على الرغم مما تبذله القوات المُسلحة الأردنية- الجيش العربي والأجهزة الأمنية، من جهود مُضنية في حربها على تهريب المُخدرات، بأنواعها المُختلفة، إلا أن ذلك لم يمنع من ازدياد الاتجار والتعاطي والحيازة لهذه الآفة، إذ وصلت نسبة «الزيادة» العام الماضي إلى 25.21 بالمائة، مُقارنة بالعام 2022.
لن أتطرق في مقالي هذا إلى الآثار السلبية، المُترتبة على آفة المُخدرات، أكانت على الوطن ككُل أم على المواطن أم على الأُسرة، فتلك أمور قد تم بحثها وتمحيصها ومُناقشتها بكثرة، من خلال المقالات والندوات وورش العمل والأيام التوعوية.. لكن سأذكر على عجل عدد الجرائم الخاصة بهذه الآفة، ثم أُعرج على فئة الأحداث، التي نالها من هذا الضرر ما نالها، فتجميل الواقع ليس من مصلحة الوطن ومن قبله المواطن!
الأجهزة الأمنية المعنية تعاملت العام الماضي مع 22956 جريمة مُخدرات، بعد أن تعاملت مع 18334 جريمة العام 2022، الأمر الذي يعني أنه كان هُناك 62.9 جريمة مُخدرات يوميًا.. ومن المعلوم وما تؤكده الدراسات العالمية أن أكثر أجهزة دول العالم تقدمًا في هذا المجال لا تستطيع السيطرة إلا على 15 بالمائة من المُخدرات الداخلة إلى البلاد!.
وعندما يكون هُناك ازدياد في جرائم المُخدرات، فإنه حتمًا ستكون هُناك زيادة أيضًا في الاتجار والتعاطي والحيازة، فالأولى وصلت نسبة زيادتها إلى 38.72 بالمائة، والثانية بلغت نسبة زيادتها 19.73 بالمائة، مُقارنة بأرقام العام 2022.. وما يدعو للرعب أن نسبة الأحداث الذين يتاجرون بهذه الآفة قد ازدادت أيضًا وبنسبة 43.28 بالمائة، وكذلك ازدادت نسبة الأحداث الذين «يتعاطون» و»يحوزون» المُخدرات إلى 29.32 بالمائة.
تلك أرقام تدق نواقيس خطر، وليس ناقوسًا واحدًا، وتدعو وتؤكد ضرورة وضع خريطة عمل سليمة، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، لمُعالجة تلك الجرائم، خصوصًا أن كُل ساعة تحدث 2.6 جريمة مُخدرات.. خريطة عمل لا تقبل، أيًا كانت الظروف، وضع عراقيل أو التذرع بوجود مُعيقات، وذلك يتطلب شراكة صحيحة بين قطاعات المُجتمع كافة، فلا أحد يقول بأن دوري ينتهي هُنا، أو تلك مُشكلة بعيدة عني وأهل بيتي أو مكان عملي.
أهم عنصر أو حلقة من حلقات جرائم المُخدرات، ليس القائمون على تهريبها، ولا مُمولوها، ولا حتى مُتعاطيها.. إنما أهم عنصر هو ذلك «الوسيط»، ونستطيع أن نُطلق عليه «البؤرة السرطانية»، أو «أُس المُشكلة».
إذا كان هُناك معوقات في السيطرة على عمليات تهريب المُخدرات، خاصة إذا كانت إقليمية أو عصابات مُنظمة مسؤولة عنها، فحسب ما لدي من معلومات مُتواضعة، فإن السيطرة على «الوسيط»، ليست مُستحيلة وليست صعبة، كما هو الحال مع المُهرب أو التاجر.. أُكرر ثانية عندما نُسيطر على «الوسيط» أتوقع بأن 75 إلى 85 بالمائة من المُشكلة، تكون قد انتهت، أو على وشك الانتهاء.
خُلاصة القول إن تخفيض عدد جرائم المُخدرات، لا يحدث بلا خطط وجهود مُضنية، ومواصلة الليل بالنهار، كُل في مكان عمله، خصوصًا أن الأرقام الرسمية تؤكد مُسلسل ارتفاع جرائم المُخدرات عامًا بعد آخر.. وما يدعو للقلق أن مثل هذه الآفات، سبب رئيس لارتفاع الجرائم بشكل عام.