تحدثنا وكتبنا كثيراً، ودائماً ما تؤكد كتب التكليف السامي الملكي للحكومات المتعاقبة على ضرورة إيجاد حلول للبطالة وخاصة بين الشباب، خصوصاً أننا نعاني اليوم من نسبة بطالة مرتفعة جداً وذلك نتيجة أحداث سياسية إقليمية وهجرات سكانية أثرت على العمالة الأردنية والعجلة الاقتصادية لدينا، ومما لا شك فيه بأن البطالة داء مستفحل بحاجة لدواء فاعل، ويتميز بعلاقة عكسية، أي يؤثر على عملية النمو الاقتصادي، لأن تراجع النمو يؤدي إلى ارتفاع نسب البطالة بسبب قلة الاستثمار وعدم إيجاد مشاريع اقتصادية، وهذا من شأنه التسبب بحالة من عدم الثقة بين المواطن والنظام السياسي القائم، وبالتالي سينظر المواطن وخاصة فئة الشباب التي تشكل نسبة مرتفعة من المكوّن السكاني للحكومات على أنها ضابط أمن أو جابٍ لتحصيل الرسوم فقط.
اليوم، على الحكومة والحكومات القادمة المتعاقبة العمل على تخفيض أعداد البطالة التي أصبحت تشكل مشكلة حقيقية على المجتمع الأردني وخاصة بين الشباب المتعطل، إذ تشير الدراسات الأخيرة إلى أن النسبة تتجاوز 21 % وهذه طبعاً النسبة المعلنة والمقدرة بحسب الإحصاءات الرسمية وأرقام الجهات الرقابية، علماً أن هناك عدداً كبيراً من العمال يعملون بمهن وفي أماكن غير مسجلة بمؤسسة الضمان الاجتماعي، أو أماكن تستطيع الحكومة حصر العمالة فيها تم إخراجهم من أماكن عملهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، ما يعني أن النسبة أكبر من ذلك بكثير.
يتخرج سنوياً العديد من الطلبة وبأعداد تتجاوز الـ40 ألف خريج، بالمقابل لا يستطيع القطاع الحكومي استيعاب أكثر من 6 آلاف إلى 10 آلاف خريج سنوياً على أكثر تقدير، ما يعني ضرورة بدء الدولة الفعلي بالتوجه نحو التدريب المهني الذي يغيب عنه الأردنيون بشكل كبير، ومتروك للعمالة الوافدة من مختلف الجنسيات.
لقد أعلنت الحكومة من خلال رؤية التحديث الاقتصادي على أنها تهدف لإيجاد مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر القادمة، وهذا الرقم بحاجة إلى عمل اقتصادي حقيقي وتشجيع استثمار فعلي، وتعديل القوانين، وإبعاد المعرقلات، وفتح أسواق جديدة من خلال سفارتنا بالخارج، وإعطاء فرص ومنح للمستثمر الوطني قبل الأجنبي لتوفير هذا العدد.
الحكومة والحكومات القادمة أمام تحدٍ كبير، حيث إن البطالة ليست مشكلة اقتصادية وحسب، بل اجتماعية تؤثر على منظومة الدولة، فازدياد أعداد الجرائم من القتل والإرهاب وجرائم المخدرات أو الدعارة سببها الرئيسي ارتفاع نسب البطالة، واستغلال حاجات الشباب، لذلك يجب على الجميع التيقظ لهذه المشكلة التي نعاني منها وأن تكون هناك حلول قابلة للتنفيذ للتخفيف من البطالة التي تقتل الشباب وهم أحياء، ليبقى مجتمعنا مستقراً.