في حي شعبي مزدحم، حيث تتداخل الأصوات بين صخب الحياة اليومية وعبق التاريخ، يعيش “أحمد” صديقي، وهو شاب في الثلاثين من عمره، أحمد، كالكثيرين، لم يلقِ بالا للانتخابات النيابية التي ستجري قريبا أو حتى قبلها أو غيرها، فالعالم السياسي يبدو له بعيدا ومعقدا، ويشعر أن ليس له علاقة به.
التقيت به في أحد المقاهي الشعبية بوسط العاصمة عمان التي أحب “وسط البلد”، بعد أن تجمع مجموعة من الأصدقاء لي وله للحديث عن الحياة والعمل، استمع أحمد إليهم وهم يتحدثون عن الانتخابات المقبلة، لكن كل ما سمعناه كان عبارة عن آراء متناقضة، أحدهم يمدح حزبا معينا، وآخر يعبر عن عدم ثقته في أي حزب، أحمد الذي لا يعرف الكثير عن البرامج السياسية، شعر بالتردد.
وعند السؤال عن موعد الانتخابات، بدأ أحمد يتساءل: كيف يمكنني التصويت إذا كنت لا أعرف عن الأحزاب شيئا؟ وما الفرق بين القائمة العامة والقائمة المحلية؟!
فأجبته أنا: ان الأحزاب يا صديقي تتنافس لتقديم أفضل البرامج، لكن من المهم أن نبحث ونعرف من يمثلنا حقا، وبدأت اشرح له، عن كيف يمكنه ان يدلي بصوته عند ذهابه إلى مراكز الاقتراع، وانه سيقوم باستلام ورقتين ورقة بها القوائم المحلية وورقة آخرها بها القوائم الحزبية أو الوطنية أو العامة، وتابعت الشرح بكل سلاسة وكان مستمعاً جيدا، إلا أنني واثناء حديثي لفت انتباهي أن الجالسين معنا أصبحوا جميعا اذانا صاغية لحديثي، فوجهت الكلام لكل الجالسين.
في تلك اللحظة، أدركت أن أحمد أنه ليس وحده من يجهل المعلومات السياسية، فالعديد من أصدقائي يفتقرون إلى المعرفة الكافية حول كيفية التصويت، وما هي القوائم المحلية والعامة.
فنصحت الجميع ان يقوموا بقراءة المقالات، ومشاهدة البرامج التعليمية على الإنترنت، وأن يفهموا الفرق بين القائمة العامة التي تضم مرشحين على مستوى المملكة، وبين القائمة المحلية التي تشمل المرشحين الذين يمثلون منطقته أو دائرته التي يقطن بها.
بعد ذلك انتهى النقاش وكل واحد منهم ذهب إلى منزله، ورافقني “احمد” الى سيارتي لأوصله إلى منزله وطلبت منه أن يعود ويخبرني، ماذا سيفهم بعد أن يأخذ بنصيحتي ويقوم بالتثقف بعملية التصويت والاقتراع.
بالفعل، وبعد أيام عاد أحمد والتقينا وكان يحمل في نفسه كلاما مليئا بشغف المعرفة من كل معلومة جديدة قرأها، ومع حديثنا المتبادل شعرت أن شغفه يزداد، وكأنه أصبح أكثر إدراكا لمدى أهمية صوته.
ومن هنا قررت انه ومن واجبي كتابة هذا المقال على شكل قصة ولو مختصرة كي ندرك أن الغالبية منا كأحمد وعلينا جميعا أن نتحدى الجهل السياسي، والتسلح بالمعلومة كونها هي القوة، وان التوعية هي السبيل لبناء المستقبل، فدعونا نستعد للانتخابات بوعي، ولنضمن أن صوتنا يعكس تطلعاتنا وطموحاتنا، و في النهاية، يجب أن يعلم الجميع ان كل صوتٍ منا يُحدث فرقا. في مستقبلنا.