمتها حلفاؤها لم يتم محاسبتهم على إرتكاب تلك الأفعال بسبب أن هناك قطب واحد يجبر العالم على تبني قرارته التي يفرضها.
ثانيا:حرب غزة والإنتهاكات لحقوق الإنسان والأعراف الدولية التي قامت عليها هيئة الأمم المتحدة وجميع مؤسساتها،لم تتمكن جميعها لغاية الآن من إيقاف الحرب ،وكذلك القرارات والإدانات الدولية من محكمة العدل الدولية والجنائية لم تستطيع إجبار إسرائيل على الإمتثال لقراراتها وإيقاف الإبادة الجماعية للفلسطينيين بسبب إزدواجية الغرب في معايره ودعمه لإسرائيل.
ثالثا: المضايقات الإقتصادية لبعض دول العالم من خلال التحكم بإقتصاداتهم عبر التخفيض غير المبرر لعملاتهم وإستغلال مديونياتهم من صندوق النقد الدولي كورقة ضغط سياسية ليدعموا المواقف الغربية في قضايا دولية غير عادلة.
وفي الختام كانت جميع دول العالم تراقب تصرفات الغرب خلال الثلاثين شهرا الماضية ،وجعلها جميعا تبحث عن طرق النجاة من أية تغول عليها في المستقبل او للخروج من مآزقها التي فرضت عليها ،وحيث أن بريكس لديه أهداف إقتصادية واضحة بأنه إنشأ بنكا للإنماء لإقراض دول الأعضاء بدون ضغوط سياسية ،وكذلك احترام السيادة والخصوصية لأي دولة من دول الأعضاء ،والتبادل التجاري في العملات المحلية،كلها أثرت على تلك الدول بالتسابق في طلب الإنضمام لمجموعة بريكس،ليتزن العالم بقطبين متوازنين وبدون تغول لأي طرف على الآخر او حتى على أعضائه ،فكل قطب سيبذل قصارى جهده للمحافظة على تلك الدول التي تتعاون معه ومسجلة في قائمته.
الخبير والمحلل الإستراتيجي والإقتصادي.
المهندس مهند عباس حدادين.
mhaddadin@jobkins.com